“العام الثقافي” بين قطر والمغرب.. تقارب أعمق في التراث والتاريخ
لماذا اختير المغرب شريكاً لقطر؟
لإرثه الحضاري والثقافي الغني.
ما أثر الفعاليات على الجمهور المحلي؟
تعزيز الوعي بثقافات جديدة.
تُعدّ العلاقات الثقافية بين الدول جسراً أساسياً للتواصل والتفاهم بين الشعوب، حيث تسهم في تعزيز القيم المشتركة وإبراز التنوع الثقافي.
وفي هذا السياق، تأتي مبادرة “الأعوام الثقافية” التي أطلقتها قطر كخطوة رائدة لتعميق الروابط الثقافية مع دول العالم، وفي عام 2024، اختارت الدوحة المملكة المغربية كشريك ثقافي، لما تتميز به من إرث حضاري غني وتاريخ ثقافي متنوع.
مبادرة بارزة
يهدف العام الثقافي “قطر-المغرب 2024” إلى تعزيز العلاقات الثقافية بين البلدين وإبراز الروابط التاريخية والتراث المشترك الذي يجمع الشعبين الشقيقين.
تتضمن المبادرة مجموعة من الفعاليات الثقافية والفنية التي تسلط الضوء على التراث المغربي والقطري، وتشمل العديد من المعارض الفنية، العروض الموسيقية، والورش التي تعكس ثراء وتنوع التراث الثقافي لكلا البلدين.
وضمن فعاليات العام الثقافي، أقامت وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة، ممثلة بإدارة التمكين الأسري، بالتعاون مع هيئة متاحف قطر ولجنة الأعوام الثقافية ومعهد الدوحة للدراسات العليا، ندوة بعنوان “قطر والمغرب: الواقع والآفاق” في 14 نوفمبر الجاري بمقر المعهد.
وافتتحت الندوة عميدة كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية في معهد الدوحة للدراسات العليا، أمل غزال، بكلمة ترحيبية، أكدت فيها على أهمية الندوة في تعزيز الفهم الأكاديمي للعلاقات بين البلدين، معتبرةً إياها نموذجاً مميزاً للتعاون العربي ودعامة لتعميق الروابط الثنائية.
وتميزت الندوة بمشاركة باحثين قدموا أوراق عمل تناولت الجوانب الاجتماعية والإنسانية في العلاقات القطرية المغربية، وكيف تساهم في تعزيز التفاهم الثقافي والاجتماعي بين الشعبين.
العام الثقافي “قطر-المغرب 2024” ليس مجرد احتفاء بالثقافة، بل هو منصة تعاونية تهدف إلى استكشاف القواسم المشتركة بين البلدين وتسليط الضوء على نقاط القوة الثقافية لكل منهما.
ومن خلال سلسلة من الفعاليات المتنوعة التي تشمل المعارض الفنية، العروض الموسيقية، وبرامج التبادل الثقافي، يسعى هذا الحدث إلى بناء فهم أعمق وتعزيز الحوار بين الشعبين القطري والمغربي.
تقريب الثقافات
ويرى الطاهر عبدلاوي، وهو صانع أفلام وثائقية من المغرب، أن أهمية العام الثقافي تكمن في مساهمته بتعميق الفهم للثقافات والتقاليد بين الشعبين، مما يعزز الاحترام والتقدير المتبادل، وبتسليط الضوء على التراث الثقافي من خلال المعارض والمهرجانات، واستعراض الفنون والحرف التقليدية والموسيقى، يتيح هذا للجمهور التعرف على جوانب مختلفة من التراث الثقافي المغربي والقطري.
وأضاف في حديثه لـ”الخليج أونلاين” أن “هذه الفكرة المبتكرة، فرصة مشجعة للفنانين والمبدعين من كلا البلدين للتعاون وتبادل الخبرات، وربما هذا سيؤدي إلى إنتاج أعمال فنية مشتركة، كما ستعمل هذه الفعاليات على جذب السياح والمستثمرين، مما يحقق مفهوم التبادل الاقتصادي والسياحي بين البلدين”.
كما أكد عبدلاوي أن هذه الفعاليات هي تجسيد للتفاهم والتعاون بين البلدين، وتعزيز الروابط الثقافية والاجتماعية والاقتصادية بما يعود بالنفع على الشعبين الشقيقين، وتفتح المجال لاستكشاف قصص إنسانية واجتماعية مثيرة.
