الاخبار

بعد زيارة الشرع.. مستقبل واعد ينتظر العلاقات بين البحرين وسوريا

تفتح زيارة الشرع إلى البحرين أفاقاً جديدةً أمام البلدين، للتعاون في الجوانب الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية.

مثلت زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع، يوم 10 مايو، إلى البحرين، ولقاءه بالملك حمد بن عيسى آل خليفة، مرحلة جديدة من التعاون والشراكة بين البلدين، مدعومة بالاحترام والرغبة في المضي قدماً نحو البناء والتنمية.

الزيارة تفتح باباً أمام دمشق الجديدة الساعية للحصول على أكبر دعم عربي ممكن للعودة إلى وضعها الطبيعي، وبلا شك تعد البحرين جزءاً من منظومة مجلس التعاون الخليجي التي بإمكانها أن تساهم في دعم استقرار سوريا والحصول على قبول المجتمع الدولي.

كما أن الزيارة تفتح آفاقاً للتعاون بين البلدين في مختلف المجالات الواعدة والمثمرة، وفي المقدمة الاقتصاد والتنمية، فما آفاق التعاون بين سوريا والبحرين في المرحلة المقبلة؟.

تعزيز التعاون

في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها للرئيس السوري الجديد إلى البحرين، أجرى مع الملك حمد مباحثات شملت ملفات حيوية، على رأسها إعادة الإعمار، والتبادل التجاري، والتعاون في مختلف المجالات.

وأكد الملك حمد خلال اللقاء حرص البحرين على استقرار سوريا وسيادتها واستقلالها، ودعم وحدة وسلامة الأراضي السورية، ومساندة جهودها لتحقيق السلم والأمن والاستقرار.

كما أشاد بما حققته القيادة السورية الجديدة من خطوات بناءة لتكريس وحدة الشعب السوري، وبنتائج مؤتمر الحوار الوطني السوري، حيث تمثل نهجاً مهماً لمواجهة التحديات المعقدة التي تواجه سوريا، وكذلك ما تبذله من جهود لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة.

وقال وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره السوري أسعد الشيباني، إن الزيارة تمثل انطلاقة جديدة للعلاقات الثنائية، مؤكداً أن الجانبين ناقشا مشاريع ملموسة لتفعيل التعاون الاقتصادي، بما يعود بالنفع على الشعبين.

من جهته، قال الشيباني إن المنامة شريك فاعل في مرحلة إعادة الإعمار، معبّراً عن تطلع بلاده إلى دور بحريني داعم في تمويل مشاريع حيوية داخل سوريا.

دعم البحرين لسوريا

والانفتاح البحريني على سوريا الجديدة لم يكن وليد اللحظة، بلا تلا سقوط نظام بشار الأسد مباشرة، حيث كان الملك حمد أول زعيم عربي يبعث رسالة إلى الشرع، بعد 5 أيام فقد على سقوط النظام، وتحديداً في 13 ديسمبر 2024، أكد فيها عن استعداد بلاده للتعاون مع السلطات الجديدة، ومواصلة التشاور والتنسيق معها.

وأشاد الملك حمد حينها، بتعاون الإدارة السورية الجديدة (آنذاك قبل تشكيل حكومة)، مع السفراء العرب المقيمين في دمشق، معرباً عن تطلعه لعودة سوريا إلى “دورها الأصيل في جامعة الدول العربية”.

وفي يوم 26 ديسمبر، أي بعد 3 أسابيع من سقوط الأسد، زار رئيس جهاز الأمن الاستراتيجي البحريني أحمد بن عبد العزيز، دمشق والتقى بالشرع، وجدد دعم بلاده لعملية انتقالية شاملة في سوريا.

كما أعلنت وزارة الخارجية البحرينية في 25 ديسمبر 2025، أنها ستسهل عودة السوريين الراغبين في العودة الطوعية إلى وطنهم، في خطوة قرأها مراقبون كدعم ضمني لاستقرار الحكم الجديد في دمشق والتفاؤل بوصوله.

التعاون التجاري

وينتظر من تقوية العلاقات البحرينية السورية أن تضيف أثراً اقتصادياً بارزاً، عبر استثمارات وتبادل تجاري تحتاجه كلا الدولتين.

