الاخبار

ما خيارات مصر والأردن لمواجهة “مقترح ترامب” حول تهجير غزة؟

إصرار ترامب على خطته يعتبره كثيرون تهديداً خطيراً للقضية الفلسطينية، وللأمن القومي المصري والأردني.

مجدداً يُصرّ الرئيس الأمريكي ترامب على خطته لتهجير سكان غزة إلى مصر أو الأردن، ويتكلم كما لو أنه يملك أمر تنفيذ، رُغم رفض الدولتين رسمياً وشعبياً، وأيضاً الرفض العربي المتكرر لأي محاولات تمس حق الشعب الفلسطيني وتمسكه بأرضه.

وبعد أيام من وصوله إلى البيت الأبيض، كشف ترامب عن خطة لتهجير مليون ونصف المليون من سكان غزة، إلى مصر والأردن ودول أخرى لم يسمّها، وعاد للتأكيد على ذلك بالقول إن البلدان سيستقبلان سكاناً من القطاع.

إصرار ترامب على خطته يعتبره كثيرون يشكل تهديداً خطيراً للقضية الفلسطينية، وللأمن القومي المصري والأردني على حدٍ سواء، كما أنه يمنح حكومة اليمين المتطرف في تل أبيب، ما فشلت عن تحقيقه خلال 15 شهراً من الحرب.

إصرار أمريكي ورفض عربي

ويبدو أن القاهرة وعمّان تواجهان ضغوطات كبيرة من قبل الإدارة الأمريكية الجديدة، وقال ترامب للصحفيين مساء الجمعة (31 يناير)، إنه على ثقة أن مصر والأردن ستستقبلان سكاناً من قطاع غزة، معلقاً على رفض الأردن لهذا الأمر بالقول: “سيأخذون سكانا من غزة، وأعتقد أن مصر ستفعل ذلك أيضاً”.

ويوم الخميس (30 يناير)، قال ترامب أيضاً، إن الولايات المتحدة تعمل الكثير من أجل مصر والأردن وأنهما سيفعلان الشيء نفسه، في إشارة ضمنية اعتبرها مراقبون إلى أن إدارته قد تقايض الدولتين بالدعم الذي تقدمه لهما، مقابل استقبال سكان غزة.

ومن المتوقع أن يستقبل الرئيس الأمريكي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الثلاثاء (4 فبراير)، لعقد أول اجتماع ثنائي بعد وصول ترامب إلى البييت الأبيض.

وقبيل مغادرته إلى واشنطن (2 فبراير)، قال نتنياهو في تصريحات صحفية: “سأناقش مع ترامب الانتصار على حماس، واستعادة المختطفين، والتصدي للمحور الإيراني”، مضيفاً: “قراراتنا خلال الحرب غيرت الشرق الأوسط، وسنعزز أمن إسرائيل ونوسع دائرة السلام”.

وسبق أن نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” (27 يناير الماضي) عن مسؤولين في إدارة ترامب قولهم، إن “الولايات المتحدة والشركاء الإقليميين يمكن أن يقدموا ضمانات بالسماح للفلسطينيين بالعودة في نهاية المطاف، موضحين أن “هذه الضمانات تهدف إلى جعل الفكرة أكثر قبولا من الناحية السياسية للدول العربية”.

كما قال مسؤولون في الإدارة إنهم ينظرون إلى غزة على أنها “أرض قاحلة مليئة بالأنقاض والذخائر غير المنفجرة، والتي سيتم تسهيل إعادة إعمارها بشكل كبير من خلال رحيل سكانها”.

وأوضح مسؤول كبير في إدارة ترامب، أنه “لا يمكنك المطالبة ببقاء الناس في مكان غير صالح للسكن لأسباب سياسية”، مضيفا أنه “قد يتم تزويد الفلسطينيين بضمانات بأنهم يستطيعون العودة في نهاية المطاف بعد المفاوضات مع الشركاء الإقليميين”.

لكن في المقابل، لا يقتصر رفض مخططات تهجير الشعب الفلسطيني على مصر والأردن، إذ أكد اجتماع “السداسية العربية” (1 فبراير) والذي يضم وزراء خارجية قطر والإمارات والسعودية ومصر والأردن وفلسطين، والجامعة العربية، رفضه المساس بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، ومحاولات تهجيره من أراضيه بأي صورة، وتحت أي ظرف، موكداً الدعم الكامل لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه.

وشدد البيان على أن محاولات تهجير الشعب الفلسطيني، من أرضه، يهدد الاستقرار وينذر بمزيد من امتداد الصراع إلى المنطقة، ويقوض فرص السلام والتعايش بين شعوبها.

الدول الست، دعت في بيانها الختامي المجتمع الدولي وفي المقدمة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي، إلى ضرورة البدء الفعلي بتنفيذ حل الدولتين، لحل جذور الصراع والتوتر في الشرق الأوسط.

“لمسة إسرائيلية”

ويحمل مقترح ترامب في طياته “لمسة إسرائيلية”، إذ لطالما صرح قادة “إسرائيل”علناً منذ بدء الحرب في غزة (7 أكتوبر 2023)، بضرورة تهجير سكان غزة نحو مصر، الأمر الذي أفشله موقف الحكومة المصرية من جهة وصمود الفلسطينيين على أرضهم من جهة أخرى.

