بعد سقوط الأسد.. ما شكل الدور التركي المتوقع في سوريا؟
ما الدور الذي لعبته تركيا بسوريا سابقاً؟
دعم المعارضة.
ما الهدف الأساسي لتحركات تركيا العسكرية؟
التصدي لتهديدات تنظيم “بي كا كا”.
بعد إزاحة نظام الرئيس بشار الأسد في ديسمبر 2024، دخلت سوريا مرحلة جديدة من التحولات السياسية والأمنية، وسط ترقب لشكل النظام الجديد الذي سيُؤسس في دمشق.
وتُعد تركيا، بجوارها الجغرافي وارتباطاتها التاريخية والثقافية مع سوريا، من أبرز الدول المؤثرة في المشهد السوري، والتي سيكون لها دور مهم متوقع في إعادة بناء الدولة السورية.
وعلى مدار السنوات الماضية، لعبت أنقرة دوراً محورياً في دعم فصائل المعارضة السورية، واستضافت ملايين اللاجئين، وسعت لتحقيق مصالحها الأمنية، خاصة فيما يتعلق بتهديدات التنظيمات الكردية الانفصالية على حدودها الجنوبية.
ومع سقوط نظام الأسد، تبرز تساؤلات حول طبيعة الدور التركي المتوقع في سوريا، وكيف ستتعامل أنقرة مع التحديات والفرص التي تتيحها هذه المرحلة الجديدة.
الدور التركي
ووسط تقارير متزايدة عن تصعيد عسكري تركي محتمل في شمال سوريا، تتجه الأنظار إلى الحشود العسكرية التركية على الحدود السورية، والتي تأتي في إطار التحضير لعملية عسكرية واسعة النطاق ضد التنظيمات الكردية المتمركزة في المناطق الحدودية.
وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، نقلاً عن مسؤولين رفيعي المستوى في الإدارة الأمريكية، أن تركيا وحلفاءها يقومون بحشد كبير للقوات على الحدود، مما يثير مخاوف من هجوم تركي وشيك على المناطق التي تسيطر عليها قوات كردية مدعومة من الولايات المتحدة.
وتتواصل التكهنات بشأن حملة عسكرية تركية مرتقبة في شمال سوريا، في سياقٍ يرتبط بشكل مباشر بدور أنقرة في التطورات السورية المتلاحقة.
بدوره، صرّح وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، أن بلاده لعبت دوراً رئيسياً في إقناع كلٍّ من روسيا وإيران بعدم التدخل عسكرياً خلال عمليات المعارضة السورية.
وأكد أن تركيا نجحت في الحد من الخسائر البشرية بفضل التنسيق مع الأطراف الدولية، مشدداً على الخبرة التي اكتسبتها أنقرة في التعامل مع ملف “هيئة تحرير الشام” والقضية السورية بشكل عام.
ويرى محللون أن تركيا خرجت كأكبر مستفيد إقليمي من المستجدات الأخيرة في سوريا، متوقعين استمرار دورها رغم التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها.
ويبدو أن دعم تركيا للمعارضة السورية – وفق المحللين – مكّنها من تحقيق مكاسب استراتيجية دون تكلفة بشرية كبيرة، مما عزز موقعها كلاعب رئيسي في الملف السوري.
من جانبه، أشار الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، إلى أن تركيا ستكون لها اليد العليا في تحديد مسار الأحداث في سوريا.
وفي تصريحاته، أشاد ترامب بالقوة العسكرية التركية التي وصفها بأنها “لم تُستنزف بفعل الحرب”، مؤكداً أن تركيا نجحت في تحقيق مكاسب لصالح المعارضة السورية من دون تكبد خسائر فادحة في الأرواح.
دور محوري
ويقول المحلل التركي محمد رقيب أوغلو، إن تركيا ستلعب دوراً مهماً في تأسيس النظام الجديد بسوريا بعد إزاحة نظام الأسد، وبناء الدولة الجديدة ومؤسساتها، لأن تركيا تعتبر نموذجاً مثالياً لأنظمة الحكم، حيث تتمتع بنظام ديمقراطي يشارك فيه كافة فئات وأقليات الشعب.
ويضيف لـ”الخليج أونلاين” أن علاقات تركيا القوية مع دول المنطقة، لاسيما الدول المهمة، كإيران والسعودية والإمارات ومصر، يجعل لأنقرة أن يكون لها دور كبير في اعتراف هذه الدول وغيرها بالنظام السوري الجديد.
كما يرى رقيب أوغلو أن النظام الجديد في سوريا بحاجة للتعاون مع تركيا، لما تتمتع به من مكانة دولية، إضافة إلى قوتها العسكرية التي نجحت بتحقيق توازن القوى في المنطقة، سواء دورها في العمليات العسكرية في سوريا، أو في ليبيا، أو في أذربيجان والبحر المتوسط.