ولفت إلى أن أحداث المبادرة “ستمثل لحظة تاريخية يمكن توثيقها للأجيال القادمة، سواء عبر أفلام وثائقية أو سلسلة قصيرة من المنتوجات الإعلامية على شكل قصص، مبيناً أن الفيلم الوثائقي يمكن أن يوثق مساهمة الفعاليات في تقريب الثقافات أو حتى كيف انعكست على العلاقات الشعبية”.
ويعتقد أن على المجتمع المدني القيام بدوره لاستمرار مثل هذه الفعاليات، وعلى الأطراف المعنية أن تتخذ خطوات استراتيجية مُستدامة للحفاظ على الزخم الثقافي والبناء على ما تم تحقيقه.
أبرز الفعاليات
اختارت مبادرة الأعوام الثقافية الفترة من 15 إلى 23 نوفمبر الجاري موعداً لإطلاق النسخة الثانية من فعالية “الجولة الثقافية للدراجات – المغرب”، حيث تهدف إلى جمع محترفي وهواة ركوب الدراجات في رحلة لاستكشاف التراث الثقافي والمواقع التاريخية في المغرب، بحسب اللجنة المنظمة.
وانطلقت الجولة من الدار البيضاء، بمشاركة 28 دراجاً قطرياً يقطعون مسافة 600 كيلومتر، مروراً بمدن مثل مراكش وطنجة، إضافة إلى قرى أمازيغية تقليدية في جبال الأطلس، وتوقفت الجولة عند مواقع تاريخية وثقافية تستعرض التراث المغربي المتنوع.
وبدوره، أكد محمد سعد الرميحي، الرئيس التنفيذي لمتاحف قطر، أن الشراكة الثقافية لهذا العام مع المغرب في إطار برنامج العام الثقافي تسلط الضوء على التراث الغني للمملكة المغربية وتفتح آفاقاً جديدة للتعاون الثقافي.
وأكدت اللجنة المنظمة خلال ندوة صحافية بالدوحة، أن الجولة لم تقتصر على كونها نشاطاً رياضياً، بل تمثل تجربة استثنائية لتعزيز الروابط مع المدن والقرى المغربية الساحرة، إلى جانب التفاعل مع المجتمع المغربي واستلهام الدروس القيمة من هذه الرحلة.
وقال الكواري، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية: “نسعى من خلال الجولة الثقافية للدراجات إلى إبراز دور الرياضة والثقافة كجسور قوية تربط المجتمعات”، منوهاً بأنه خلال مسار الرحلة، تم التعرف على العديد من المآثر التاريخية والمعالم الاقتصادية، والتعرف عن قرب على ثقافة وتراث المغرب الذي يمتد لآلاف السنين.
علاقات متينة
تمثل العلاقات القطرية المغربية نموذجاً متميزاً للتعاون العربي المبني على أسس متينة من الأخوة والشراكة الاستراتيجية.
وتتجلى هذه العلاقات في تنسيق سياسي دائم ومواقف مشتركة في القضايا الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى تعاون اقتصادي متنامٍ يتضمن استثمارات قطرية كبيرة في قطاعات حيوية بالمغرب، وشراكات تجارية تعكس التكامل بين البلدين.
وتشهد العلاقات السياسية بين المغرب وقطر تطوراً ملحوظاً على أساس التعاون المشترك والاحترام المتبادل، ويعكس هذا التعاون دورهما الإقليمي المتميز في دعم القضايا العربية والإسلامية، مثل القضية الفلسطينية.
ويعد التعاون الاقتصادي أحد أبرز ركائز العلاقات بين المغرب وقطر، حيث يتميز بالاستثمارات القطرية الكبيرة في قطاعات البنية التحتية والعقارات في المملكة.
ووصل حجم التبادل التجاري بين قطر والمغرب في عام 2023 إلى ما يقارب 256 مليون دولار، محققاً نمواً بنسبة تزيد على 10% مقارنة بعام 2022، حيث سجل 232 مليون دولار، وفق موقع “الجزيرة.نت”.
وتُشكّل المنتجات البلاستيكية والألومنيوم الجزء الأكبر من الصادرات القطرية إلى المغرب، بينما تشمل واردات الدوحة من المملكة المواد الغذائية والملابس.