بعد سقوط الأسد.. قطر شريك أساسي بإعادة هيكلة الأمن السوري
![](https://khaleejnas.com/wp-content/uploads/2025/02/qtr-swrya-780x470.png)
بعد سقوط نظام الأسد، يواجه الأمن الداخلي السوري تحديات هائلة تتطلب إعادة هيكلة شاملة لمؤسساته الأمنية لضمان الاستقرار وحماية المواطنين
شهدت العلاقات القطرية – السورية بعيد سقوط نظام الأسد وزيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لدمشق كأول زعيم عربي، تطورات مهمة في الفترة الأخيرة، في مختلف المجالات لا سيما التعاون الأمني.
ففي ظل الأوضاع الأمنية المعقدة التي تشهدها سوريا، يأتي الدعم القطري ليعزز من قدرات الأمن الداخلي السوري، خاصة عبر برامج تدريبية متخصصة تشمل قوات الدفاع المدني السوري، المعروفة بـ”الخوذ البيضاء”، وتوسيع مجالات التعاون في القطاع الأمني.
يتزامن هذا التعاون مع تحولات إقليمية متسارعة وضرورة إعادة بناء المؤسسات الأمنية في سوريا، وإدماج الخبرات الإقليمية والدولية الصديقة في هذا المجال.
زيارات واتفاقيات
وفي 20 يناير الماضي تم الإعلان عن توقيع اتفاقية تعاون بين الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) وفريق البحث والإنقاذ القطري (لخويا)، تهدف هذه الاتفاقية إلى تحسين قدرات فرق الدفاع المدني السوري من خلال التدريب على أحدث التقنيات المستخدمة في عمليات البحث والإنقاذ وإدارة الكوارث كما تهدف أيضاً إلى:
- تطوير المهارات الفنية واللوجستية لفرق الخوذ البيضاء من خلال برامج تدريبية تشمل سيناريوهات الاستجابة للطوارئ.
- تعزيز التعاون الإقليمي في مجال إدارة الأزمات، ما يسهم في تحسين التنسيق بين الأجهزة الأمنية السورية والمؤسسات الإقليمية.
- توفير معدات وتقنيات حديثة تساعد في تسريع عمليات الإنقاذ وزيادة الكفاءة الميدانية للفرق السورية.
ويُعد الدفاع المدني السوري من أبرز المؤسسات الإغاثية التي كانت تعمل في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، ما جعلها أحد الأعمدة الأساسية للأمن المدني.
وفي 10 فبراير الجاري، قام نائب قائد قوة الأمن الداخلي القطرية (لخويا)، اللواء الركن محمد مسفر الشهواني، بزيارة رسمية إلى دمشق، حيث التقى وزير الداخلية السوري علي عبد الرحمن كده، وبحث معه تعزيز المجال الأمني، مما يعكس اهتمام قطر بتوسيع دورها في إعادة هيكلة المؤسسات الأمنية السورية.
كما سلم الشهواني وزير الداخلية السوري رسالة خطية من نظيره القطري الشيخ خليفة بن حمد بن خليفة آل ثاني.
ومن أبرز مخرجات الاجتماع، مناقشة خطط التدريب المشترك بين الأجهزة الأمنية السورية والقوات القطرية، مع إمكانية إرسال خبراء قطريين للإشراف على عمليات التأهيل.
وبحث إمكانية تزويد الأجهزة الأمنية السورية بمعدات وتقنيات حديثة لتعزيز قدرتها على ضبط الأمن والاستجابة للأزمات، والتأكيد على أهمية التعاون الأمني الإقليمي في مواجهة التهديدات الإرهابية والجريمة المنظمة.
دلالات الزيارات
وبعد سقوط نظام الأسد، يواجه الأمن الداخلي السوري تحديات هائلة تتطلب إعادة هيكلة شاملة لمؤسساته الأمنية لضمان الاستقرار وحماية المواطنين.