ويعتقد أن تركيا ستكون من أولى الدول الداعمة لتحقيق الأمن السوري، من خلال وجود مواقعها العسكرية في الأراضي السورية، مما يكون لها دور مهم في مواجهة تهديدات التنظيمات الإرهابية ومكافحتها، حسب رقيب أوغلو.
بدوره يؤكد الخبير السياسي سعد الخطيب، بأن “تركيا سيكون لها دور فاعل في إعادة بناء مؤسسات الدولة، التي أنهكتها سلوكيات النظام السابق الإجرامية، نظراً للعلاقات الوطيدة لتركيا مع شعبنا السوري خاصة في فترة الحرب، وماترتب عليها من تهجير ونزوح ولجوء”.
ويضيف لـ”الخليج أونلاين” أنه لابد أن تستخدم تركيا خبراتها الكبيرة وقدراتها العالية في إعادة بناء وتأهيل قطاعات الدولة بشكل عام، للمساهمة فى بناء عهد جديد لسوريا الحرة.
وحول أهمية الدعم التركي ودلالاته، يبين أن احتياجات الشعب السوري في هذه المرحلة كبيرة ومتنوعة وتشمل جميع قطاعات الدولة، ومن الصعوبة بمكان أن تستطيع أي سلطة بسوريا وفي هذه المرحلة أن توفر جميع الخدمات الضرورية للمواطنين دون الاستعانة وطلب المساعدة من أصدقاء سوريا.
ويشير الخطيب إلى أن “سنوات الحرب الطويلة كان فيها النظام وعصاباته يقومون بنهب وسرقة مقدرات الدولة وبيع معظم ثرواتها للقوى الخارجية التي استجلبها لمساعدته في محاربة الشعب وتثبيت حكمه، كل ذلك أدى إلى إفراغ الدولة من مقدراتها وإمكانياتها وتخريب معظم مؤسساتها الحيوية”.
ويردف: في الوقت الذي كانت روسيا تقتل الشعب السوري وتدمر المدن وتراهن على بقاء نظام الأسد الاستبدادي، وأيضا دعم أمريكا لمنظمات إرهابية تعمل على زعزعة الأمن القومي التركي، كانت تركيا تفتح حدودها لملايين النازحين السوريين الهاربين من الحرب والقتل والدمار وتقدم المساعدة الإغاثية والإنسانية لهم.
ويلفت الخطيب إلى أن الشعب السوري حقق اليوم انتصاره ونال حريته وأفشل مشروع روسيا وأمريكا وإيران، لابد أن يكون لتركيا دور أساسي وريادي في مساعدة سوريا.
كما يعتقد أن علاقات تركيا ستكون أفضل مع تلك الدول التي فشلت في حروبها ومشاريعها العبثية في سوريا، بينما سيكون لتركيا الدور الأبرز في أمن واستقرار المنطقة.
دعم النظام الجديد
وسبق أن أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك، وشدّدت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة.
والتصريحات التي أدلى بها وزير الدفاع التركي، يشار غولر، تسلط الضوء على استعداد تركيا للتعاون مع الحكومة السورية المؤقتة التي شكّلتها المعارضة، بما يتماشى مع رؤية أنقرة لحل سياسي في سوريا.
وأكد غولر استعداد تركيا لتقديم دعم عسكري للحكومة المؤقتة برئاسة محمد البشير، إذا طلب منها ذلك، مشيراً إلى أهمية إعطاء الفرصة للإدارة الجديدة للتعامل مع الوضع في سوريا وفق قرارات الأمم المتحدة، خصوصاً القرار 2254، الذي يدعو إلى انتقال سياسي شامل.
كما أوضح غولر أن الوجود العسكري التركي في سوريا يهدف إلى منع تقسيم الأراضي السورية ودرء التهديدات الإرهابية عند الحدود التركية.
وشدد على أن أي إعادة تقييم لهذا الوجود ستعتمد على الالتزام بشروط معينة من قبل الحكومة المؤقتة، بما في ذلك التعاون مع المنظمات الدولية واحترام سيادة سوريا.
وترى تركيا أن الجيش الوطني السوري، الذي تدعمه، جزء من الحكومة المؤقتة، وتعتبره طرفاً معترفاً به في النزاع وفق قرارات الأمم المتحدة.
كما أشار غولر إلى اتفاقيات التعاون العسكري والتدريب التي تجمع تركيا بعدد من الدول، مؤكداً أن تقديم الدعم للإدارة الجديدة في سوريا سيظل خياراً مفتوحاً.
وتركّز التصريحات كذلك على التزام الإدارة الجديدة بعدم السماح باستخدام أسلحة كيميائية، وتقديم تقارير شفافة للمنظمات الدولية المعنية، مما يعكس مساعي تركيا لتعزيز الاستقرار وضمان الحلول السلمية في سوريا.