ما خيارات الفلسطينيين لمواجهة مقترحات ترامب حول غزة؟
أكد الرئيس الأمريكي، أن الولايات المتحدة ستتولى السيطرة على قطاع غزة بعد تهجير سكانه إلى أماكن أخرى حول العالم.
عاد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب إلى التصعيد في مقترحاته بشأن قطاع غزة، حيث عرض خطة للسيطرة عليه وإعادة إعماره تحت إدارة أمريكية، مع اقتراح تهجير سكانه الفلسطينيين إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن.
قوبل مقترح ترامب برفض واسع من قبل السلطة الفلسطينية والفصائل الوطنية، إضافة إلى عدد من الدول العربية، وسط دعوات لاتخاذ خطوات لمواجهة هذه المقترحات والعمل على إحباطها ومنع تنفيذها على الأرض.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أكد أنه لن يسمح بالمساس بحقوق الشعب الفلسطيني، معبراً عن رفضه الشديد لدعوات الاستيلاء على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين خارج وطنهم.
وقال عباس في بيان رسمي: “هذه الدعوات تمثل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، ولن يتحقق السلام والاستقرار في المنطقة دون إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس على حدود الرابع من يونيو لعام 1967، وفقًا لحل الدولتين”.
من جانبها، أعلنت حركة “حماس” رفضها القاطع لمقترحات ترامب الرامية إلى احتلال قطاع غزة وتهجير سكانه، وأكدت في بيان رسمي أن “هذه التصريحات معادية لشعبنا الفلسطيني ولن تخدم الاستقرار في المنطقة، بل ستزيد التوتر وتفاقم الأوضاع”.
جاءت تصريحات ترامب خلال مؤتمر صحفي عقده مع رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عقب اجتماع في البيت الأبيض يوم الثلاثاء 4 فبراير الجاري.
وأكد الرئيس الأمريكي خلال المؤتمر أن الولايات المتحدة ستتولى السيطرة على قطاع غزة بعد تهجير سكانه إلى أماكن أخرى حول العالم.
وقال ترامب: “سنطلق خطة تنموية اقتصادية تهدف إلى توفير عدد غير محدود من الوظائف والمساكن لسكان المنطقة”.
استراتيجيات المواجهة
يرى الكاتب والمحلل السياسي، محمود حلمي، أن تصريحات ترامب تعكس وجود خطة أمريكية – إسرائيلية يتم الإعداد لتنفيذها خلال الفترة القادمة، رغم المعارضة العربية والفلسطينية.
وأوضح حلمي في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن “ترامب يسعى لخدمة اليمين الإسرائيلي وتعزيز أجندته، لا سيما فيما يتعلق بمخططات التهجير التي دعت إليها بعض القيادات اليمينية في حكومة نتنياهو”.
كما أشار إلى أن “القيادة الفلسطينية والفصائل الوطنية بحاجة إلى اتخاذ خطوات سريعة لمواجهة هذه المخططات، من أبرزها، تعزيز الوحدة الوطنية، وتوحيد الصف الفلسطيني بين مختلف الفصائل لمواجهة الضغوط السياسية والدبلوماسية”.
وذكر أن “المطلوب من الفلسطينيين أيضاً، تكثيف الجهود الدبلوماسية، عبر التواصل مع المجتمع الدولي والمنظمات الأممية لشرح مخاطر خطة ترامب وحشد الدعم الدولي لرفضها، إضافة إلى التمسك بالحقوق القانونية، من خلال الاستناد إلى القانون الدولي والقرارات الأممية التي تؤكد حق الفلسطينيين في أرضهم ورفض أي محاولات تهجير قسرية”.
ويجب على الفلسطينيين – حسب حلمي – تفعيل المقاومة الشعبية، وتنظيم فعاليات سلمية وحملات توعوية لزيادة الوعي العالمي بالقضية الفلسطينية.
وأضاف في هذا الصدد: “من خلال هذه الخطوات، يمكن للفلسطينيين تعزيز موقفهم وإحباط أي محاولات تهدف إلى تهجيرهم أو الانتقاص من حقوقهم المشروعة، خاصة مع وجود إجماع عربي ودولي على رفض مخططات ترامب”.
ظاهرة صوتية
على صعيد الشارع الفلسطيني، أعرب سكان قطاع غزة عن رفضهم القاطع لخطة الرئيس الأمريكي، مؤكدين تمسكهم بأرضهم وحقهم في العودة.
