تعزيز الوجود الأمريكي في المنطقة.. إشارات تصعيد مع إيران
المحلل السياسي د. شاكر كتاب العزاوي:
التحشيد العسكري في المنطقة ياتي للضغط على إيران للامتناع عن أية أفعال عسكرية.
ايران لن تتمكن من الرد بالشكل المناسب وبما تستحقه “إسرائيل”؛ بسبب تخوفها من الدعم الأمريكي والغربي.
سيحسم كل هذه التوقعات الخبر اليقين المتعلق بنتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، والتوقعات بردّ إيراني على الهجوم الإسرائيلي الأخير، يأتي قرار واشنطن بإرسال قوات إضافية إلى منطقة الشرق الأوسط ليؤكد أن طهران تخطط لردّ على تل أبيب وربما سيكون قوياً.
إيران التي بدورها ترى الوجود العسكري الأمريكي تهديداً للاستقرار الإقليمي، وهذا ما صرحت به مراراً، تدرك تماماً قوة هذا الوجود وإمكانياته في ردع أي تحرك عسكري من قبلها.
ويبقى التساؤل المطروح: هل يساهم هذا الانتشار الجديد في ردع إيران واحتواء تصعيدها العسكري، أم أنه يحمل في طياته مخاطر التصعيد العسكري غير المرغوب فيه؟.
تعزيزات جديدة
الأحد (3 نوفمبر الجاري) قالت القيادة المركزية الأمريكية “سنتكوم” إن “قاذفات القنابل الاستراتيجية من طراز بي – 52 ستراتوفورتريس من جناح القاذفات الخامس بقاعدة مينوت الجوية وصلت إلى منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية”.
وصول القاذفة العملاقة جاء بعد يوم واحد من إعلان “البنتاغون” أن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أمر بنشر قدرات جديدة في الشرق الأوسط تشمل مدمرات تابعة للبحرية قادرة على التصدي للصواريخ الباليستية، وقاذفات بي 52 الاستراتيجية بعيدة المدى.
وأضاف أوستن بحسب بيان البنتاغون أن القدرات العسكرية الجديدة تتضمن أسراب مقاتلات، لافتاً إلى أن هذه التعزيزات ستبدأ بالوصول إلى المنطقة خلال الأشهر المقبلة.
وأوضح أوستن أن هذه التعزيزات ستتزامن مع استعداد حاملة الطائرات “أبراهام لنكولن” والقوة الضاربة التابعة لها للمغادرة.
وأكد البيان أن هذا القرار يتوافق مع التزام واشنطن بحماية المواطنين الأمريكيين والقوات الأمريكية في الشرق الأوسط، والدفاع عن “إسرائيل”، وتخفيف التصعيد من خلال الردع والدبلوماسية.
وشدد البيان على أن “الولايات المتحدة ستتخذ كافة الإجراءات اللازمة للدفاع عن الشعب الأمريكي في حال استغلت إيران أو شركاؤها أو وكلاؤها الأوضاع الراهنة لاستهداف أفراد أو مصالح أمريكية في المنطقة”.
المحلل السياسي د. شاكر كتاب العزاوي، وفي حديثه لـ”الخليج أونلاين”، يصف التحشيد العسكري الأمريكي في المنطقة بـ”المرعب”، لافتاً إلى أن “المكاييل العالمية اليوم تتحكم بها أمريكا والغرب” وتدفع إلى هذا التحشيد للحفاظ على المصالح الغربية بالشرق الأوسط.
التحشيد العسكري الأمريكي بهذا الحجم ينبئ “بغايات سيئة” وإن لم تشتعل الحرب أو تشن إيران هجوماً على “إسرائيل”، وفق العزاوي.
أحدث التطورات
-
تصاعدت حدة التوتر الإقليمي بعد الهجوم العسكري الذي شنته “إسرائيل” على مواقع إيرانية في 26 أكتوبر الماضي، ما دفع طهران إلى إصدار تهديدات حادة بردٍّ قاسٍ على هذه العملية.
-
رغم تحفظ “إسرائيل” عن تقديم تفاصيل رسمية حول العملية، لكن هذا الهجوم يأتي ضمن سلسلة من التحركات العسكرية التي تستهدف تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة.
-
أكدت إيران أن الرد على الهجوم الإسرائيلي سيكون “سريعاً وقاسياً”، مشيرة إلى أن هذه العملية لن تمر دون محاسبة.
-
توعد كبار القادة العسكريين الإيرانيين باتخاذ إجراءات نوعية قد تشمل استهداف منشآت إسرائيلية حساسة أو مصالح حيوية.
