ممثلة الدولة أمام محكمة العدل الدولية لـ «الاتحاد»: القضية انتهت والإمارات تدعم السلام

حسين الطنيجي (لاهاي)
رحبت الإمارات العربية المتحدة، أمس، بقرار محكمة العدل الدولية في لاهاي رفض الدعوى المقدمة ضدها من قبل القوات المسلحة السودانية استناداً إلى الغياب الواضح للاختصاص القضائي، وبناءً على هذا القرار سيتم رفع القضية من سجل المحكمة، وإنهاء الإجراءات كافة المتعلقة بها بشكل رسمي. ويؤكد هذا القرار ما كان جلياً منذ مدة طويلة، وهو أن الدعوى المقدمة من قبل القوات المسلحة السودانية باطلة ولا أساس لها من الصحة.
ولطالما أعربت دولة الإمارات عن رفضها ادعاءات القوات المسلحة السودانية الزائفة والتي تمثل محاولة واضحة لتشتيت الانتباه عما اقترفه الجيش من فظائع إنسانية في السودان. وفي بيان لها، قالت سعادة ريم كتيت، نائب مساعدة، وزير الخارجية للشؤون السياسية، ممثلة دولة الإمارات أمام المحكمة: «يؤكد القرار بشكل واضح وقطعي أن الدعوى المقدمة لا أساس لها من الصحة، ومن البديهي، فإن قرار اليوم يمثل رفضاً حاسماً لمحاولة القوات المسلحة السودانية استغلال المحكمة لنشر المعلومات المضللة وتشتيت الانتباه عن مسؤوليتها في الصراع».
وأضافت أنه: «مع دخول الحرب المدمرة في السودان عامها الثالث، تدعو دولة الإمارات القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع لإنهاء الحرب دون شروط مسبقة، والالتزام في المفاوضات، والسماح بالوصول إلى المساعدات الإنسانية دون أي عوائق.. ويجب أن يتحرك المجتمع الدولي بشكل حازم لتسهيل الانتقال إلى عملية سياسية بقيادة مدنية مستقلة عن سيطرة الجيش، ومحاسبة المسؤولين عن ارتكاب الفظائع الإنسانية».
كما اختتمت سعادة كتيت بيانها قائلة: «نؤكد التزامنا بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتعزيز العمل الجماعي، وبناء مستقبل يسوده السلام والازدهار للشعب السوداني».
وأكدت ريم كتيت أنه برفض محكمة العدل الدولية القضية المرفوعة ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن القضية قد انتهت.
وأوضحت أن هذا القرار يمثل تأكيداً واضحاً وحاسماً على أن هذه القضية لا أساس لها على الإطلاق، مشيرة إلى أن قرار المحكمة بعدم اختصاصها يؤكد أن هذه القضية ما كان ينبغي رفعها من الأساس.
وتابعت: «ببساطة، يمثل القرار رفضاً قاطعاً لمحاولة القوات المسلحة السودانية استغلال المحكمة في حملتها التضليلية، ولصرف الأنظار عن مسؤوليتها الخاصة»، مضيفة: «الوقائع تتحدث عن نفسها، فالإمارات لا تتحمل أية مسؤولية عن النزاع في السودان».
ونوهت بأن الفظائع التي ارتكبتها الأطراف المتحاربة موثقة جيداً، ويجب على المجتمع الدولي أن يركز بشكل عاجل على إنهاء هذه الحرب المدمرة ودعم الشعب السوداني، كما يجب أن يطالب بوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين، يجب على القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع أن توقف القتال، وأن تتوقف عن استخدام المساعدات كسلاح، وأن تدعم القيادة المدنية المستقلة عن السيطرة العسكرية كسبيل وحيد لتحقيق السلام المستدام.
ورحب كتيت بقرار المحكمة، معربة عن الامتنان العميق لجميع أعضاء فريق الإمارات. وقالت كتيت: إن الدعوى المقامة من القوات المسلحة السودانية أمام محكمة العدل الدولية لا تستند إلى أسس قانونية أو واقعية وأوضحت أن دولة الإمارات ليست طرفًا في النزاع المسلح في السودان ولا تقدم أي دعم لأي طرف، مما يجعل الادعاءات الموجهة ضدها لا أساس لها من الصحة.
وشددت كتيت في تصريحات لها في هذا الصدد على أن الإمارات ملتزمة بدعم الحلول السلمية، وتعزيز الاستقرار في المنطقة، مشيرة إلى أن اتهامات القوات المسلحة السودانية تهدف إلى تشويه صورة الدولة دون أدلة ملموسة.
وكانت دولة الإمارات قد وصفت الدعوى خلال جلسة الاستماع بمحكمة العدل الدولية الشهر الماضي بأنها محاولة من القوات المسلحة السودانية، أحد أطراف النزاع لصرف الانتباه عن مسؤولياتها في الحرب الدائرة وأشارت إلى أن هذه الخطوة تهدف إلى الإلهاء الإعلامي بدلاً من معالجة جذور الصراع، مؤكدة أن الإمارات تدعم السلام والاستقرار في السودان.