كما تزامن مقترح الرئيس الأمريكي مع خطة قدمها رئيس الأركان الإسرائيلي هيرتسي هاليفي للجنة الخارجية والدفاع في الكنيست خلال جلسة جرت الثلاثاء (25 يناير) حول كيفية تهجير سكان قطاع غزة إلى مصر.

وبحسب ما ذكرت القناة السابعة الإسرائيلية (29 يناير)، فإن خطة هاليفي تنص على السماح لـ “سكان غزة بالخروج من معبر رفح إلى مصر، ولكن في اتجاه واحد فقط ولن يتمكنوا من العودة إلى غزة، وسيقوم جهاز الشاباك بمراقبة دقيقة بالكاميرات لكل من يخرج”.

وحول هذا يقول المحلل السياسي الأردني منذر الحوارات، أن دولة الاحتلال أقنعت سراً الرئيس الأمريكي أن قطاع غزة لا يزال يحوي عناصر قوية من “حماس”، وبالتالي هناك حاجة إلى إجراءات عسكرية كبيرة، وربما تستخدم فيها وسائل قاسية من الضربات الجوية والأرضية، وهذا يتطلب إخراج السكان حتى لا يكون هناك كلفة بشرية كبيرة مضيفاً في تصريح لـ”الخليج أونلاين”:

  • هذا يخفي في طياته محاولة إسرائيلية حثيثة لتهجير الغزيين، وقد حاولت ذلك ابتداء من دفع الناس من الشمال إلى الوسط، ومن ثم الى الجنوب علّهم يذهبوا الى الحدود المصرية ويهاجروا، لكن هذا لم يفلح، فقد صمد السكان رغم كل التحديات.

  • “إسرائيل” الآن تتبع أسلوب آخر، وهو محاوله تحقيق ما يعرف بالتهجير الطوعي، بحجة أنه من الصعب إعادة إعمار القطاع في فتره وجيزة، وربما من خلال أعوام، وهذا يتطلب تهجير السكان.

  • ترامب يتحدث على اعتبار أن العملية ميكانيكية لا تحمل في طياتها آثاراً أخرى، أو هكذا أُقنع، لكن مصر والأردن تريان غير ذلك تماماً.

  • تؤكد القاهرة وعمّان أن القضية الفلسطينية لها أبعاد تاريخية قانونية لا يمكن أن تُحل في إطار الحلول المؤقتة، بل هي بحاجة إلى حل جذري من الأساس.

  • هل الحل يحب أن يكون على أسس الشرعية الدولية، لكن أن ترامب ونتنياهو يرفضاه ولا يؤمنان به.

  • الأردن ومصر تتلقيان المساعدة من الولايات المتحدة، وبالتالي فكرة قطع هذه المعونات سيكون لها تأثير مهم البلدان.

  •  مصر ذات اقتصاد كبير كما تشكل المساعدات الأمريكية جزء مهم من الموازنة الأردنية، وبالتالي سيتضرر البلدان، فضلاً عن أنهما يأخذان قروض باسم الولايات المتحدة من البنك وصندوق النقد الدوليين، وهذا يتطلب أن يجد الأردن ومصر مسارات سياسية لوقف التفكير الترامبي.

  • السيناريو يتمثل في أن أن تتوجه الأردن إلى الاقليم وإلى دول العالم، وهذا ما بدأ بالفعل من خلال اللجنة السداسية العربية التي انعقدت في مصر وأكدت على رفض فكرة التهجير ودعم إعادة إعمار القطاع.

  • هذا النهج جزء أساسي لتمكين الغزيين من الصمود والبقاء في أرضهم، فضلاً عن رفض فكرة التهجير التي طرحها ترامب، مع تقدير جهوده في حل قضية الأسرى واتفاق وقف إطلاق النار بغزة.

  • من الخيارات أيضاً، أن يتوجه الأردن إلى دول الإقليم، إلى تركيا مثلاً وإلى المنظمات ذات البعد الاقليمي المعولم مثل الاتحاد الاوروبي، وقد وقع الأردن اتفاقية تعاون ودعم استراتيجي مع الاتحاد الأوروبي لدعم موازنته والمجتمع المدني.

  • من المتوقع أن يذهب العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني باتجاه الصين وربما يتحدث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومن ثم سيذهب الى الولايات المتحدة في نهاية كل ذلك، محملاً بدعم إقليمي ودولي وعربي وإسلامي أيضاً، لرفض فكرة تجاهل القرارات الدولية هيمنة القوة على القانون، للعودة مرة ثانية إلى النظام الدولي المبني على القواعد.

  • لدى مصر والأردن أسلحة كثيرة لم تستخدمانها بعد، أسلحة تتعلق باتفاقية السلام، وأخرى تتعلق بالتعاون الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، والقواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة، ولكن هذه الأسلحة مؤجلة للحظات الصفرية كما يقال، لأنه حتى الآن باب المفاوضات مفتوح.

  • ربما يكون حديث الرئيس دونالد ترامب تكتيكي، ولكن نمط الثقة التي يتحدث بها، تهدف لزعزعة ثقه المواطنين في الدولتين بقيادتهما، من خلال تصوير الأمر وكأن هناك اتفاق سري لا يعلم به الناس، وبالتالي يتسبب ذلك بخلق حالة من عدم الثقة بين هذه القيادات وبين الشارع، ومن ثم خلق بلبلة، ووراء كل ذلك باعتقادي نصائح إسرائيلية تدرك نقاط ضعف كل مجتمع، وتدرك كيف يمكن التأثير عليه والضغط عليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى