عودة قسرية.. أطفال غزة الجرحى يرحلون من الأردن “بلا شفاء”

الأردن أعلن عودة 17 طفلاً فلسطينياً إلى قطاع غزة، بعد استكمال علاجهم في المستشفيات الأردنية.
تفاجأ عدد من جرحى العدوان الإسرائيلي على غزة، والموجودين في المستشفيات الأردنية لتلقي العلاج، بقرار السلطات الأردنية إعادتهم إلى القطاع، على الرغم من أن كثيراً منهم لم يكملوا مراحل علاجهم بعد.
وجاءت الخطوة الأردنية المفاجئة في وقت يشهد فيه القطاع أوضاعاً إنسانية مأساوية، ومجاعة حادة، وانهياراً شبه تام في النظام الصحي، وعدم وجود مستشفيات تستطيع إكمال علاجهم في غزة.
وأكد عدد من أهالي هؤلاء الجرحى أن الرحلة إلى غزة لم تكن فقط مؤلمة جسدياً ونفسياً، بل شابها الكثير من الانتهاكات من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، خاصة عند مرورهم عبر معبر كرم أبو سالم.
وقالوا إن الجنود الإسرائيليين صادَروا أموالهم وهواتفهم وحقائبهم الشخصية، بل وتعرض بعضهم للإهانة خلال الفحص الأمني.
الأردن كان قد أعلن لسان الملك عبد الله الثاني خلال لقاء له مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في فبراير الماضي، عزم بلاده استقبال نحو ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج.
وجاءت خطوة الأردن في ظل عدوان إسرائيلي متواصل على غزة منذ 7 أكتوبر 2023، أسفر عن استشهاد قرابة 173 ألف بين شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى آلاف المفقودين.
شهادات مؤلمة
وأكد والد الطفل أحمد الشيخ (9 أعوام) المصاب بسرطان الدم، أن ابنه لم يكمل سوى مرحلتين من أربع مراحل علاج كيماوي، “وتفاجأنا بقرار الإعادة المفاجئ”.
وأضاف الشيخ في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “الطبيب الأردني قال لنا بالحرف إن علاجه يجب أن يستمر لأسابيع، والآن نحن في غزة، ولا دواء، ولا كهرباء، ولا مستشفى قادر على استقباله”.
وذكر أن السلطات الأردنية بررت قرار ترحيلهم إلى غزة رغم عدم اكتمال علاج ابنه إلى وجود قرار ملكي يقضي بإعادة جرحى غزة إلى القطاع مرة أخرى، من أجل استقبال آخرين بدلاً منهم.
وبين الشيخ أنه تعرض لعملية سرقة مكتملة الأركان من قبل جيش الاحتلال داخل معبر كرم أبو سالم، حيث قام أحد الجنود بسرقة مبلغ قيمته 7 آلاف دولار كان بحوزته و4 هواتف، و3 حقائب كانت معهم.
وتابع: “عند العودة الإجبارية شعرت أنا ومن معي من أهالي الجرحى بالخوف والخذلان، خاصة في ظل الغموض الذي لف عملية الإعادة، وعدم وضوح المعايير الطبية التي تم الاستناد إليها لتحديد العودة”.
من جانبه، تحدث والد الطفل عبد الرحمن أحمد (11 عاماً)، الذي بترت ساقاه نتيجة قصف منزلهم في خان يونس، قائلاً: “كنت أتوسّل لهم ألا يعيدوه الآن، فالعلاج الفيزيائي لم يبدأ بعد، والجرح ما زال ينزف أحياناً، ولكن تم ترحيلنا”.
وقال أحمد في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “الآن نحن في خيمة قرب مستشفى ناصر، ولا حتى كرسي متحرك، وفوق ذلك لم ننم منذ يومين بعد قرار ترحيلنا من العاصمة الأردنية بسبب سوء المعاملة خلال العودة”.
وأضاف أحمد: “ابني عبد الرحمن وصل إلى الأردن في مارس الماضي، أي رحلته علاجه لم تستغرق الثلاثة شهور، ويحتاج إلى تركيب أطراف وعلاج نفسي داخل الأردن، ولكن جاء قرار الترحيل المفاجئ دون إكمال العلاج”.
وأوضح ناشد السلطات الأردنية بوقف إعادته إلى غزة وترحيله إلى أي دولة أخرى من أجل إكمال علاج ابنه مبتور الأقدام، لكن عمّان رفضت وأخبرته بعدم وجود أي مجال إلا بإعادته إلى القطاع مرة أخرى.
وطالب أحمد السلطات الأردنية بتعويضه عن الأموال التي سرقها منه جنود الاحتلال خلال عودته داخل معبر كرم أبو سالم، وعن الضرر الذي لحق به نتيجة الترحيل المفاجئ.
رواية الجيش الأردني
الجيش الأردني، أعلن بدوره عودة 17 طفلاً فلسطينياً إلى غزة، بعد “استكمال علاجهم في المستشفيات الأردنية”، وذلك في إطار مبادرة “الممر الطبي الأردني” التي أطلقتها المملكة لتقديم الرعاية الصحية العاجلة لأبناء القطاع المحاصر.
وأوضح بيان صادر عن القوات المسلحة الأردنية، الثلاثاء 13 مايو الجاري، أن الأطفال العائدين كانوا ضمن أول دفعة من 29 طفلاً تم إجلاؤهم من غزة في الرابع من مارس الماضي، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة الأردنية.
وأشار إلى أن الأطفال تلقوا رعاية طبية متخصصة أسفرت عن تماثل 17 منهم للشفاء التام، في حين لا يزال 12 طفلاً آخر يخضعون للعلاج في مستشفيات المملكة وسط رعاية دقيقة ومتابعة حثيثة.