التعديل الدستوري في قطر.. كفاءة للحياة التشريعية والعمل الحكومي
المطوع: تعيين أعضاء الشورى يساهم في تعزيز اختيار الأشخاص الذين يمتلكون رؤية واضحة وخبرة عملية
مع إقرار التعديلات الدستورية في دولة قطر، يبدأ المواطنون فصلاً جديداً من فصول الحياة التشريعية بالاعتماد على مجلس شورى معين من قبل أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وهو ما يعتبره كثيرون فرصة مهمة لتقديم الكفاءات الوطنية، إضافة إلى تعزيز تلك الخطوة للوحدة الوطنية والتماسك بالمجتمع.
وبحسب التعديل الدستوري الذي صوت عليه الشعب القطري الثلاثاء (5 نوفمبر 2024) بالموافقة بنسبة تجاوزت 90% سيتم تعيين كامل مجلس الشورى بدل من انتخاب ثلثي أعضاءه، إضافة إلى منح المجنسين الحق بشغل المناصب العليا في الدولة، كما أتاح التعديل لرئيس مجلس الوزراء تفويض بعض صلاحياته إلى عدد من نوابه أو الوزراء.
ووافق على مشروع التعديلات الدستورية 90.6% من إجمالي أصوات المواطنين والمواطنات، فيما بلغت نسبة المشاركة 84% ممن يحق لهم التصويت من المواطنين.
ويعتبر مراقبون ومختصون أن التعديلات الدستورية تضمنت جوانب جوهرية تصب في صالح تحسين الحياة التشريعية في البلاد وتضمن تمثيلاً أفضل في مجلس الشورى، إضافة إلى أن تفويض بعض صلاحيات رئيس الوزراء سيساهم في تحسين الأداء في المؤسسات الحكومية.
اختيار الكفاءات
وحول إقرار تعيين كامل مجلس الشورى من قبل الأمير، تقول المحامية منى المطوع: “هذه الخطوة تهدف إلى ضمان تمثيل أفضل للكفاءات الوطنية المتنوعة، إذ يسمح هذا النظام بتعيين أشخاص يتمتعون بخبرة واسعة في مجالات القانون، والاقتصاد، والسياسة، والتنمية الاجتماعية”.
وأوضحت المطوع في حديثها لـ “الخليج أونلاين”، أن تعيين الأمير للأعضاء “يساهم في تعزيز اختيار الأشخاص الذين يمتلكون رؤية واضحة وخبرة عملية للمشاركة في اتخاذ القرارات التي تخص التشريعات والسياسات العامة”، موضحة أن اختيار الكفاءات الوطنية سيضمن تقديم مقترحات ودراسات تشريعية فعّالة تخدم المواطنين وتلبي احتياجاتهم.
ولفتت إلى أن “التعديل الجديد بما يخص مجلس الشورى يساهم في تقليل الخلافات التي قد تنشأ في الانتخابات على أساس قبلي أو عائلي، مما يعزز من ترسيخ مبادئ الوحدة الوطنية والتماسك المجتمعي”.
وبخصوص منح رئيس الوزراء صلاحية تفويض بعض مهامه لبعض الوزراء أو المسؤولين المختصين قالت المحامية منى المطوع: “يتيح هذا التفويض توزيع المهام بشكل أفضل، حيث يمكن لرئيس الوزراء التركيز على الملفات الاستراتيجية والسياسات العليا، في حين يتولى الوزراء أو المسؤولون الآخرون المسؤوليات اليومية والإدارية”.
وأشارت إلى أن تفويض الصلاحيات يعتبر “خطوة استراتيجية تهدف إلى رفع كفاءة العمل الحكومي وتسريع تنفيذ المشاريع الحكومية، حيث يمكن للمسؤولين المفوضين اتخاذ قرارات بسرعة أكبر في المسائل التي تخصهم”، موضحة أن ذلك يساعد على تحسين الخدمة العامة وزيادة التفاعل الحكومي مع قضايا المواطنين، وتعزيز التعاون بين مختلف الجهات الحكومية، ما ينعكس على التنمية المستدامة للدولة”.
الاستفتاء وصداه في المجتمع القطري قالت عنه المطوع إنه “يعد خطوة غير مسبوقة نحو تعزيز المشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات الوطنية؛ إذ تميّز بنسبة مشاركة عالية وعكست نتائج التصويت تأييداً كبيراً، حيث وافق حوالي 90% من الناخبين على التعديلات، مما يظهر رغبة المجتمع في دعم مسيرة الإصلاحات الدستورية التي ترعاها القيادة القطرية”.
وأضافت: “خلاصة القول؛ أن التعديلات الجديدة تعكس رؤية شاملة لتعزيز الوحدة الوطنية وتطوير أسلوب العمل الحكومي بما يتماشى مع متطلبات التنمية المستدامة وتحقيق أهداف رؤية قطر الوطنية 2030”.
مساواة في الحريات والحقوق
إلى ذلك أكد أستاذ القانون بجامعة قطر الدكتور حسن السيد، أن التعديلات الدستورية “بنيت على أسس وغايات مثلى تتمثل في المساواة بين المواطنين في الحريات والحقوق العامة إضافة إلى الوحدة الوطنية التي تعتبر مرتكزاً أساسياً لهذه التعديلات”.
وحول التعديل الدستوري الذي يخص مجلس الشورى، قال السيد لـ “الخليج أونلاين”: “بعد قراءة التعديلات الدستورية نؤكد أن صلاحيات مجلس الشورى بقيت كما هي دون أي تغيير، لا سميا في سلطة التشريع واقتراح القوانين والتشريعات وإقرارها ورفعها لسمو الأمير، إضافة إلى الرقابة على الأداء الحكومي من خلال الأسئلة الموجهة للحكومة والاستجواب والأسس المؤكد عليها في الدستور القطري، وإقرار الموازنة العامة”.
وختم حديثه بالقول: “خلاصة الأمر؛ أن التعديلات الدستورية الجديدة بنيت على غايات مثلى، ونتمنى المزيد من التقدم والرخاء لدولتنا دولة قطر الحبيبة”.
بدوره، أكد عضو هيئة التدريس في جامعة قطر الدكتور خالد الشمري، أن التعديلات الدستورية تدور في فلك ثلاث ركائز أساسية تهدف إلى تحقيق غاية مثلى من هذه التعديلات.
وبحسب الشمري في حديثه لـ “الخليج أونلاين”، فإن ركائز التعديلات الدستورية هي:
الأولى: المساواة بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات وهذا ما نص عليه الدستور الدائم لدولة قطر، ومن تلك التعديلات تولي الوزارة متاح لمن يحمل الجنسية القطرية.
الثانية: العدل بين جميع المواطنين بحيث يكون هناك تكافؤ الفرص؛ بمعنى من يكون مؤهلاً لشغل منصب معين فلا يوجد مانع دستوري حالياً من توليه.
الثالثة: المحافظة على الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي من خلال الحفاظ على التماسك الاجتماعي خلال تعيين كامل أعضاء مجلس الشورى.
وفي 29 أكتوبر الماضي، أصدر أمير قطر مرسوماً بدعوة المواطنين القطريين الذين أتموا سن الـ18 للمشاركة في استفتاء عام على التعديلات الدستورية، والتي تشمل إلغاء انتخاب ثلثَي أعضاء مجلس الشورى، واعتماد نظام التعيين، إضافة لتعديل عدة مواد دستورية أخرى.