الاخبار

ما خيارات الوسطاء في ظل حالة الإحباط من بطء مفاوضات غزة؟

وزير الدولة بالخارجية القطرية أشار إلى أن بلاده تشعر بالإحباط من بطء سير المفاوضات.

نتنياهو يصر على استمرار الحرب في غزة ويعول على الخيار العسكري في ظل الصمت الأمريكي.

حالة من عدم الرضا يبديها الوسطاء تجاه سير عملية التفاوض بين حركة “حماس” و”إسرائيل”؛ بسبب التعنت واتساع الهوة بين اشتراطات الطرفين، وتغليب مصالح رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو السياسية على ضرورات إيقاف الحرب واستعادة الأسرى.

هذا ما ذهب إليه وزير الدولة بالخارجية القطرية محمد الخليفي، والذي أشار الأحد (20 أبريل)، إلى أن بلاده تشعر بالإحباط من تباطؤ عملية التفاوض، مؤكداً أن أرواحاً باتت على المحك.

الامتعاض القطري من سير المفاوضات، يأتي في الوقت الذي يدفع اليمين المتطرف في “إسرائيل” باتجاه التصعيد في غزة، بهدف الضغط على “حماس”، في الوقت الذي تبدي الأخيرة استعداداً للتوصل إلى اتفاق شامل ينهي الحرب ويعيد الأسرى.

وتسببت هذه الحالة من اللاتقدم في مسار المفاوضات، بحالة إحباط في أوساط الوسطاء، وهذا ما جاء على لسان وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية، في حديثه لوكالة الصحافة الفرنسية، مؤكداً استمرار العمل لإحياء اتفاق غزة رغم الصعوبات.

وبالنظر إلى المعطيات، يتضح أن نتنياهو هو من يعيق المفاوضات؛ بسبب إصراره على فرض شروطه، ومواصلة العدوان على غزة، وهو ما أكده مؤخراً بإصدار تعليمات للجيش بزيادة الضغط على “حماس”، مؤكداً أنه لن يقبل بالشروط التي وضعتها الحركة.

موقف “حماس”

أما “حماس”، فبالرغم من استعدادها للبدء الفوري بمفاوضات شاملة، إلا أنها من الصعب أن ترضخ لاشتراطات نتنياهو، خصوصاً ما يتعلق بالتخلي عن السلاح، أو قبول أي صفقة بدون إنهاء الحرب والانسحاب من القطاع.

وقال خليل الحية، رئيس “حماس” في غزة، قبل يومين، إنها على استعداد للبدء الفوري بمفاوضات لإطلاق سراح جميع الأسرى، مقابل عدد متفق من الأسرى في سجون الاحتلال، وإيقاف الحرب، والانسحاب من القطاع.

وفي منتصف أبريل الجاري، تلقت “حماس” مقترحاً من الجانب المصري، يشمل إطلاق سراح نصف الأسرى في الأسبوع الأول من الاتفاق، وهدنة مؤقتة لمدة 45 يوماً مقابل إدخال الطعام والإيواء، إضافة إلى بند يتضمن نزع سلاح المقاومة وهو ما ترفضه الحركة.

أسباب التعثر

وثمة أسباب عديدة لعدم التقدم في مسار المفاوضات، يتعلق الجزء الأكبر منها برئيس حكومة الاحتلال، ووفق الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة.

وأضاف الحيلة في تصريح لـ”الخليج أونلاين”، أن “هناك العديد من العوامل التي تعيق التوصل لاتفاق، منها عدم رغبة نتنياهو بوقف الحرب بموجب اتفاق مع المقاومة وحركة حماس؛ بسبب خشيته من المحاسبة والسجن وانتهاء حياته السياسية، بعد أن ظن نفسه ملكاً لإسرائيل”.

وأشار إلى أن وقف الحرب، “سيؤدي لتشكيل لجنة تحقيق رسمية، يُتوقّع أن تُدين نتنياهو وحكومته وتحمّله مسؤولية الفشل في السابع من أكتوبر 2023 والفشل في تحقيق أهداف الحرب المتمثلة في القضاء على حماس، وإطلاق سراح الأسرى بالقوة، وتأمين المستوطنات وصناعة اليوم التالي لغزة وفق معايير احتلالية، أي التحكم والسيطرة”.

ونوّه الحيلة إلى أن توقف الحرب سيسرّع إجراءات محاكمة نتنياهو بتهم الفساد، وربما يقوده ذلك إلى السجن، فضلاً عن أن معظم استطلاعات الرأي تشير إلى أن أي انتخابات تجري الآن، ستفضي لخسارته وائتلافه للأغلبية البرلمانية.

ويرى أن “اليمين الصهيوني المتطرف، بقيادة نتنياهو، لديه أجندة سياسية أيديولوجية تتعلق بضم الضفة الغربية واحتلال غزة، وربما التّمدّد خارج فلسطين التاريخية كما يجري في لبنان وسوريا، وهم يرون في استدامة الحرب فرصة لتحقيق تلك الأهداف لا سيّما في ظل تراجع إدارة الرئيس ترامب عن اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع مع حماس في يناير 2024”.

