أزمة خبز كبيرة.. المجاعة تضرب جنوب قطاع غزة
منذ بداية شهر أكتوبر الجاري يغلق جيش الاحتلال الإسرائيلي معبر كرم أبو سالم التجاري وهو المنفذ الوحيد لإدخال المواد الغذائية واحتياجات سكان قطاع غزة
بعد انتظار طويل أمام مخبز بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، لم يحالف الحظ السيدة الفلسطينية سميرة العطار في الحصول على بعض الخبز لأطفالها بسبب نفاد الدقيق، وحالة الطلب الشديد عليه.
عادت السيدة سميرة (51 عاماً) إلى خيمة نزوحها بمنطقة المواصي غرب مدينة خان يونس حزينة لعدم تمكنها من الحصول على الخبز لأطفالها الستة لسد جوعهم، خاصة في ظل عدم وجود أي مواد غذائية.
ومنذ بداية شهر أكتوبر الجاري يغلق جيش الاحتلال الإسرائيلي معبر كرم أبو سالم التجاري وهو المنفذ الوحيد لإدخال المواد الغذائية واحتياجات سكان غزة، ووسط استمرار أزمة الطعام في شمال القطاع، بات الجنوب يعيش الحال نفسه..
وجبة واحدة باليوم
تقول العطار لـ”الخليج أونلاين”: “نعيش مجاعة بكل ما تحمل الكلمة من معنى وبدون مبالغة، فلا يوجد شيء نأكله منذ أكثر من أسبوعين ونعتمد فقط على بعض ما هو متوفر بالأسواق من ملوخية جافة وبعض المعلبات”.
وتضيف: “أصبحنا نأكل وجبة واحدة في اليوم فقط لعدم توفر المواد الغذائية، وتوقف المؤسسات الدولية خاصة وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) عن توزيع الدقيق والمعونات منذ قرابة شهر كامل”.
بدأت علامات الضعف تظهر على أجساد عائلة العطار جراء عدم توفر الطعام لهم وتأثرهم بسوء التغذية الذي يعاني منه سكان قطاع غزة بفعل الحرب المستمر والحصار المشدد من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.
من أمام مخبز آخر في وسط قطاع غزة، بدأت الطفلة غادة راضي رحلة الحصول على بعض الخبز منذ الساعة السادسة صباحاً ولم تنجح بالحصول على رغيف واحد.
تقول غادة لـ”الخليج أونلاين”: “أقف لساعات طويلة بجانب المئات من الناس أمام المخابز وما يخرج من داخلها هو عدد قليل جداً من الخبز ولا أحصل على أي شيء سوى التعب من التدافع”.
على مدار أسبوع كامل لم تحصل غادة وعائلتها على الخبز، ويأكلون الأرز الذي يأتي لهم من تكية طعام قامت جمعية خيرية بإنشائها داخل مخيمهم.
كذلك، وصف الشاب أحمد أبو إسحاق ما يحصل في قطاع غزة بـ”المجاعة”، خاصة مع عدم توفر الدقيق، وتوقف المؤسسات الدولية عن تقديم المساعدات والمعونات الغذائية للنازحين والسكان.
أكد أبو إسحاق لـ”الخليج أونلاين”، أن الأسواق خالية من البضائع والمواد الغذائية والنازحين والسكان يعتمدون على بعض تكيات الطعام، والمعلبات التي كانت متوفرة لديهم من شهور.
وأوضح أن استمرار إغلاق الاحتلال الإسرائيلي لمعبر كرم أبو سالم سيتسبب في موت أطفال من الجوع وكبار سن ومرضى من سوء التغذية خلال الأيام القادمة.
تحذيرات أممية
مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أكد أن وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع يواجه عراقيل كثيرة، ومن أصل 423 حركة مساعدات إنسانية تم التنسيق لها مع السلطات الإسرائيلية في الفترة من الأول إلى 20 الجاري، تم تسهيل 151 حركة فقط، ورفض 189، وتعطيل البقية.
وفيما يتعلق بحركة وصول المساعدات إلى شمال القطاع، قال المكتب الأممي إنه تم تسهيل 4 حركات فقط من أصل 66 حركة مخططا لها.
وقال مكتب أوتشا “هناك حاجة ماسة إلى فتح ممرات آمنة ومستدامة للوصول إلى شمال غزة والمناطق الأخرى في القطاع”، مشدداً على أن “المعابر المحدودة وغير الموثوقة تعيق عمليات الإغاثة الإنسانية وتجعلها غير فعالة”.
كما حذر نيستور أوموهانغي، ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين، من أن أكثر من 17 ألف امرأة حامل في قطاع غزة على حافة المجاعة، بينما تعيش 11 ألف امرأة حامل بالفعل في ظروف تشبه ظروف المجاعة.
وأضاف في أعقاب زيارته لقطاع غزة التي استمرت 8 أيام، أن سوء التغذية والقلق يعوقان الرضاعة الطبيعية لثلاثة أرباع الأمهات الجدد، في وقت لا يتوفر فيه حليب الأطفال لحديثي الولادة.
ووصف أوموهانغي ما شاهده قائلاً: “خلال زيارتي لوحدة العناية المركزة في مستشفى ناصر في خان يونس، لاحظت 3 أطفال حديثي الولادة يتشاركون حاضنة واحدة، وأبلغني الموظفون أن هؤلاء الأطفال يعتبرون في الواقع من المحظوظين. أخبرني الأطباء في مستشفى ناصر وفي مستشفى الهيئة الطبية الدولية الميداني أنهم يرون معدلاً متزايداً من حالات الإجهاض بالإضافة إلى تشوهات القلب بين الأطفال حديثي الولادة”.
قيود مفروضة
المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أكد أن دولة الاحتلال تغلق معبر رفح البري مع مصر منذ بدء عمليتها العسكرية البرية المتواصلة في السادس من مايو الماضي، وتغلق المنفذ الإنساني المستحدث (إيرز غرب) منذ 180 يوماً، علاوة على القيود المشددة المفروضة على معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد الخاضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة في جنوب شرق مدينة رفح.
وأكد المكتب الأممي إنه تم تسهيل 4 حركات فقط من أصل 66 حركة مخططاً لها.
وأوضح المكتب أن حكومة الاحتلال رفضت أيضاً طلباً منفصلاً يوم الاثنين الماضي للوصول إلى منطقة جباليا لتوزيع الغذاء والأدوية والوقود لتشغيل مرافق المياه، وسط انقطاع التيار الكهربائي المستمر ونفاد الوقود اللازم لتشغيل مرافق المياه، مشيراً إلى أن الناس يخاطرون بحياتهم إما للعثور على مياه الشرب وإما لاستهلاك المياه من مصادر غير آمنة.