عُمان والأردن.. تقارب مستمر بحثاً عن تعاون اقتصادي أوسع
ما آخر أشكال التعاون بين عُمان والأردن؟
مذكرة تفاهم بمجالات عديدة في 21 أكتوبر.
كم حجم التجارة بين البلدين؟
154 مليون دولار في 2023.
تمتد العلاقات الثنائية بين سلطنة عمان والمملكة الأردنية الهاشمية لعقود طويلة، وتشكلت من خلالها روابط وثيقة على مستويات مختلفة، بدءاً من العلاقات الدبلوماسية، وصولاً إلى التعاون الاقتصادي والاجتماعي.
تمثل العلاقة بين البلدين نموذجاً للتعاون العربي البنّاء الذي يسعى لتعزيز المصالح المشتركة ودعم التنمية المستدامة، بما يحقق تطلعات الشعبين نحو مستقبل أكثر ازدهاراً واستقراراً.
نمو مستمر
في ظل التغيرات العالمية، يظل تعزيز العلاقات الاقتصادية بين عُمان والأردن في صدارة الأولويات، حيث يشهد التعاون بين البلدين نمواً مستمراً في مجالات متنوعة تشمل التجارة، الاستثمار، والطاقة.
ووقّعت سلطنة عمان والأردن، في 21 أكتوبر الجاري، مذكرة تفاهم في عدد من المجالات المشتركة، تهدف إلى تعزيز التنمية الاقتصادية والاستثمار في المناطق الاقتصادية الخاصة في كلا البلدين.
وأفادت وكالة الأنباء العمانية بأن الاتفاقية تم توقيعها بين الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة العمانية وسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، وذلك في الدقم.
وتشمل المذكرة التعاون في جذب الاستثمارات لهذه المناطق، وتبادل المعارف والخبرات المتعلقة بالقوانين والأنظمة واللوائح التي تدير وتشغل هذه المناطق.
كما تتضمن دراسة إمكانية إقامة مشاريع مشتركة لتعزيز التكامل والتعاون بين الطرفين، إلى جانب إقامة إطار مؤسسي دولي يهدف إلى تعزيز التنافسية في المجالات الاقتصادية المختلفة.
وتنص المذكرة أيضاً على تبادل الخبرات في مجالات التخطيط الحضري وإدارة المرافق والبيئة الاستثمارية، بما في ذلك تقنيات المدن الذكية وإمكانية تطبيقها في المناطق الاقتصادية.
وتشمل البنود تبادل المعلومات والبيانات ذات الصلة، إلى جانب الخبرات في إدارة وتمويل وتشغيل مشاريع البنية التحتية وفقاً للقواعد الاستثمارية المعمول بها في البلدين.
وفيما يتعلق بالقطاع اللوجستي، تؤكد المذكرة على ضرورة التنسيق المباشر وغير المباشر للاستفادة من تسهيلات النقل والتخزين والتوزيع، وذلك بهدف فتح منافذ جديدة للتصدير وزيادة حجم الصادرات من المناطق الاقتصادية الخاصة إلى الأسواق الإقليمية والدولية بأقل التكاليف الممكنة.
مجالات عديدة
يؤكد الباحث الدكتور حبيب الهادي، بأن العلاقات العُمانية الأردنية وثيقة منذ سبعينيات القرن الماضي، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي والتعليمي والأكاديمي.
وفي حديثه مع “الخليج أونلاين” يصف الهادي هذه العلاقات بأنها علاقات “ودية وأخوية، تمثل نموذجاً للعلاقات العربية على كافة الأصعدة والمجالات”.
ويرى أن التعاون الاقتصادي بين الجانبين “هو ثمرة من ثمرات العلاقات الدبلوماسية والأخوية الوطيدة، لأن الاقتصاد مقترن بالسياسة ولا تنفك الجوانب السياسية والاقتصادية عن معظم المشاريع”.
وأشار إلى التعزيز المستمر للتعاون بين البلدين، وتطوره وازدهاره بين فترة وأخرى، على مستوى التبادل التجاري أو الاستثمار، والتعاون الزراعي والصناعي، وتعاون غرف التجارة والصناعة، وتشكيل فرق ولجان مشتركة في مجالات عدة.
ويبيّن الهادي أن موقع السلطنة الاستراتيجي الواقع بين الشرق والغرب، ووجود موانئ الدقم وصلالة وصحار، كلها تعتبر من الأسباب الداعمة لتعزيز العلاقات بين البلدين.
علاقات متينة
العلاقات بين عمان والأردن ليست وليدة اللحظة، إذ تعود إلى عقود مضت حينما أسست الدولتان علاقات دبلوماسية رسمية، وهي علاقات مبنية على أسس من الاحترام المتبادل والرؤية المشتركة للتحديات الإقليمية والدولية.
ومنذ تلك الفترة، حرصت عُمان والأردن على تعزيز التعاون بينهما في كافة المجالات، مما ساهم في إرساء دعائم الشراكة الاقتصادية والسياسية.
وأكدت الزيارات المتبادلة بين قادة البلدين هذه الروابط، حيث زار السلطان الراحل قابوس بن سعيد الأردن عدة مرات، كما شهدت مسقط زيارات ملكية متكررة من الملك عبدالله الثاني.
ووفقاً للبيانات الرسمية، فقد شهد حجم التبادل التجاري بين الأردن وسلطنة عمان زيادة ملحوظة خلال عام 2023، حيث بلغ 154.45 مليون دولار مقارنة بـ127.8 مليون دولار في العام الذي سبقه.
كما ارتفعت صادرات الأردن إلى سلطنة عمان لتصل إلى 81.45 مليون دولار، مقارنة بـ70.2 مليون دولار في عام 2022، بينما بلغت قيمة الواردات حوالي 73 مليون دولار، مقابل 57.6 مليون دولار في العام السابق.
ووصل عدد الشركات المسجلة في سلطنة عمان والتي تضم مساهمات أردنية إلى 988 شركة حتى نهاية العام الماضي، مقارنة بـ 758 شركة في عام 2022، مع إجمالي رأس مال مستثمر يزيد عن 204.9 مليون دولار.
وتوجت العلاقات العمانية الأردنية، في مايو الماضي، بأول زيارة رسمية للسلطان هيثم إلى الأردن منذ توليه الحكم، استعرض فيها آفاق التعاون الثنائي المشترك بين البلدين وسُبل تطويره في مختلف المجالات في ظلّ ما يجمعهما من روابط تاريخية وطيدة.
وأبرمت سلطنة عمان والمملكة الأردنية، خلال تلك الزيارة، مذكرة تفاهم تهدف إلى تعزيز فرص الاستثمار المتبادل في مجموعة متنوعة من القطاعات.
ووفقاً لوكالة الأنباء العمانية، فإن مذكرة التفاهم، تشمل التعاون في مجالات متعددة، مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، الغذاء والزراعة، الصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية، بالإضافة إلى الطاقة، التعدين، السياحة، والخدمات اللوجستية.
وفي فبراير الماضي، وقّع البلدان في العاصمة الأردنية مذكرات تفاهم تهدف إلى جذب الاستثمارات المباشرة في القطاعات المتاحة، وتعزيز التعاون بين الغرف التجارية في كلا البلدين لدعم التجارة الخارجية والترويج التجاري.
كما تضمنت بعض هذه الاتفاقيات تشجيع إقامة شراكات تجارية واستثمارية بين قطاعات الأعمال، وتوسيع التعاون الاقتصادي بين البلدين، وتم توقيع مذكرة تفاهم بين القطاع الخاص العماني والأردني في مجالات التوريد والتجارة.
وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية، عقد الجانبان العديد من اللقاءات والمنتديات الاقتصادية والاستثمارية بمشاركة ممثلين من القطاعين العام والخاص، لبحث فرص توسيع الشراكات التجارية والاستثمارية.