-
صحيفة “وول ستريت جورنال”:
– مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون قالوا إن الهجوم الإسرائيلي على إيران دمر دفاعات جوية استراتيجية وألحق أضراراً بالغة بمنشآت إنتاج الصواريخ.
– مسؤولون إيرانيون وعرب قالوا إن إيران تخطط لرد معقد يتضمن رؤوساً حربية أكثر قوة وأسلحة أخرى، قياساً بهجومها على “إسرائيل” مطلع أكتوبر الماضي.
– حتى الآن، امتنعت “إسرائيل” عن ضرب المنشآت النفطية والنووية الإيرانية، والتي تشكل أهمية بالغة لاقتصادها وأمنها، ولكن المسؤولين الإسرائيليين قالوا إن هذه الحسابات قد تتغير.
– إيران أبلغت الدبلوماسيين العرب أن جيشها التقليدي سوف يشارك في هذه العملية؛ لأنها فقدت أربعة جنود ومدنياً في الهجوم الإسرائيلي.
– إيران قد تستخدم الأراضي العراقية لجزء من العملية، ومن المرجح أن تستهدف المنشآت العسكرية الإسرائيلية، ولكن بشكل أكثر عدوانية من المرة الأخيرة.
– أي صواريخ تستخدمها إيران في هجومها ستكون مزودة برؤوس حربية أكثر قوة من هجومها السابق على “إسرائيل”.
– طهران لا تريد التأثير على الانتخابات الأمريكية بهجومها، حيث إن الرد سيأتي بعد التصويت يوم الثلاثاء (5 نوفمبر) ولكن قبل تنصيب رئيس جديد في يناير المقبل.
يرى د. شاكر العزاوي أن تصاعد التهديدات الإيرانية هو واحد من العوامل التي تتخذها أمريكا وحلفاؤها للقدوم إلى المنطقة؛ بحجة الدفاع عن مصالحها وعن دولة الاحتلال، لافتاً إلى ان المنطقة تحولت إلى “ساحة قتال” بين طرفين؛ إيران وحلفاؤها من المليشيات من جهة، و”إسرائيل” وحلفاؤها المتمثل بالولايات المتحدة من جهة أخرى.
حالة ترقب
يشكل التصعيد الحالي أحدث حلقة في سلسلة المواجهات بين إيران و”إسرائيل” التي تحولت من غير مباشرة إلى مباشرة منذ مطلع أكتوبر الماضي، حيث تحرص الأخيرة على استباق أي تحركات إيرانية قد تؤثر على أمنها.
في المقابل، ترى إيران أن “إسرائيل” تسعى لتقويض استقرارها الإقليمي من خلال شن هجمات على البنى التحتية العسكرية وتوسيع الضغط الدولي عليها.
وسط هذه الموجات من التصعيد ترتفع المخاوف من جرّ المنطقة نحو مواجهة أوسع، في وقتٍ يعاني الشرق الأوسط من نزاعات متعددة.
وتذهب التوقعات إلى ان تلجأ إيران لاستخدام حلفائها الإقليميين في شن هجمات غير مباشرة على “إسرائيل” أو المصالح الأمريكية، مما قد يضع واشنطن وتل أبيب أمام معضلة أمنية جديدة.
وتبقى المنطقة في حالة ترقب حذر بانتظار كيفية تنفيذ إيران لتهديداتها، في ظل مخاوف من أن تجر هذه المواجهة المحدودة الأطراف المتصارعة إلى صدام أكبر.
بحسب ما يقول شاكر العزاوي لـ”الخليج أونلاين”، فإن ايران لن تتمكن من الرد بالشكل المناسب وبما تستحقه “إسرائيل”؛ بسبب تخوفها من الدعم الأمريكي والغربي.
ويرى أيضاً أن إيران تأخذ بنظر الاعتبار العقوبات المفروضة عليها، التي قد تتضاعف إذا ما قامت بشن هجوم على “إسرائيل”.
ويضيف أنه من ناحية أخرى هناك البرنامج النووي الإيراني، “الذي قد يتعرض للأضرار أكثر فوق ما تعرضت له الاتفاقية مع أمريكا بصدده إذا ما تحركت طهران عسكرياً”.
ويختم العزاوي قائلاً: “سيحسم كل هذه التوقعات الخبر اليقين المتعلق بنتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، والتحشيد العسكري في المنطقة يأتي للضغط على إيران للامتناع عن أية أفعال عسكرية”.