آفاقه واسعة.. خط ملاحي سعودي جديد يعزز تجارة الخليج مع الهند
المحلل السياسي د. عبد النبي عبد المطلب:
السعودية تحاول أن تنمي مجموعة من موانئها على البحر الأحمر والخليج العربي لتكون مراكز لوجستية عالمية.
تدشين مثل هذه الخطوط تعني تطورات اقتصادية عالمية وثورات على المستوى السياسي وعلى وجه الخصوص “بريكس” وتعد الهند واحدة من كبار الدول الموجودة فيه.
الخط الملاحي سيجعل من السعودية نقطة انطلاق ترانزيت ما بين شرق آسيا ودول الخليج.
خطوة جديدة تصب في صالح تعزيز مكانة منطقة الخليج بصفتها محوراً لوجستياً بين الشرق والغرب، تمثلت في إطلاق السعودية خطاً ملاحياً جديداً مع الهند، من المتوقع أن يسهم في نمو اقتصاد المنطقة.
الأربعاء 30 أكتوبر الماضي، أطلقت المملكة مساراً جديداً للخطوط الملاحية الإقليمية المنتظمة، يربط موانئ الخليج العربي الرئيسية، ومن ضمنها الدمام وأم قصر العراقي، مع اثنين من أكبر الموانئ التجارية في الهند (نافا شيفا وموندرا).
انطلق الخط الملاحي الجديد “خدمة الهند – الخليج” من الدمام وقدمت السفينة “أستريوس”، التي تبلغ سعتها 1.827 حاوية نمطية، الخدمة، حيث ستحمل بضائع مستوردة من الهند قبل توجهها إلى أم قصر.
الخط الملاحي أطلقته شركة “فُلك” للخدمات البحرية، إحدى الشركات التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، وتُعدّ أول شركة سعودية تقدم خدمات خطوط الحاويات المنتظمة وسفن الروافد في المملكة والمنطقة.
الخط الملاحي الجديد
كانت الخطة الأولية أن تكون الخدمة كل 14 يوماً، ولكن سيتم ترقيتها بسرعة لتصبح أسبوعية مع حلول شهر ديسمبر المقبل.
يهدف كلا المسارين الجديدين للخطوط الملاحية الإقليمية المنتظمة إلى:
-
تعزيز العلاقات التجارية مع الهند.
-
تسهيل حركة نقل السلع الاستهلاكية والبتروكيماويات والسلع الأساسية الأخرى.
-
دعم الشراكة الاستراتيجية المتنامية بين السعودية والهند.
-
تعزيز الربط الإقليمي والأسواق الدولية، مع التركيز على مسارات التجارة الآسيوية والأفريقية والأوروبية.
ويُعتبر ميناء الدمام من بين أكبر 10 موانئ في الشرق الأوسط، حيث يقوم بتسيير وإدارة 2.7 مليون حاوية نمطية سنوياً، ما يجعله فاعلاً رئيسياً في سلاسل التوريد الإقليمية والعالمية.
تبلغ مساحة الميناء 19 كم2، ويحتوي على 43 رصيفاً، إضافة إلى 3 محطات، أما طاقته الاستيعابية فتبلغ نحو 105 ملايين طن، فيما يبلغ عدد مشغلي المحطات نحو 14 مشغلاً.
شهد الميناء توسعات وعمليات تطوير متتالية، أحدثها في يوليو الماضي، حيث استقبل مشغل محطتي الحاويات بالميناء الشركة السعودية العالمية للموانئ “SGP 15” رافعة جسرية “RTG”.
قطاع اللوجستيات
افتتاح هذا المسار يتماشى مع رؤية 2030 الرامية إلى ترسيخ مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي.
بحسب وكالة “واس” يقول وزير النقل والخدمات اللوجستية السعودي، صالح الجاسر:
-
تستهدف الاستراتيجية الوطنية استثمار أكثر من تريليون ريال (266.296 مليار دولار) بحلول عام 2030 في هذا القطاع.
-
جرى إنفاق 200 مليار ريال (53.2 مليار دولار) من هذا المبلغ.
