أين يقف الجيش اللبناني من الحرب بين “حزب الله” و”إسرائيل”؟
يواجه الجيش اللبناني تحديات كبيرة في هذه المرحلة أبرزها:
- القيام بمهمة تأمين الجنوب اللبناني دون الاحتكاك مع “حزب الله” وكذلك ضمان وقف إطلاق النار.
- يحتاج الجيش اللبناني إلى قدر كبير من الموارد والإمكانات المادية، التي تمكنه من القيام بدوره في مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار.
مع اقتراب العمليات العسكرية الإسرائيلية البرية في جنوب لبنان من إتمام شهرها الثاني، تتجه الأنظار إلى الجيش اللبناني، ودوره في هذه المرحلة، ومرحلة ما بعد الحرب، ومساعيه المستمرة لتجنب الدخول في صدام مع جيش الاحتلال أو مع “حزب الله”.
وأضافت الحرب عبئاً جديداً وكبيراً على الجيش اللبناني، والذي يُنتظر منه أن يلعب دوراً مهماً في تنفيذ القرار 1701 والانتشار في منطقة الجنوب.
ويفتقر الجيش اللبناني للإمكانات الكافية للقيام بمهمة تأمين مناطق الجنوب، فضلاً عن احتمالية عدم التزام “إسرائيل” بأي اتفاق، خصوصاً أنها استهدفته عدة مرات خلال الأشهر الماضي.
وضع حرج
وبالرغم من تأكيد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الخميس (21 نوفمبر)، على استعداد المؤسسة العسكرية اللبنانية التام للانتشار وتعزيز الحضور في الجنوب، إلا أن ثمة الكثير من الصعوبات والتحديات تنتظره في الفترة المقبلة.
ومنذ الـ7 من أكتوبر 2023، قتل قرابة 40 جندياً وأصيب العشرات بقصف إسرائيلي في مناطق متفرقة في الأراضي اللبنانية، ورغم ذلك يبقى الجيش حاضراً في كل مبادرات ومقترحات وقف إطلاق النار، لكنه قد يواجه مأزقاً كبيراً في فرض سيادته بظل النفوذ الكبير الذي لايزال يتمتع به “حزب الله” والذي يهمين منذ سنوات على القرار السيادي اللبناني.
ووفق تحليل لوكالة “رويترز” نشرته (19 نوفمبر الجاري)، فإنه بالرغم من الضربات الكبرى والمؤثرة التي تعرض لها “حزب الله” من “إسرائيل”، لكنه لا يزال أقوى من الجيش الذي ظل مهمشاً طيلة السنوات الماضية، ولم يلعب أي دور في قرار “حزب الله” الدخول في مواجهة مع “إسرائيل” منذ أكتوبر 2023.
ونقلت الوكالة عن مصادر مقربة من الجيش اللبناني ودبلوماسيين – لم تسمهم – قولهم إن “انتشار الجيش اللبناني في جنوب لبنان، يتطلب موافقة حزب الله، في حين أن المؤسسة العسكرية ستتحاشى أي احتكاك قد يقود إلى صراع داخلي”.
كما قال العميد اللبناني المتقاعد حسن جوني، لـ”رويترز”، إن “الجيش في موقف حساس وصعب” لافتاً إلى أنه “لا يستطيع أن يمارس المهام العادية مثل جيوش الدول الأخرى، لأن هناك قوة عسكرية أخرى في البلاد” في إشارة لـ”حزب الله”.
وسبق أن تجنب الجيش اللبناني القتال ضد “حزب الله” عندما احتل بيروت عام 2008، كما تجنب أيضاً الاصطدام بـ”إسرائيل” منذ توغلها في بلدات وقرى الجنوب منذ مطلع أكتوبر الماضي.
والأسبوع الماضي قال مسؤول العلاقات الإعلامية بالحزب محمد عفيف (الذي قتل لاحقاً بقصف إسرائيلي)، إن هناك محاولات لدفع الجيش لمواجهة “حزب الله”، لافتاً إلى أن تلك الجهات “لن تستطيع فك الارتباط بين الجيش والمقاومة” على حد زعمه.
موقف الحلفاء
وقال دبلوماسيان غربيان ومصدر مقرب من الجيش اللبناني، لوكالة “رويترز” إن واشنطن حريصة على رؤية الجيش اللبناني في مواجهة “حزب الله” بشكل أكبر، بالرغم من إدراكها أن هذا الأمر يمكن أن تؤدي إلى صراع داخلي كبير.
