الاخبار

اشتباكات الحدود.. سوريا ولبنان أمام اختبار أمني حساس

  • هدوء حذر في المناطق الحدودية بين سوريا ولبنان بعد اشتباكات دامية استمرت يومين.

  • اتفاق بين وزارتي الدفاع في سوريا ولبنان على التهدئة وتجنب التصعيد في الحدود.

هدوء مشوب بالحذر بعد يوم ونصف من القصف بالراجمات والمدافع والاشتباكات المتبادلة والتحشيد المسلح على الحدود السورية اللبنانية، في أخطر احتكاك مباشر بين الجيش السوري الجديد، وعناصر “حزب الله” اللبناني.

القصة بدأت عقب مقتل 3 من عناصر الجيش السوري، على يد مسلحين قالت وزارة الدفاع السورية إنهم من “حزب الله”، بعد اختطافهم ونقلهم إلى الأراضي اللبنانية، في الوقت الذي نفى الحزب علاقته بالحادثة.

وبدا من الواضح أن الجيش السوري يريد إعادة ضبط خارطة السيطرة على الحدود مع لبنان، والتي ظلت طيلة السنوات الماضية ممراً لتهريب الأسلحة والمخدرات بين جماعة “حزب الله” وجيش نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وبالرغم من مساعي الرئاسة اللبنانية لاحتواء الموقف، إلا أن الوضع على الأرض ما يزال متوتراً، خصوصاً بعد إرسال الحكومة السورية تعزيزات عسكرية إلى الحدود، فهل يخرج الأمر عن السيطرة؟.

هدوء حذر

وبعد اشتباكات دامية، أكدت وزارتي الدفاع السورية واللبنانية، مساء الاثنين 17 مارس، التوصل لاتفاق ينص على وقف إطلاق النار في الحدود، وتعزيز التنسيق والتعاون بين الجانبين.

وبحسب وكالة الأنباء الرسمية اللبنانية، فقد أجرى وزير الدفاع اللواء ميشال منسي، مباحثات هاتفية مع نظيره السوري مرهب أبو قصرة، حول التطورات على الحدود، واتفقا على أن يستمر التواصل بين مخابرات البلدين للحيلولة دون تدهور الأوضاع مرة ثانية.

واستمرت المواجهات من ليل الأحد وحتى عصر الاثنين، بين الجيش السوري، ومسلحي “حزب الله” في المنطقة الحدودية بريف حمص، وقال الجيش السوري إن عناصر الحزب، تتخذ من الحدود اللبنانية السورية منطلقا للعمليات على البلدات والمناطق السوري.

ووفق الإحصائيات المعلنة، فقد قتل بالاشتباكات ما لا يقل عن 13 من منتسبي الجيش السوري، إلى جانب مدنيين اثنين، في حين أكدت وزارة الصحة اللبنانية، مقتل 7 أشخاص.

ونقلت وكالة الأنباء السورية “سانا” عن مصدر في وزارة الدفاع قوله، إن تحركات الجيش السوري على الحدود، تهدف إلى طرد مليشيات “حزب الله” من القرى والمناطق السورية التي تتخذها كأماكن مؤقتة لعمليات التهريب وتجارة المخدرات.

تعزيزات

وأعلنت وزارتي دفاع البلدين، إرسال تعزيزات عسكرية إلى الحدود، بعد تعرض المناطق الحدودية للقصف المدفعي والصاروخي المتبادل، قبل أن يتم الإعلان عن التوصل لاتفاق تهدئة.

وأكد الجيش اللبناني، أن وحداته العسكرية ردّت على مصادر النيران بالأسلحة المناسبة، وتعمل على تعزيز تمركزها الدفاعي لوقف الاعتداءات على أراضي البلاد، مؤكداً أن الاتصالات بين قيادة الجيش والجانب السوري مستمرة لاستعادة الهدوء وضبط الوضع في المنطقة الحدودية.

وأمر الرئيس اللبناني جوزيف عون، الاثنين، الجيش اللبناني، بالرد على مصادر إطلاق النيران من الحدود الشمالية والشرقية مع سوريا، مؤكداً في بيان له أن ما يحصل هناك لا يمكن أن يستمر.

بؤرة توتر

وليست هذه هي المرة الأولى التي تندلع فيها اشتباكات بين قوات الجيش السوري الجديدة، ومسلحين يُعتقد أنهم من “حزب الله” اللبناني، إذ لطالما كانت المناطق الحدودية قرب حمص والقصير ممراً لعناصر الحزب، ولمهربي السلاح والمخدرات.