-
مكّنت هذه الاستثمارات القطاع اللوجستي السعودي من التقدم بشكل بارز؛ ما أسهم في تحسين تصنيفاتنا العالمية.
-
قفزت المملكة 17 مرتبة في مؤشر الأداء اللوجستي الصادر عن البنك الدولي، و14 مرتبة في مؤشر الاتصال العالمي للاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا).
-
في 2023 تمكنت شبكة السكك الحديدية السعودية من تقليل ما يعادل مليون رحلة شاحنة من طرقنا؛ ما أسهم بشكل كبير في تقليل انبعاثات الكربون.
الموانئ السعودية
شهدت الموانئ السعودية تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، بفضل الاستثمارات الحكومية ودعم صندوق الاستثمارات العامة، ضمن رؤية 2030 لتحويل المملكة إلى مركز لوجستي عالمي.
ركّزت هذه الجهود على تحديث البنية التحتية للموانئ، وتوسيع قدرات المناولة والشحن.
وأسهمت شراكات القطاعين العام والخاص في تحسين الخدمات وفتح خطوط ملاحية جديدة تربط السعودية بموانئ رئيسية في آسيا وأوروبا، مما يدعم الاقتصاد الوطني ويرسّخ مكانة المملكة في التجارة العالمية.
كل ذلك يدعم ارتفاع الواردات وقوة الاقتصاد فضلاً عن جذب الاستثمارات، بحسب ما يذكر الكاتب علي خضران القرني، في مقال بصحيفة “المدينة” المحلية، حمل عنوان “الموانئ والجاذبية في الاستثمار”.
يلفت القرني إلى احتواء المملكة على العديد من الموانئ البحرية، التي كان لبعضها أهمية أكبر خاصة ميناءي جدة والدمام.
ويؤكد دور هذان الميناءان الفاعل في الحركة التجارية والسياحية على مستوى العالم، مما جعلهما يمثلان وجهةً جاذبةً للاستثمار الخارجي بشموله الواسع.
ولفت إلى أن الموانئ السعودية تعدّ من الأجهزة الخدمية التي حقَّقت في مجالها مكاسب استثمارية رائدة، وتسعى حثيثاً في التوسع في برامجها الاستثمارية على كافة الأصعدة والمجالات.
مستقبل النقل البحري
في حديثه عن الخط الملاحي الجديد وأهميته، قال الخبير الاقتصادي د. عبد النبي عبد المطلب لـ”الخليج أونلاين”:
-
الخط الملاحي الجديد أحد أهم المبادئ الأساسية لتنمية الاقتصاد السعودي ضمن رؤية المملكة 2030.
-
السعودية تحاول أن تنمي مجموعة من موانئها على البحر الأحمر والخليج العربي لتكون مراكز لوجستية عالمية.
-
تدشين مثل هذه الخطوط تعني تطورات اقتصادية عالمية وثورات على المستوى السياسي ونتحدث هنا على وجه الخصوص حول “بريكس” الذي تعد الهند واحدة من كبار الدول الموجودة فيه.
-
الخط الملاحي سيجعل من السعودية نقطة انطلاق ترانزيت ما بين شرق آسيا ودول الخليج.
-
يمكن أن تنطلق السلع من شرق آسيا إلى السعودية ثم عبر موانئ البحر الأحمر إلى الموانئ المصرية أو السودانية.
-
ربما تكون بوابة لانطلاق السلع القادمة من شرق آسيا ومن الهند على وجه التحديد إلى أوروبا وأفريقيا بتكاليف أقل.
-
تقليل التكاليف يساهم في زيادة الصادرات الهندية وزيادة التبادل التجاري بين الهند والسعودية.
-
الخط الجديد آمناً لنقل البضائع الآسيوية عبر قناة السويس من موانئ السعودية على البحر الحمر بعيداً عن خطر الحوثيين ويقلل التكاليف والوقت مقارنة بطريق رأس الرجاء الصالح إذا جرى التفكير بهذه الطريقة.