وقال دبلوماسي غربي: “أي مشاهد لاقتحام الجيش للمنازل بحثاً عن أسلحة حزب الله كفيل بأن يشعل حرباً أهلية”، لافتاً إلى أن “الحل يكمن في وقوف الجيش اللبناني جنباً إلى جنب مع قوات حفظ السلام الدولية”.
وبحسب الوكالة، فإن المسؤولين اللبنانيين والإسرائيليين والأمريكيين يتفقون على أن حجز الزاوية للهدنة الدائمة يكمن في تحسين تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 1701 الذي أنهى حرب عام 2006، والذي ينص على نشر قرابة 15 جندي لبناني في الجنوب وعلى حدود “إسرائيل”، علماً أن قوام الجيش يبلغ قرابة 40 ألف جندي.
ويعتمد الجيش اللبناني بشكل كبير على التمويل الأجنبي له، وفي المقدمة الولايات المتحدة الأمريكية التي تمنحه ملايين الدولارات، لسداد الرواتب والنفقات المختلفة، فضلاً عن اعتماد المانحين في باريس الشهر الماضي منحة مالية مخصصة له كجزء من الدعم المقدم للبنان.
الدور المرتقب
وعلقت الصحفية والباحثة في مؤسسة الدراسات الفلسطينية ببيروت، رندة حيدر على دور المؤسسة العسكرية اللبنانية في هذه المرحلة، مشيرةً إلى أن الحديث عن الجيش اليوم بالذات في ذكرى استقلال لبنان (22 نوفمبر من كل عام) يأخذ منحى وطنياً عام ومهم للغاية.
وقالت حيدر في تصريح لموقع “الخليج أونلاين”: “بناء على ما رشح من بنود اتفاق وقف إطلاق النار التي يجري التفاوض عليها، فإنه من المفترض أن يتولى الجيش اللبناني فور الإعلان عن وقف الحرب تنفيذ خطة انتشار جديدة على طول الحدود مع إسرائيل”.
كما لفتت إلى أن “خطة الانتشار المرتقبة قوامها 5000 جندي على مراحل، كما من المفترض أن يشرف الجيش اللبناني على عملية انسحاب قوات حزب الله مع سلاحهم وترسانتهم الصاروخية إلى ما وراء نهر الليطاني”.
ورصدت رندة حيدر جملة من العقبات التي ستواجه الجيش اللبناني في المرحلة المقبلة قائلة:
-
في الوقت الذي تنتظر (إسرائيل) من الجيش تفكيك مواقع الحزب ولو بالقوة، فإن هذا ينطوي على خطر الدخول في مواجهة مع الحزب، الأمر الذي يعرضه إلى مخاطر جمة ويهدد وحدته وهو المؤسسة الوطنية الأساسية التي يعتمد عليها لبنان.
-
ستكون المرحلة الأولى لتطبيق قرار وقف إطلاق النار اختباراً جدياً للجيش ولنوايا (حزب الله) في التعاون معه على وقف الحرب وانسحاب الجيش الاسرائيلي من قرى الجنوب التي دمرها.
-
من ناحية أخرى، الجيش بحاجة إلى عتاد جديد يخوّله الانتشار والعمل بفعالية وهذا يتطلب خطة تسليح وتدريب بدعم غربي.
-
انتشار الجيش على طول الحدود سيجعله يتحمل المسؤولية عن أي خرق مستقبلي للاتفاق على وقف الحرب، لا سيما إذا ظلت (إسرائيل) مصرّة على حقها بالتحرك عسكرياّ لدى حدوث خرق للاتفاق.
-
الجيش اللبناني سيتحمل أعباء جديدة مهمة، إلى جانب دوره اليوم في المحافظة على السلم الأهلي في الداخل اللبناني الرازح تحت وطأة أزمة النزوح.
ونوّهت حيدر إلى أن الدور المطلوب من الجيش في المرحلة المقبلة كبير جداً ويتطلب دعماً مادياً خصوصاً في جانب التسليح، مؤكدةً أنه يتمتع اليوم “بدعم كبير من أغلبية الشعب اللبناني الذي تعتبره الأساس للمحافظة على ما تبقى من السيادة اللبنانية”.