من جهتها، قالت أميرة الحفيتي، سفيرة دولة الإمارات لدى مملكة هولندا، إنه بعد أكثر من عامين على الكارثة الإنسانية التي يعانيها الشعب السوداني الشقيق، بات جلياً أنّه قد آن الأوان كي يتوقف القتل فوراً، وأن تصمت المدافع حقْناً للدماء، وأن يتوقف الاستغلال السياسي والعسكري للمساعدات الإغاثية وحرمان الشعب من الوصول إليها.. كما أنه آن الأوان لبناء مستقبل السودان على أسس صلبة من السلام والعدالة، من خلال تحقيق توافق سياسي يفضي إلى تشكيل قيادة مدنية مستقلة بعيداً عن الهيمنة والسيطرة العسكرية.
وأضافت في تصريحات خاصة لمركز «الاتحاد» للأخبار، في لاهاي أنه: «في ظل هذه الحالة الإنسانية الكارثية والدامية، بات لزاماً أن يقوم المجتمع الدولي بتحرك عاجل وحاسم لوقف هذه المعاناة، وتهيئة المناخ للشروع بمسار جاد نحو السلام.. لا بدّ للمجتمع الدولي أن يقوم بمسؤولياته وإجبار طرفي الصراع على قبول الحلول الدبلوماسية.. كما يجب إجبار القوات المسلحة السودانية على عدم التهرّب من أيّ استحقاق للسلام ومساعٍ جدية لإنهاء الحرب التي تتصاعد دون أدنى اعتبار لحجم المعاناة التي تجاوزت كل الحدود، مع استمرار القوات المسلحة في السودان في حالة الإنكار والتملص من المسؤولية تجاه هذه الكارثة المفجعة، بل تعدت ذلك عبر قيامها بألاعيب واهية لتحميل الآخرين مسؤولية ما اقترفته يداها من تدمير وتهجير ومآسٍ، ماضية في مسار لن يفضي إلا إلى تمزيق السودان وتحويله إلى دولة فاشلة».
وأكدت الحفيتي أنه «ومن هذا المنطلق كان موقف دولة الإمارات الراسخ يدعو منذ اليوم الأول لتفجر هذا النزاع الدامي والمفجع إلى وقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار، وانضمام أطراف النزاع إلى طاولة المفاوضات بنوايا حسنة وصادقة.. ومنذ البداية قلنا – والآن بعد عامين وأكثر من القتل والتدمير باتت حقيقة لا يمكن نكرانها – أنه لا حلّ عسكرياً لهذا الصراع، وأنّ السبيل لإحلال الاستقرار والسلام والأمن هو التوصل إلى حل سياسي يعكس إرادة الشعب السوداني».
ورداً على سؤال عن المساعدات الإنسانية التي تقدمها دولة الإمارات للأشقاء السودانيين، بيّنت أنّ دولة الإمارات ملتزمة التزاماً راسخاً نابعاً من الأخوة والقيم الأخلاقية والعربية بتقديم الدعم الإنساني للشعب السوداني، وهذا الأمر ليس مرتبطاً بالأزمة المروعة الحالية، فالعلاقات بين البلدين والشعبين قوية ومتجذرة ومنذ عقود، ودولة الإمارات كانت من أبرز الداعمين للسودان في عملية التنمية المستدامة على كل الصعد، ولهذه الغاية قدمت أكثر من 3.5 مليار دولار كمساعدات على مدار العقد الماضي والآن، بعد اندلاع هذا النزاع المؤلم قدمت دولة الإمارات أكثر من 600 مليون دولار أميركي، منها 200 مليون دولار خلال «المؤتمر الإنساني رفيع المستوى من أجل شعب السودان» في أديس أبابا في فبراير الماضي – وهو المؤتمر الأول بشأن السودان الذي يعقد هذا العام ليحدد المسار للمؤتمرات القادمة التي ستعقد لدعم الشعب السوداني.
وأوضحت الحفيتي رداً على سؤال حول الحملة الممنهجة التي تقوم بها القوات المسلحة السودانية لتشويه الدور الإنساني لدولة الإمارات تجاه الأشقاء السودانيين، أن دولة الإمارات لن تنشغل بهذه الافتراءات والهجمات عن هدفها الرئيس المتمثل في التخفيف من الكارثة الإنسانية في السودان والتي تسببت بها القوات المسلحة السودانية وأن استمرارها في عدم الإقرار بالمسؤولية يعكس تجاهلاً صارخاً لمعاناة الشعب السوداني، ولكن دولة الإمارات وكما كانت طوال العقود الماضية تقف إلى جانب الشعب السوداني الشقيق حتى يعم الاستقرار ويعود السودان إلى موقعه الطبيعي دولة مستقلة مستقرة ورائدة داعمة للاستقرار الإقليمي والدولي.