وتتجلى هذه التحديات في فراغ أمني نتيجة انهيار الأجهزة الأمنية القديمة، مما قد يفتح الباب أمام الفوضى، وتنامي النفوذ المسلح للفصائل غير النظامية، وانتشار الجريمة المنظمة.
ومع ذلك، فإن هذه المرحلة ستشكل أيضًا فرصة لبناء منظومة أمنية جديدة تستند إلى معايير احترافية وحقوقية، حيث يمكن إنشاء أجهزة أمنية وطنية غير طائفية تضمن حماية المواطنين دون ممارسات القمع والاستبداد التي ميزت النظام السابق.
كما تعكس زيارات المسؤوليين الأمنيين القطريين إلى دمشق، رغبة قطر في لعب دور أكبر في إعادة بناء سوريا ما بعد الحرب، واستعداداها لتقديم الدعم اللوجستي والتقني للأجهزة الأمنية السورية في مرحلة حساسة تمر بها البلاد.
وتشهد العلاقات الثنائية بين قطر وسوريا تطوراً متسارعاً توّج بزيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى دمشق أواخر يناير الماضي، وعقده مباحثات ثنائية مع الرئيس السوري أحمد الشرع حول العلاقات الثنائية وسبل تطويرها، والشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
كما أن قطر الدولة الأولى عربياً والثانية دولياً التي أعادت فتح سفارتها رسمياً في دمشق بعد تركيا بعد أيام من سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي.
أهمية التعاون
وينظر للدور القطري على أنه يمكن يلعب دوراً محورياً في إرساء بنية تحتية أمنية حديثة تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة وتدريب الكوادر الأمنية على أساليب حديثة في حفظ النظام، ومكافحة الإرهاب، وإدارة الأزمات.
وفي هذا الصدد يقول موسى قرقور الباحث في المجال الأمني لـ”الخليج أونلاين”: “يمثل التعاون مع قطر فرصة لتطوير نهج جديد للأمن الداخلي السوري يعتمد على أساليب أكثر حداثة واحترافية”.
وأضاف: “خلال تنظيم كأس العالم 2022، اكتسبت قطر خبرات أمنية متقدمة في عدة مجالات، جعلتها نموذجاً يحتذى به في إدارة الفعاليات الكبرى وتأمين المدن بكفاءة عالية حتى أن فرنسا استعانت بها خلال أولمبياد باريس الصيف الماضي” وتابع في هذا الصدد:
-
نجحت قطر في تأمين أكثر من 1.4 مليون زائر خلال المونديال، وهو تحد أمني ضخم يتطلب مهارات متقدمة في إدارة الحشود ومنع الاضطرابات.
-
استخدمت قطر أنظمة ذكاء اصطناعي لمراقبة حركة الجماهير في الوقت الفعلي، مما ساعد في اتخاذ قرارات استباقية لتجنب أية حوادث.
-
يمكن من خلال الخبرة القطرية الحديثة والمهنية، تدريب الكوادر الأمنية السورية من خلال برامج متخصصة تهدف إلى تأهيل العناصر على أحدث أساليب مكافحة الجريمة وحفظ الأمن وإدارة الأزمات.
-
يتوقع أن يشمل التعاون تزويد المؤسسات الأمنية السورية بتقنيات حديثة مثل أنظمة المراقبة المتطورة وأدوات التحليل الجنائي الرقمي.
-
هذه التقنيات سوف تحسين أساليب جمع وتحليل المعلومات الأمنية، مما يسهم في رفع مستوى الجاهزية للتعامل مع التهديدات.
-
تعزيز التقارب بين سوريا وقطر من جهة وحتى الدول الخليجية الأخرى من خلال التعاون الأمني، قد يفتح المجال لمزيد من الاستثمارات والحضور الخليجي الإيجابي في سوريا على مختلف الصعد.
-
في النهاية، يمكن اعتبار التعاون القطري – السوري في مجال الأمن الداخلي نموذجاً مهماً لتعزيز الاستقرار في سوريا وعموم المنطقة، كما يمكن تعميم هذه التجربة على الدول التي تشهد ظروفاً مشابهة لسوريا.