أمريكا والسعودية.. شراكة نووية ترسم مستقبل الطاقة

ما أهمية التعاون النووي بين السعودية وأمريكا؟
اتفاق تاريخي يمهد لتطوير الطاقة النووية التجارية داخل المملكة.
ما أهداف المملكة من البرنامج النووي السلمي؟
تنويع مصادر الطاقة.
تقليل الاعتماد على النفط.
بناء قاعدة علمية.
تقترب السعودية من توقيع اتفاق نووي مدني مع الولايات المتحدة، في خطوة تعكس رغبة الجانبين في تعزيز التعاون طويل الأمد في قطاع الطاقة النووية، ضمن مشروع المملكة الطموح لتطوير قدراتها التقنية والتنموية.
وفي إطار تنامي العلاقات الاستراتيجية بين الرياض وواشنطن، أعلن وزير الطاقة الأمريكي كريس رايت من العاصمة السعودية، أن بلاده والمملكة بصدد توقيع اتفاقية أولية للتعاون في تطوير برنامج نووي مدني سعودي، مع توقعات بإعلان تفاصيلها خلال العام الجاري.
وبحسب ما ذكرت قناة “الإخبارية” السعودية، في 14 أبريل الجاري، فإن الاتفاق المرتقب يأتي ضمن إطار شراكة أوسع في مجال الطاقة، قد تُفضي إلى تعاون تاريخي يمهد لتطوير الطاقة النووية التجارية داخل المملكة.
تنويع الطاقة
وتسير المملكة نحو بناء برنامج نووي سلمي شامل لا يقتصر فقط على توليد الطاقة، بل يمتد إلى مجالات استثمارية واستخدامات استراتيجية متعددة.
وتأتي هذه التحركات في سياق “رؤية السعودية 2030″، التي تهدف إلى تنويع مصادر الطاقة والدخل الوطني، وتخفيف الاعتماد على النفط، من خلال تبني مشاريع في الطاقة المتجددة والنظيفة، بما في ذلك الطاقة النووية السلمية.
وذكر وزير الطاقة الأمريكي في تصريحات لقناة “العربية” (14 أبريل)، أن الاتفاقية الشاملة المرتقبة في مجال الطاقة ستُوقّع خلال أسابيع، فيما يُنتظر أن يتبعها اتفاق محدد حول التعاون النووي خلال أشهر.
كما أضاف أن “الاستثمار طويل الأمد في مشاريع الطاقة يتطلب تخطيطاً دقيقاً ورؤية واضحة، وهو ما تسعى إليه الولايات المتحدة بالشراكة مع السعودية”.
وأثنى رايت على إمكانات المملكة في قطاع الطاقة الشمسية، مشيداً بالتطور المدروس الذي تشهده، مؤكداً “أهمية تشجيع الاستثمار بين البلدين بما يسهم في تأمين إمدادات الطاقة للعقود المقبلة، في ظل تزايد الطلب العالمي”.
طموح نووي
وبدأت السعودية خطواتها في المجال النووي منذ عام 2008 عبر مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة ضمن مبادرة “الذرة من أجل السلام”.
وفي عام 2010 بدأت المملكة ترجمة اهتمامها بالطاقة النووية عبر تأسيس “مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة”، لتقود البنية التحتية والطموحات البحثية والتنظيمية في هذا المجال.
وأعلنت الرياض في عام 2011 نيتها بناء 16 مفاعلاً نووياً خلال عقدين بميزانية قدرها 80 مليار دولار، وهي خطوة وُصفت بأنها أول إعلان جدي لاستثمار طويل الأمد في الطاقة الذرية.
ومنذ ذلك الحين، توالت الشراكات النووية مع جهات دولية على المملكة كالصين وروسيا وكوريا الجنوبية، كما شهدت تطورات تقنية بارزة، من إنشاء مسرعات نووية في الجامعات، إلى توقيع خارطة طريق مع “روساتوم” الروسية، واستضافة بعثات تقييم من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
يؤكد المحلل الاستراتيجي والخبير في الشؤون الإقليمية والدولية، محمد عيد الشتلي، أهمية البرنامج النووي السعودي في إطار “رؤية 2030” الطموحة، التي تهدف إلى توليد كميات كبيرة من الطاقة المتجددة وخفض الانبعاثات، مع توقع أن تلعب الطاقة النووية دوراً هاماً في تحقيق ذلك.
ويضيف لـ”الخليج أونلاين”:
-
امتلاك الطاقة النووية يكتسب أهمية متزايدة في ظل الاتجاه نحو نضوب مصادر الطاقة التقليدية، ما يجعل البحث عن بدائل ضرورة لمواجهة أزمة الطاقة المستقبلية وضمان مستقبل اقتصادي متنوع.
-
الانفتاح الأمريكي على التعاون النووي مع السعودية يحمل دلالات استراتيجية وتجارية مهمة.
-
تسعى إدارة ترامب لترتيب طويل الأمد يمكّن الشركات الأمريكية من الفوز بعقود بناء محطات الطاقة النووية في المملكة في ظل المنافسة.
-
أبرز التحديات التي تواجه المملكة في بناء برنامج نووي سلمي، قضية تخصيب اليورانيوم وما إذا كانت واشنطن ستوافق على إنشاء منشأة للتخصيب على الأراضي السعودية وشروط الوصول إليها.
-
هناك احتمال بمطالبة الرياض باستثمار سعودي في محطة تخصيب يورانيوم مقرها الولايات المتحدة.
-
“إسرائيل” تمثل تحدياً مهماً آخر، حيث تسعى لعرقلة سعي السعودية لامتلاك برنامج نووي سلمي، لكن إدارة ترامب الحالية تبدي مرونة أكبر تجاه طموحات المملكة النووية.
-
دور الشركات الوطنية والكوادر المحلية في تنفيذ البرنامج النووي السعودي محورياً وهاماً.
-
المملكة عملت على توطين الكفاءات منذ إعلان نيتها تطوير البرنامج من خلال إنشاء مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة.
أهمية المشروع
وفي يناير الماضي كشف وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، عن نية المملكة تحقيق عوائد مالية من كافة المعادن، بما في ذلك بيع اليورانيوم، في خطوة تعكس الجدية في استغلال الموارد الوطنية ذات الطابع النووي.
كما كشف في هذا الصدد أن السعودية تخطط لإنتاج “الكعكة الصفراء” وهي المادة الوسيطة المستخدمة في تصنيع وقود اليورانيوم، بالإضافة إلى تخصيب اليورانيوم وطرحه في الأسواق.
ويرى خبراء الطاقة أن توطين الصناعة النووية ركيزة أساسية لـ”رؤية 2030″ يدعم الأمن الاقتصادي والمائي ويفتح آفاق التنمية، ففي العام 2022 تأُسست “الشركة السعودية القابضة للطاقة النووية”، لتكون الذراع التجارية والاستثمارية للمملكة في هذا القطاع.
وجاءت هذه الخطوة، تزامناً مع طرح أول مناقصة لبناء محطة نووية تشمل وحدتين لإنتاج الكهرباء، ضمن خطة للوصول إلى 17 غيغاوات من الطاقة النووية بحلول 2040.
كما سبق وأكد وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف في 22 يوليو الماضي، أن بلاده تمتلك كميات كافية من اليورانيوم لتلبية احتياجاتها ضمن خطط تنويع مزيج الطاقة، مشيراً إلى استمرار عمليات البحث والاستكشاف عن اليورانيوم والمعادن الأخرى.
وفي هذا الصدد، يرى الخبير العسكري أكرم خريف، أن مسعى السعودية لتطوير برنامج نووي مدني يأتي لتحقيق جانبين رئيسيين:
الأول: تسخير الإمكانيات لإنتاج الطاقة الكهربائية بدلاً من استهلاك النفط والغاز محلياً، مما يتيح المجال لتصديرهما.
الثاني: توفير طاقة كافية لتحلية مياه البحر ودعم الصناعات التي تسعى المملكة لتعزيزها.
ويشير في حديثه مع “الخليج أونلاين” إلى أن الولايات المتحدة أبدت رغبتها في مساعدة السعودية في هذا المجال بعد تلقي المملكة عروضاً من دول عدة مثل روسيا والصين وفرنسا لإنشاء مفاعلات نووية ونقل التكنولوجيا مضيفاً:
-
واشنطن تسعى للعب دور محوري في هذا القطاع بالمملكة، خاصة مع توجه السعودية لاقتناء عدد من المفاعلات النووية.
-
لكن أبرز التحديات التي تواجه المملكة هي نقص الكفاءات المتخصصة، لذلك يجب تدريب كوادر وطنية في مجال الأمن النووي.
-
يجب الاعتماد على كوادر سعودية الجنسية في إدارة هذه المنشآت لحساسية القطاع النووي، بدل الاعتماد على شركات أو كوادر أجنبية.
-
من التحديات أيضاً صعوبة إنشاء المفاعلات داخل السعودية بسبب محدودية المياه، التي تعتبر ضرورية لتبريد المفاعلات وضمان سلامتها وتفادي أي مخاطر نووية.
-
لكن السعودية قادرة بسهولة تامة على بلوغ عتبة البرنامج النووي المدني، دون عوائق كبيرة.