نقاط ضعف نتنياهو

وتطرق الحيلة إلى نقاط ضعف نتنياهو، والمتمثلة في الرأي العام الإسرائيلي الذي يطالبه بوقف الحرب على غزة وإطلاق سراح الأسرى، مشيراً إلى أن عدد المطالبين بذلك بلغوا 70% من المجتمع، إضافة إلى عرائض الاحتجاج النخبوية على استمرار الحرب.

ومن تلك النقاط أيضاً، الموقف الأمريكي، مشيراً إلى أن إدارة ترامب “عندما أرادت إيقاف الحرب، ألزمت نتنياهو بالتوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، عبر زيارة مباشرة لمبعوثها ستيف ويتكوف إلى تل أبيب، رغم انقلابها لاحقاً على ذلك الموقف، تحت تأثير اللوبيهات الصهيونية في الكونغرس وواشنطن”.

وقال الكاتب والمحلل السياسي لـ”الخليج أونلاين”: “يبقى الضوء الأخضر الأمريكي سبباً جوهرياً في استمرار العدوان، وعدم التزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار، ولكن ذلك قد يكون مرهوناً في قادم الأيام بزيارة مرتقبة للرئيس الأمريكي إلى السعودية ودول أخرى في المنطقة”.

ولفت إلى أن نجاح تلك الزيارة، “قد يتطلب هدوءً ووقفاً للعدوان على غزة باتفاق جديد يسمح بدخول المساعدات”، لافتاً إلى أن الخشية تبقى من أن يتعرض أي اتفاق جديد لانتهاكات إسرائيلية جديدة.

مرحلة حاسمة

ويبدو أن البطء في سير المفاوضات، يعود لكونها وصلت إلى مرحلة حاسمة، حيث بدأ الحديث عن إنهاء الحرب وإعادة الأسرى، وغيرها من الصيغ التي تضع استحقاقات أمام نتنياهو و”حماس”، وفق المحلل السياسي عصمت منصور.

وأضاف منصور في تصريح لـ”الخليج أونلاين”، أن إنهاء الحرب “يضع نتنياهو أمام تساؤلات حول ما تحقق من أهداف الحرب، وسلاح حماس، وحكمها، وما تحقق من تلك الأهداف”.

وأشار إلى أن أي اتفاق على الوضع القائم، يعرض ائتلاف نتنياهو الحاكم للخطر، بل ربما يسقطه فوراً، وبالتالي فإن نتنياهو يريد أي صيغة اتفاق لا تنهي الحرب.

واستطرد قائلاً: “حماس كذلك تدرك أنه لم يتبقى أسرى كُثُر، 24 أسيراً حي من أصل 59، وأي صفقة تفقدها نصفهم، سوف تضعف قدرتها على المساومة، وبالتالي هي تريد أن تستغل ما تبقى من الأسرى، لإنهاء الحرب”.

وأوضح أن التوصل إلى اتفاق نهائي شبه مستحيل، إلا في حال حدث تدخل أمريكي مباشر، من خلال الضغط على نتنياهو، لافتاً إلى أن “الولايات المتحدة تتشارك حالياً مع إسرائيل في أهداف الحرب، وبالتالي سيكون من الصعب حدوث مثل هذا التدخل الذي يتطلب أفقاً سياسياً ومشروعاً إقليمياً”.

خيارات الوسطاء

ويبدو أن خيارات الوسطاء قليلة من وجهة نظر المحلل السياسي عصمت منصور، والذي أوضح أنهم لا يملكون أوراق ضغط قوية على “إسرائيل”.

وقال منصور: “الطرف الوحيد الذي يملك تلك الأوراق هي أمريكا، لكنها لا تستخدمها لأنها تتشارك مع نتنياهو في أهداف الحرب”.

ونوّه إلى أن أطراف الوساطة وتحديداً مصر وقطر، وأيضاً السعودية “بإمكانها أن تضغط لإنجاز تفاهمات فلسطينية، لدفع السلطة لاتخاذ خطوات باتجاه المصالحة مع حماس، وإعادة بناء النظام السياسي، والضغط على حماس وتحفيزها للذهاب إلى التخلي عن غزة، وحل أزمة سلاحها، عندها يمكن أن يكون هناك مدخل للحديث عن إنهاء الحرب”.

وتابع منصور: “أحياناً نشعر أن هذه الحرب بلا نهاية، بسبب أن حماس ليس لديها خيار آخر، سوى أن تستمر في القتال أو أن تُمحى، ونتنياهو لا يوجد لديه خيار آخر سوى الحرب أو يفقد كل شيء بما في ذلك المكاسب التي حققها إقليمياً”.

واختتم حديثه بالقول: “باعتقادي أن إنهاء الحرب لا يكون إلا من خلال حل إقليمي يأتي بتوافقات فلسطينية وحكم جديد وإدارة جديدة، وسلطة يتم إعادة بناءها بمشاركة الجميع، مع إمكانية تطبيع العلاقات بين دول المنطقة وإسرائيل”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى