ضربات أوكرانيا وصواريخ الحوثي.. الحرب بالوكالة تتسع بين الغرب وروسيا
ما أحدث المعلومات المنشورة حول الدعم الروسي لجماعة الحوثي؟
المبعوث الأمريكي إلى اليمن قال إن هناك خبراء روس في صنعاء لمناقشة إمدادات الأسلحة.
صحيفة “فايننشال تايمز” قالت إن الحوثيين جندوا مقاتلين للقتال إلى جانب روسيا في أوكرانيا.
ما مؤشرات الدعم الروسي لجماعة الحوثيين في اليمن؟
امتلاك الجماعة صواريخ فرط صوتية قادرة على الوصول إلى “إسرائيل”.
حصول الجماعة على معلومات استخباراتية لتحسين هجماتها البحرية.
في وقتٍ سابق من هذا الشهر، سمحت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، لأوكرانيا باستخدام صواريخ أمريكية من طراز “أتاكمز” التكتيكية لضرب أهداف في روسيا، وهو ما أثار تكهنات حول الرد الروسي المحتمل، والذي قد يكون دعم مجموعات مناوئة لواشنطن بالسلاح، وفي المقدمة الحوثيين باليمن.
هذه التكهنات بالنسبة للولايات المتحدة أصبحت حقيقة، فهذا المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ أكد وجود خبراء روس في صنعاء، لمناقشة إمداد جماعة الحوثي بالأسلحة، بعد سلسلة تقارير عن دعم معلوماتي واستخباراتي تقدمه موسكو لتحسين دقة هجماتها البحرية.
التقارير الأمريكية والغربية حول الدعم الروسي، تستند إلى رغبة موسكو في إيذاء الولايات المتحدة والدول الغربية، رداً على الدعم العسكري الكبير الذي يقدمونه لكييف، فكيف سينعكس الاحتكاك الروسي الغربي في أوكرانيا على المشهد المتوتر أصلاً في البحر الأحمر والمنطقة؟
تقدير أمريكي
تستند التقارير الأمريكية إلى تصريحات لمسؤولين سياسيين واستخباراتيين، تؤكد جميعها أن روسيا شرعت بالفعل في تزويد الحوثيين بالصواريخ والتقنيات المختلفة، إضافة إلى تزويدهم بمعلومات استخباراتية فضائية حول تحركات السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، لتسهيل استهدافها.
المبعوث الأمريكي ليندركينغ، قال في تصريح لصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية مؤخراً، إن واشنطن تعرف بوجود موظفين روس في صنعاء يناقشون مع جماعة الحوثي إمدادات السلاح لهم.
ليندركينغ، قال إن أنواع الأسلحة التي قد يزوّد بها الروس جماعة الحوثي، تثير قلقاً كبيراً، كونها ستسمح للجماعة بتنفيذ هجمات على السفن بشكل أفضل وأكثر دقة، لافتاً إلى أن “النقاشات تدور حول صواريخ مضادة للسفن، وأنواع أخرى من المعدات الفتّاكة”.
وأواخر سبتمبر الماضي، أكد ليندركينغ الذي يقود الجبهة الدبلوماسية للضغط على الحوثيين، في مقابلة مع شبكة “سي إن إن”، أن الروس أصبحوا يشكلون معضلة كبرى في اليمن، بسبب محادثاتهم مع الحوثيين بشأن توريد الأسلحة، لافتاً إلى أن روسيا سترسل شحنة أسلحة قريباً.
وفي أغسطس الماضي، كشفت نفس الشبكة الأمريكية أن روسيا تراجعت عن إرسال شحنة صواريخ بعد ضغوط أمريكية وسعودية مكثفة، في الوقت الذي تحدثت مصادر “سي إن إن” حينها عن رصد ضباط روس في طريقهم إلى مناطق الحوثيين، بعد إنزالهم من على متن سفن جنوب البحر الأحمر.
صحيفة “وول ستريت جورنال” نقلت في يوليو الماضي، أن البيت الأبيض أطلق حملة سرية لمنع روسيا من تسليم صواريخ للحوثيين، بعد تحذير وكالات المخابرات الأمريكية من احتمال تسليح موسكو للجماعة بصواريخ بحرية خطيرة.
ورقة رابحة
الحديث الأمريكي المتزايد حول الدعم الروسي لجماعة الحوثي، يأتي بعد موافقة البيت الأبيض قبل أيام على السماح لكييف باستخدام صواريخ أمريكية تكتيكية من طراز “أتاكمز”، وفعلاً شرعت أوكرانيا بقصف موقع في منطقة بريانسك الحدودية بتلك الصواريخ.