فبحسب تصريحات رئيس لجنة القطاع الغذائي بغرفة تجارة وصناعة البحرين، خالد الأمين، فإن استئناف العلاقات التجارية بين البلدين يفتح الباب أمام صادرات واستثمارات كبيرة، خصوصاً في قطاعات الزراعة، والصناعات الغذائية، والبناء، والاتصالات.

وأشار الأمين في تصريحات لصحيفة “البلاد” البحرينية يوم 11 مايو الجاري، إلى أن السوق السورية تمثل فرصة مهمة للصناعات البحرينية، لا سيما في ظل الطلب المرتفع على مواد البناء والغذاء والتقنيات الطبية.

وأكد أن إعادة تشغيل خطوط النقل والتصدير بين البلدين من شأنها أن ترفع مستوى التبادل التجاري من الصفر تقريباً، إلى أرقام قد تصل إلى عشرات ملايين الدولارات خلال السنوات القليلة المقبلة، لا سيما إذا أُزيلت العقوبات الدولية.

لحظة فارقة

زيارة الشرع إلى البحرين، ذات أهمية كبيرة بالنسبة لسوريا الجديدة، وفقاً للباحث الاقتصادي السوري عبدالعظيم المغربل، الذي اعتبرها “مثلت لحظة فارقة في العلاقات الثنائية”.

وأضاف المغربل في تصريح لـ”الخليج أونلاين”، إن الجانبين “أكدا على تعزيز التعاون في مجالات متعددة، ودعم وحدة سوريا وسيادتها، مع دعوة البحرين لرفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا وهي من أهم الرسائل التي تم إرسالها”.

واستطرد المغربل قائلاً: 

  • من المتوقع أن نشهد تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري، خاصة في مجالات التجارة والطيران المدني وإعادة الإعمار، مما يشير إلى احتمالية استثمارات بحرينية في سوريا قريباً.
  •  الزيارة تعكس رغبة مشتركة في تعزيز العلاقات الثنائية، وتأتي في سياق جهود إعادة دمج سوريا في المحيط العربي والعالمي، مع تأكيد البحرين على دعم استقرار الدولة ووحدتها. 
  •  تم بحث سبل تعزيز التعاون في مختلف المجالات، بما في ذلك التنسيق والتشاور لدعم المصالح المشتركة والاستقرار الإقليمي، مما يمهد لاتفاقيات ثنائية كبرى مستقبلية.
  • البحرين كانت من أوائل الدول التي رحبت بالتغيرات في سوريا، وأكدت على دعمها لعودتها إلى محيطها العربي، وهذا يشير إلى دور فاعل لها في دعم إعادتها لجامعة الدول العربية.

رسائل سياسية

زيارة الشرع للبحرين تأتي ضمن جولة إقليمية أوسع شملت السعودية، وقطر، والإمارات، والأردن، ومصر، بالإضافة إلى لقاءات دولية مثل اجتماعه مع الرئيس الفرنسي ماكرون في باريس، ولاحقاً مع الأمريكي دونالد ترامب.

ويفسر بعض المراقبين هذا الحراك على أنه رغبة من دمشق في تثبيت الشرعية السياسية لنظامها الجديد، وكسر العزلة الدولية، كما تعول على المنامة كثيراً في لعب دور لرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، والتي بدأت فعلياً بقرار ترامب عزمه على رفعها.

كما تأمل دمشق في الحصول على دعم بحريني ومساهمة في إعادة الإعمار، وأيضاً من الخلال التعاون الاستثماري بين البلدين، وهو ما سيصب في صالح البلدين.

ويقول الكاتب البحريني محمد المحميد، في مقال رأي نشرته صحيفة “أخبار الخليج”، إن “الموقف البحريني الأصيل تجاه سوريا كان ولا يزال له صدى وتقدير واهتمام في سوريا، وهذا ما عبر عنه وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، والذي وصف البحرين، بكونها بلد الأخوة والصداقة والعراقة”.

وأضاف المحميد: “هذه لحظة فارقة يخط فيها البلدان معاً صفحة جديدة مشرقة في سجل العلاقات الثنائية بينهما، مبنية على الثقة المتبادلة والاحترام العميق، والتطلع إلى مستقبل واعد يجمعهما في إطار من التعاون والتكامل”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى