نتنياهو يُحكم قبضته على الشاباك.. تعيين زيني تحد للقضاء وتضحية بالأسرى

تعيين نتنياهو للجنرال زيني رئيساً للشاباك يتعتبر تحدياً للقضاء في “إسرائيل” الذي حذر من إقالة رونين بار الرئيس السابق للجهاز
في خطوة جديدة تعكس إصرار رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إحكام قبضته على مفاصل الأجهزة الأمنية في (إسرائيل)، أعلن الخميس 22 مايو الجاري، عن تعيين الجنرال ديفيد زيني رئيساً جديداً لجهاز الأمن العام “الشاباك”، خلفاً لرونين بار، الذي تنتهي ولايته في 15 يونيو المقبل.
ويبدو أن هذا التعيين لم يأتِ بدافع الكفاءة أو الاستحقاق المهني، بل ليرسخ خضوع “الشاباك” الكامل لإرادة نتنياهو السياسية، في ظل أزمات داخلية وخارجية متصاعدة، ضد الرجل بسبب إصراره على استمرار الحرب على قطاع غزة وعدم الذهاب إلى إبرام صفقة.
يعد “الشاباك” أحد أبرز أذرع الأمن والاستخبارات في (إسرائيل)، وكان من المفترض أن يحافظ على درجة من الاستقلالية، إلا أن التعيين الأخير يعزز الصورة المتزايدة بأنه بات أداة طيعة بيد رئيس الحكومة.
فرئيس “الشاباك” الجديد لم يأتِ من داخل الجهاز، بل من المؤسسة العسكرية، ما يضعف الخبرة الاستخبارية ويفتح المجال لمزيد من الولاء السياسي لنتنياهو الذي يريد إحكام سيطرته الكاملة على كل مفاصل الأجهزة الأمنية.
تحدٍ للقضاء
إعلان نتنياهو تعيين زيني جاء رغم تحذير المستشارة القضائية للحكومة والمدعية العامة، غالي بهاراف ميارا، من المضي في الخطوة قبل استكمال الفحص القانوني لإقالة سلفه، في ظل شبهة تضارب مصالح بسبب التحقيقات الجارية ضد مكتب نتنياهو.
المحكمة العليا الإسرائيلية نفسها اعتبرت أن قرار إقالة رونين بار غير قانوني، ومع ذلك، تجاهل نتنياهو التوجيهات القانونية وفرض قراره، في مؤشر على أن التعيين يحمل أبعاداً سياسية بحتة، لا أمنية.
ما يزيد من المخاوف هو ما نسب إلى زيني، من معارضته المعلنة لأي صفقة تبادل رهائن أو وقف لإطلاق النار في غزة، حيث قال وفقاً لتقارير إسرائيلية: “أنا ضد صفقات الرهائن، وهذه حرب أبدية”.
هذه التصريحات، التي أثارت غضب عائلات المختطفين، تؤكد أن زيني ليس سوى امتداد لصوت نتنياهو وخطابه، الداعي إلى استمرار الحرب مهما كلّف الثمن، حتى على حساب حياة الرهائن الإسرائيليين.
انتقام نتنياهو
يرى الكاتب والمحلل السياسي، محمود حلمي، أن إقالة رئيس الشاباك الحالي، رونين بار، لم تكن سوى نتيجة مباشرة لعدم انصياعه الكامل لنتنياهو، خاصة في ظل التحقيقات الداخلية التي أجراها الجهاز بشأن إخفاقات 7 أكتوبر.
يوضح حلمي في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن بار كان قد صرح صراحة أن ولاءات رؤساء الأجهزة يجب أن تكون للدولة لا للأشخاص، في إشارة واضحة لرفضه الخضوع لسلطة نتنياهو المطلقة.
وتكشف كل المؤشرات، حسب حلمي، أن تعيين زيني لا يتعلق بالكفاءة بقدر ما هو محاولة صريحة من نتنياهو لإحكام السيطرة على جهاز حساس كمثل “الشاباك”، الذي له دور رئيس في إعداد قوائم الأسرى الفلسطينيين قبل إطلاق سراحهم في أي صفقة، ودور أيضا في المفاوضات.
ويشير إلى أن زيني شخصية تعارض أي اتفاق لإنهاء الحرب، ويأتي من خلفية عسكرية وعقائدية متشددة، وهو ما يجعل قيادة جهاز “الشاباك” أداة تنفيذية ضمن مشروع نتنياهو السياسي، لا جهازاً يخدم المصلحة العامة في دولة الاحتلال.
ومع اليوم الأول لاستلام زيني منصبه، يوضح حلمي، أنه سيتخذ مجموعة من القرارات الإدارية والأمنية التي كان نتنياهو يرغب بها من فترة طويلة ولم يستطيع اختراق الجهاز بسبب قوة رئيسه الحالي بار الذي يقف سداً منيعاً أمام رئيس حكومة الاحتلال.
وعبرت عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة عن غضبها العارم من تعيين زيني، معتبرة ذلك “جريمة فوق الجريمة”، لأن الرجل الذي يفترض أن ينخرط في جهود تحرير الأسرى يرفض مبدأ التفاوض أصلاً، وهو ما يعكس بوضوح أن الأولوية في عهد نتنياهو ليست الأسرى بل لاستمرار الحرب التي يستخدمها للبقاء في الحكم.
من هو زيني؟
ولد زيني في القدس عام 1974 لعائلة دينية جزائرية الأصل، وتدرج في صفوف الجيش حتى وصل إلى قيادة وحدة الكوماندوز، قبل أن يصبح قائداً لفيلق التدريب في هيئة الأركان.
مسيرته العسكرية، التي تميزت بالانخراط في العمليات الهجومية في غزة ولبنان، تنسجم مع رؤية نتنياهو الذي يفضل تعيين قادة عسكريين ذوي توجهات يمنية، تضمن انسجاماً سياسياً وفكرياً معه.
انتقادات قوية
تعيين زيني يواجه اليوم انتقادات قانونية ومعارضة سياسية، حيث أكدت المدعية العامة وجود “عيوب” في التعيين، مشيرة إلى “تضارب مصالح” واضح.
منظمة “الحركة من أجل جودة الحكم” أعلنت أنها ستتقدم بدعوى قانونية ضد القرار، فيما دعا زعيم المعارضة يائير لابيد زيني إلى عدم قبول المنصب قبل حسم القضية في المحكمة العليا.