مع تكثيف جهود الوسطاء.. هل تدخل حرب غزة مرحلتها النهائية؟

الدفع باتجاه هذه الصفقة المحتملة يأتي في ظل جهود دبلوماسية حثيثة تبذلها عدة أطراف دولية وإقليمية
تتزايد المؤشرات حول اقتراب التوصل إلى صفقة تبادل والعودة لوقف إطلاق النار من جديد في قطاع غزة، خاصة مع تطورات المشهد السياسي والأمني في المنطقة، وزيادة جهود الوسطاء.
ويأتي الدفع باتجاه هذه الصفقة المحتملة في ظل جهود دبلوماسية حثيثة تبذلها عدة أطراف دولية وإقليمية، على رأسها، قطر ومصر والولايات المتحدة.
وأظهرت مصر خلال الفترة الماضية حراكاً سياسياً مكثفاً، من خلال استضافة وفود من الجانبين، والعمل على بلورة مقترحات تحظى بقبول أولي من الأطراف.
وكشفت القناة 13 الإسرائيلية، في تقرير لها، أن المفاوضات الجارية حاليًا بشأن صفقة تبادل الأسرى بدأت تأخذ منحى أكثر واقعية، حيث تتجه إلى صيغة مقترحة تشمل إطلاق سراح أكثر من خمسة أسرى إسرائيليين على قيد الحياة، ما يعكس اختراقاً محتملاً في الجمود الذي ساد الملف لفترة طويلة.
من جهتها، ذكرت قناة “كان” العبرية أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقد خلال الساعات الماضية جلسة تقييم أمني موسعة مع كبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى طاقم التفاوض المكلف بهذا الملف، وذلك على خلفية المقترح المصري الجديد بشأن الصفقة.
مقترح مصري
يتضمن المقترح المصري، بحسب ما نقلته القناة، الإفراج عن ثمانية أسرى إسرائيليين أحياء مقابل صفقة شاملة، تبدأ بوقف إطلاق نار مؤقت يمتد لخمسين يوماً، بالتزامن مع إدخال مساعدات إنسانية عاجلة إلى قطاع غزة، والشروع في مفاوضات لاحقة بشأن المرحلة الثانية من الصفقة، والتي يتوقع أن تتناول خطوات إضافية تشمل وقفاً نهائياً للحرب وانسحاباً تدريجياً للقوات الإسرائيلية من القطاع.
ويفهم من التقارير أن الولايات المتحدة تلعب دوراً فاعلاً في هذه المحادثات، بالتعاون مع مصر وقطر، في محاولة للوصول إلى صيغة مرضية لجميع الأطراف، تتماشى مع الحدود الدنيا لمطالب كل جانب.
ووفقاً لتقديرات مصادر مطلعة، فإن هناك توافقاً أولياً بين واشنطن والقاهرة حول مقترحات قريبة من السقف الذي قد تقبل به تل أبيب، لا سيما فيما يخص عدد الأسرى الإسرائيليين الأحياء الذين سيتم تحريرهم، وكذلك نوعية وأعداد الأسرى الفلسطينيين المقرر الإفراج عنهم من السجون الإسرائيلية.
وفي تطور لافت، أدلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتصريحات مباشرة حول هذه المفاوضات، وأعرب عن تفاؤله بإمكانية تحقيق تقدم ملموس، قائلاً: “نحن نقترب من إعادة المخطوفين إلى ديارهم”، مضيفًا: “نحرز تقدمًا واضحًا، ونحن على تواصل مستمر مع كل من (إسرائيل) وحماس”.
وبحسب المعلومات المتداولة، فإن المقترح المصري الذي وصف بأنه “جدي وعملي”، يتضمن إطلاق سراح تسعة أو ثمانية أسرى إسرائيليين أحياء، من بينهم الجندي الذي يحمل الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر، إضافة إلى تسليم ثماني جثث لجنود ومواطنين إسرائيليين.
وفي المقابل، ستفرج (إسرائيل) عن نحو 300 أسير فلسطيني، بينهم 150 أسيراً يقضون أحكامًا بالسجن المؤبد، كما تشمل الصفقة إطلاق سراح ما يقرب من 2200 أسير من أبناء قطاع غزة.
ويتضمن المقترح كذلك تمديد وقف إطلاق النار إلى 70 يوماً، تستأنف خلالها المفاوضات بشأن المرحلة الثانية، والتي قد تشمل بنوداً أوسع تتعلق بإعادة إعمار غزة ورفع الحصار وفتح المعابر بشكل دائم، إضافة إلى التزام حماس بتقديم معلومات مفصلة عن مصير بقية الرهائن المحتجزين لديها.
ضغوط دولية
الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي، أحمد موسى، أكد أن الأجواء الحالية تعكس حالة من الحراك السياسي المتسارع، وسط تزايد الضغوط الإقليمية والدولية لإنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من عام ونصف.
وقال موسى في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “الجهود الأخيرة خاصة الأمريكية منها تعد خطوة حقيقية نحو تهدئة شاملة ووقف لإطلاق النار، والدخول في مفاوضات من أجل هدنة طويلة الأمد”.
وأوضح موسى أن الولايات المتحدة تسعى إلى استغلال نفوذها السياسي والعسكري لدى دولة الاحتلال، للضغط نحو إبرام صفقة تساهم في تهدئة الأوضاع المتوترة في المنطقة، خاصة مع تصاعد الانتقادات الدولية بشأن استمرار الحرب وتداعياتها الإنسانية.
ويبدو أن واشنطن، التي تمارس دوراً غير مباشر في الملف من خلال قنوات اتصال مع قطر ومصر، تنظر إلى أي تقدم في هذا الملف كإنجاز سياسي يمكن أن يسهم في تعزيز استقرار المنطقة، وتخفيف التوترات المتزايدة في الساحة الدولية، حسب موسى.
أما دولة قطر، فتمثل طرفاً فاعلاً أيضاً في جهود الوساطة، لا سيما بما لها من علاقات وثيقة مع حركة حماس، وقدرتها على نقل الرسائل بين الأطراف بمرونة، مع مواصلة التنسيق مع مصر في العديد من المحطات، كما ذكر موسى.
ويرى موسى أن أحد الأسباب التي قد تجعل اقتراب موعد الصفقة هو تزايد الضغوط الداخلية على نتنياهو، خاصة فيما يتعلق بتقديم المئات من العسكريين وجنود وضباط الاحتياط مطالب بإنهاء الحرب من أجل استعادة الأسرى.