ووصف أستاذ التاريخ في الجامعة الإسلامية بغزة خالد السوسي، الرئيس الأمريكي في حديثه لـ”الخليج أونلاين” بأنه “ظاهرة صوتية”، مشيراً إلى أن ترامب سبق وطرح ما يسمى “صفقة القرن” خلال فترة رئاسته الأولى عام 2017، والتي كانت تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.
وقال السوسي: “ستفشل محاولات ترامب لتحويل غزة إلى ما يسمى (ريفييرا الشرق الأوسط) بفضل صمود الشعب الفلسطيني، خاصة أن القطاع صمد أمام العدوان الإسرائيلي لأكثر من عام وثلاثة أشهر”.
وأضاف: “لن ينجح ترامب في إجبار الفلسطينيين على مغادرة أرضهم، فهم لن يرتكبوا خطأ الهجرة مرة أخرى، حتى لو تعرضوا للمجازر”.
أما المواطن محمد مطر، فقد عبر عن رفضه القاطع لمقترحات ترامب، مشدداً على أن الفلسطينيين لن يتركوا قطاع غزة مهما تعرضوا للضغوط.
وقال في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “عشنا حربًا قاسية، فقدنا فيها أهلنا ومنازلنا، رغم ذلك لم نترك أرضنا. لن ينجح ترامب في تهجيرنا”.
وأكد مطر على ضرورة تحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام السياسي بين حركتي “فتح” و”حماس” لمواجهة المخططات الأمريكية والإسرائيلية التي تستهدف الفلسطينيين وأرضهم.
قيادة موحدة
الكاتب عز المصري من جهته أكد أن “فرضية تهجير سكان قطاع غزة، تنطلق من فرضية أن إعادة إعمار مدينة غزة وشمالها تتطلب إجلاء هذه المنطقة بأكملها من السكان بفعل الكميات الكبيرة من الركام والردم والغبرة وإتاحة مساحة للإزالة وعمل الأليات”.
يقول المصري لـ”الخليج أونلاين”: “بموازاة العمل في غزة والشمال سيكون هناك عمل في الجنوب عدا مدينة رفح قضيتها مؤجلة في كافة ملفاتها، ومن هذا المدخل يحاول ترامب تسويق الامر بغطاء انساني أخلاقي”.
كما يوضح أن “الفرضية الثانية هي وثيقة الاستخبارات الإسرائيلية التي نشرت في الشهر الأول، من حرب الإبادة ثم اختفت من المواقع العبرية فيما بعد كانت تنص على تقليل عدد سكان غزة الي المليون وربع من أصل 2 مليون وكسور”.
وأشار إلى أن “تجارب الفلسطينيين مع الاحتلال والامريكان، أن كل مؤقت دائم وضماناتهم مجرد حبر على ورق وبالتالي من يهاجر لن يعود”.
ولفت إلى أن “تقليل عدد السكان وسيناريو السابع من أكتوبر كان موجود في العقل الإسرائيلي، ولكن اقتحام سكان وليس مسلحين بمعني الكثافة السكانية في غزة قنبلة موقوتة ستنفجر يوما ما”.
ويردف بالقول: “غزة لن تتسع لسكانها بفعل تطور معدل الانجاب والحاجة الي السكن وبالتالي سيكون السكان امام خيارين اما الذهاب باتجاه سيناء وهذا مرفوض فلسطينياً ووطنياً واخلاقياً، وبالتالي ليس امام الفلسطينيين إلا التوسع باتجاه مستوطنات غلاف غزة ولذلك كان التعامل الإسرائيلي مع مسيرات العودة شرساً لأن الإسرائيلي اعتبرها بروفة للاقتحام السكاني القادم”.
ويقول أيضاً: “تطرح فرضية استخدام ورقة التهجير ضمن لعبة مقايضة مع السعودية، حيث يمكن أن يتم تقديم التطبيع كوسيلة لإسقاط قرار التهجير ظاهريًا، بينما يتم تنفيذ مخطط التهجير على المدى الطويل دون أن يشعر العالم بذلك”.
كما شدد أنه “لن يكون بالإمكان مواجهة هذه التحديات الكبرى دون وجود قيادة وطنية موحدة، تحكم كافة أراضي السلطة الفلسطينية بصوت واحد، ورؤية موحدة، وقرار سياسي واحد”.