تطور أثار غضباً روسياً ودفع الرئيس فلاديمير بوتين لاتخاذ قرارات عدة، منها تغيير العقيدة النووية، بينما أطلق مسؤولون روس تصريحات بإمكانية أن تلجأ موسكو لتسليح أعداء أمريكا بالأسلحة الخطيرة.
فهذا نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري ميدفيديف قال لوكالة “سبوتنيك” الروسية، إن موسكو سترد على الولايات المتحدة بتزويد أعداء أمريكا بالأسلحة.
وتتجه أنظار الروس إلى البحر الأحمر، ومضيق باب المندب، الذي يشهد اشتباكاً بحرياً لم يتوقف منذ قرابة العام، بين جماعة الحوثي والولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين.
وسبق أن تحدث الرئيس الروسي في مطلع يونيو 2024، عن أن بلاده قد تلجأ لتزويد أطراف تناصب العداء للولايات المتحدة بالأسلحة، رداً على دور واشنطن في حرب أوكرانيا.
وتظهر جماعة الحوثي قدرات كبيرة، ورباطة جأش في مواجهة الضربات الأمريكية؛ ما يجعلها وكيلاً محتملاً وحصاناً رابحاً بالنسبة لروسيا، وفق مراقبين.
تداعيات
ومن شأن هذا التنافس والصدام المحتمل بين واشنطن وموسكو في خاصرة الجزيرة العربية، أن ينعكس على أمن المنطقة، وعلى التوترات القائمة حالياً، خصوصاً في ظل الفشل الأمريكي بالحد من هجمات جماعة الحوثي.
ومنذ مطلع أكتوبر 2023، نفذت جماعة الحوثي مئات الهجمات على “إسرائيل”، وعلى السفن المرتبطة بها في البحر الأحمر وخليج عدن، وفشلت واشنطن التي شكلت تحالفاً بحرياً في ديسمبر الماضي، في إثناء الجماعة عن مواصلة هجماتها.
ويؤثر تسليح روسيا لجماعة الحوثيين، بشكل مباشر على التوازن في المنطقة، ويضاعف من المخاطر الجيوسياسية، وسيلقي بظلاله على أمن دول المنطقة وأمن الملاحة الدولية بشكل مباشر، وكذا على نفوذ الولايات المتحدة وحلفائها من جهة، وروسيا والصين وإيران من جهة أخرى.
ولا يبدو أن العلاقة بين روسيا والحوثيين تقتصر على الدعم أحادي الجانب، فد أوردت صحيفة “فاينانشال تايمز” معلومات حول قيام الجماعة بتجنيد مقاتلين للقتال إلى جانب الروس في أوكرانيا، عبر طرق مختلفة، وهو ما لم تعلق عليه موسكو ولا الجماعة حتى اللحظة.
دعم مؤكد
ويرى الخبير العسكري والاستراتيجي اليمني علي الذهب، أن الدعم الروسي للجماعة أمر مؤكد، في مواجهة الدعم الغربي لأوكرانيا.
وقال في تصريح لـ”الخليج أونلاين”، إن التهديدات الحاصلة في البحر الأحمر، “لديها بُعد فوق إقليمي، يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية”.
ويضيف الذهب: “بالتأكيد أن روسيا تدخلت بشكل أو بآخر في دعم الحوثيين، الظاهر أن هنالك دعم حقيقي، فبعد الاختراق الأوكراني للأراضي الروسية في منطقة كورسك في أغسطس الماضي، استخدم الحوثيون الصواريخ الفرط صوتية، على حد زعمهم، ووصلت تهديداتهم إلى تل أبيب، بعد ذلك مباشرة”.
وينوّه إلى أن الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، كثفت تحركاتها الدبلوماسية مع روسيا للحيلولة دون وصول الأسلحة لجماعة الحوثي، مشيراً إلى زيارة رئيس الوزراء اليمني أحمد بن مبارك، وعضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح إلى موسكو.
واستطرد قائلاً: “هناك موثوقية فيما يطرح بشأن دعم روسيا للحوثيين، سواء كان هذا الدعم بصواريخ فرط صوتية، أو من خلال التدريب”.
ولم يستبعد الذهب أن يكون هناك دعم لوجستي معلوماتي واستخباراتي تقدمه روسيا لجماعة الحوثي، مضيفاً: “حتى اللحظة ليس هناك سفينة روسية أو صينية استُهدفت”، مختتماً حديثه بالقول: “الصين وروسيا منخرطتان بشكل أو بآخر في دعم الحوثيين”.