وفي فبراير الماضي اندلعت اشتباكات عنيفة بين الجيش السوري وعناصر “حزب الله”، خلال عملية نفذها الجانب السوري لاستعادة جنديين مختطفين لدى عناصر الحزب داخل لبنان.

وكان متوقعاً في أعقاب الإطاحة بالأسد، أن تشهد الجبهة الحدودية بين لبنان وسوريا، اشتباكات عنيفة؛ لكونها المتنفس الوحيد للحزب الذي تعرض لضربات موجعة من قبل “إسرائيل” خلال الأشهر الماضية.

بدوره قال العضو السابق في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أحمد رمضان، إن ما يفعله “حزب الله” من تسلل وقتل داخل الحدود السورية، كان مقرراً له أن يتم في 6 مارس الجاري، أي بالتزامن مع أحداث الساحل.

وأضاف في تدوينة على منصة “إكس”، إن الحزب جلب قواته من جنوب لبنان وحشدها مقابل بلدة القصير بريف حمص، لافتاً إلى أنه “كان مقرراً لها التدخل لصالح الانقلابيين من بقايا نظام الأسد، لكن فشل الانقلاب أخَّرها”.

اعتداء خطير

وهناك من يرى أن للأمر علاقة بهزيمة مشروع “حزب الله” وإيران في سوريا، وهو ما ذهب إليه الخبير العسكري العقيد إسماعيل أيوب، والذي أشار إلى أن “الحزب يحاول الآن عمل قلاقل أمنية، خصوصاً منطقة غرب القصير التي كان الحزب يحتلها، حتى اعتقد البعض أنها صارت ساحة نفوذ خاصة به”.

وأضاف أيوب في تصريح لـ”الخليج أونلاين”: “الاعتداء الذي حصل كان خطيراً من قبل الحزب”، مؤكداً أن أسر الجنود السوريين إلى داخل الأراضي اللبنانية، وقتلهم بهذه الطريقة، “سيكون له تداعيات كبيرة”.

وأشار إلى أن الجيش السوري رد على تلك الجريمة، بقصف مواقع “حزب الله” بالمدفعية الثقيلة والراجمات، لافتاً إلى أنه يجب على الحكومة السورية أن تحمل الحكومة اللبنانية تداعيات هذه الجريمة.

وقال العقيد أيوب، إن الحكومة اللبنانية “هي الطرف المسؤول عن أمن الحدود من الجانب اللبناني، وليس حزب الله”، مضيفاً: “أنا أرى أن الحكومة اللبنانية متهمة بالتورط، لأن قيادة الجيش اللبنانية وجهت بالرد على مصادر النيران في الأراضي السورية، وهذا يعني أن الحكومة اللبنانية، متماهية مع اعتداءات حزب الله المتكررة على الجانب السوري من الحدود”.

مسؤولية لبنان

وفي حال لم يتدخل الجيش وحرس الحدود اللبناني للجم مليشيات “حزب الله” في تلك المنطقة، فسيكون هناك تداعياتها خطيرة جداً، وفق أيوب.

واستطرد قائلاً: “سوف تضطر القوات السورية أن تدخل للأراضي اللبنانية، وتقضي على هذه المجموعات التابعة لآل زعيتر وآل نوح، وحزب الله بشكل عام بمنطقة الهرمل”.

واعتبر أن الحل الوحيد للحيلولة دون الانزلاق إلى المواجهة الشاملة، يكمن بأن تقوم الدولة اللبنانية بواجبها، “من خلال القضاء على نفوذ حزب الله الذي أصبح دولة داخل الدولة”.

ونوّه الخبير العسكري السوري، إلى أن هذه هي مسؤولية الحكومة اللبنانية، وليست مهمة الجانب السوري، مضيفاً: “لكن إذا لم تقم الحكومة اللبنانية بدورها بضبط الحدود، فستضطر الحكومة السورية لمعالجة هذا الموضوع بطريقتها الخاصة”.

وحذر من أن استمرار اعتداءات “حزب الله”، وخطفه للجنود وقتلهم بطريقة بشعة، واستمرار الدعوات للقتل، “قد يؤدي إلى ردود أفعال غير منضبطة من قبل الجانب السوري”.

واختتم أيوب حديثه لـ”الخليج أونلاين” بالقول: “بالتالي نحن نهيب بالدولة اللبنانية، أن تقوم بدورها على الطرف الآخر من الحدود، وأن تضبط الحدود، وإلا ستكون تداعيات خطيرة، وستنزلق الأمور إلى مواجهة شاملة مع الحزب”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى