بين الضغوط والانقسام.. تعيين الشيخ يعيد ترتيب أوراق القيادة الفلسطينية

يفتح تعيين الشيخ نائباً لعباس الباب أمام تساؤلات حول مستقبل القيادة الفلسطينية وآليات الانتقال السلمي للسلطة
بعد ضغوط داخلية وخارجية لإصلاح مؤسسات السلطة الفلسطينية وتحديد آليات انتقال السلطة، صادقت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية على اقتراح الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بتعيين حسين الشيخ نائباً له ولرئيس اللجنة.
وصوت المجلس المركزي الفلسطيني المؤلف من 188 عضواً الخميس 24 أبريل الجاري، على استحداث منصب نائب الرئيس، ونائب رئيس للمنظمة.
وفي منشور عبر صفحته الرسمية على منصة “إكس”، أعلن الشيخ اختياره لمنصب نائب الرئيس، وكتب: “أعاهدكم عهد بلادنا أن نبقى جنوداً أوفياء لشعبنا وتضحياته”.
وجاء تعيين الشيخ، بعد تعهد عباس في اجتماع القمة العربية الطارئ الذي عقد في القاهرة في الرابع من مارس الماضي، بـ”إعادة هيكلة الأطر القيادية للدولة الفلسطينية، وضخ دماء جديدة في منظمة التحرير وحركة فتح وأجهزة الدولة”.
ويعكس تعيين الشيخ نائباً لعباس توازنات دقيقة داخل حركة “فتح”، حيث ينظر إليه كأحد المقربين من رئيس السلطة، لكن هناك تيارات أخرى داخل الحركة قد لا تتفق مع هذا التعيين، حيث سبق وشهدت الحركة انقسامات وصراعات، خاصة خلال التحضيرات للانتخابات التي تم تأجيلها، مما يجعل من تعيين الشيخ خطوة قد تثير جدلاً داخلياً.
ورغم تعيينه نائباً للرئيس، يواجه حسين الشيخ تحديات كبيرة، منها الشرعية الشعبية، حيث ينظر إليه على أنه قريب من دوائر السلطة، مما قد يؤثر على شعبيته بين المواطنين، وعلاقته مع الفصائل المتوترة خاصة مع حركتي “حماس” والجهاد الإسلامي.
ويفتح تعيين الشيخ نائباً لعباس، الباب أمام تساؤلات حول مستقبل القيادة الفلسطينية وآليات الانتقال السلمي للسلطة، ونجاح هذه الخطوة يعتمد على قدرة الشيخ على بناء توافق وطني واسع وتعزيز الشرعية الشعبية لمؤسسات السلطة الفلسطينية.
مهام جديدة
أستاذ العلوم السياسية، أحمد رفيق عوض اعتبر أن تعيين الشيخ يحمل عدة دلالاتها أبرزها أنها جاءت ضمن عملية الإصلاح والتطوير التي تقوم بها السلطة تنفيذاً للمطالب العربية والدولية لتأهيلها للدخول لمرحلة جديدة وتحميل مهام جديدة.
ويقول عوض في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “استحداث منصب نائب الرئيس وتعيين الشيخ فيه، يأتي أيضاً لمنع وجود أي فراغ سياسي ويدخل دماء ووجوه جديدة في السلطة الفلسطينية”.
ويوضح أن هناك قبول داخل حركة “فتح” في التعيين، لأن الرئيس عباس قبل به، والمجلس المركزي صوت عليه بإجماع.
وحول عدم قبول حركتي “حماس” والجهاد الإسلامي بالتعيين، يشير عوض إلى أن الحركتين على خلاف مع السلطة الفلسطينية، وتعيين الشيخ لن يفيد في سد الفجوات، لأن عدم الثقة قائمة.
ويلفت إلى أن السلطة الفلسطينية بدأت بعمليات تغيير واسعة سواء في السفارات، او القيادات الأمنية والسياسية والإدارية، بهدف إيجاد قبول إقليمي ودولي لها.
ورفض أستاذ العلوم السياسية، ربط تعيين الشيخ بوجود دور للسلطة في غزة، كون ذلك يحتاج إلى اتفاقاً دولياً وإسرائيلياً، ودعم عربي وغربي للسلطة في الذهاب لغزة.
“ضربة كبيرة”
الكاتب الفلسطيني علي أبورزق اعتبر ان تعيين الشيخ نائباً للرئيس عباس فيه إضعاف وضربة كبيرة للقرار الفلسطيني الذي قاتل الفلسطينيون لعشرات السنين ليبقى مستقلًا.
وقال أبو رزق، في منشور عبر “فيسبوك”: “الجميع يعلم أن تعيين الرجل في هذا المنصب يُنفذ بقرار عربي بامتياز وليس فلسطينياً”.
وأوضح، أن التعيين يحسم الصراع الفتحاوي الداخلي لصالح التيار الذي يؤمن بالحل السلمي كخيار وحيد في مواجهة الاحتلال.
ولفت إلى أن الرجل ينتمي إلى الجيل الذي برز مع السلطة، وليس إلى جيل الفترة النضالية في الستينات والسبعينات والثمانينات.
وذكر أن مفهوم الحل السلمي عند هذا التيار يستبعد الانتفاضات الشعبية والضغط الجماهيري والاحتجاج، وبدلًا من ذلك يُركز على التمسك بخيار السلطة حتى الرمق الأخير، حيث ما لا يُحقق بالتنازل يُطلب بمزيد من التنازل.
وأشار إلى أن تعيين الشيخ يُقلل من فرص الحوار الوطني الداخلي بشكل كبير، ويدفع نحو الخيار القمعي والحل الأمني، على عكس التيار الفتحاوي الذي يُشدد على ضرورة استعادة العلاقة مع حماس، والذي يقوده جبريل الرجوب، عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح”.
وأضاف أن الشيخ يُؤمن بضرورة الحفاظ على تنسيق أمني دائم مع الاحتلال، بسبب خلفيته الأمنية وتقلده المنصب الأكثر حساسية، والذي يتطلب تواصلًا شبه يومي مع قادة الاحتلال.
وبيّن أن الشعب الفلسطيني يفقد مكتسبًا واستحقاقاً أصيلاً وهو اختيار القائد بالانتخاب وليس بالفرض والتعيين، حيث الإقليم والاحتلال يصران على أن تكون انتخابات 2006 هي الانتخابات الفلسطينية الأخيرة.
من هو حسين الشيخ؟
يعد حسين الشيخ (64 عاماً) من الشخصيات البارزة في السلطة الفلسطينية وشغل قبل اختياره نائباً للرئيس منصب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وتولى الشيخ وهو من مواليد مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة لعائلة لاجئة من دير طريف، رئاسة دائرة شؤون المفاوضات، مما يجعله في موقع محوري في العلاقة مع إسرائيل والولايات المتحدة.
وأمضى الشيخ أكثر من عشر سنوات في السجون الإسرائيلية في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات، وبرز اسمه خلال رئاسته الهيئة العامة للشؤون المدنية الفلسطينية برتبة وزير، التي كانت مكلفة بتنظيم العلاقة مع الجانب الإسرائيلي في الشؤون الحياتية اليومية للفلسطينيين.
ويذكر أن الشيخ يجيد اللغة العبرية التي تعلّمها في السجن.
وتم تكليف الشيخ عام 2022 بأمانة سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وكان مسؤول دائرة المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي عقب وفاة صائب عريقات عام 2020، كما سبق وعينه عباس رئيساً للجنة السفارات الفلسطينية في الخارج.