الاخبار

السماء غير آمنة.. ماذا يعني حصار الحوثيين الجوي على “إسرائيل”؟

الباحث في الشأن الإسرائيلي محمد محسن وتد:

تل أبيب قد تنفذ ضربات على مواقع استراتيجية في صنعاء أو صعدة، لإثبات استقلالية قرارها العسكري وقدرتها على الردع.

“إسرائيل” في ظل هذا التصعيد أمام تحد معقد يتطلب موازنة بين الردع العسكري وتفادي الانزلاق إلى مواجهة أوسع في منطقة مشتعلة أصلاً.

يحمل الصاروخ الذي انطلق من اليمن ليقع قرب مطار بن غوريون الإسرائيلي، رسائل شديدة القوة، تزيد قوتها بكثير عن الآثار التي خلفها هذا الصاروخ البالستي، الذي هدد مطلقوه الحوثيون بأن القادم سيكون أروع.

الأحد 4 مايو 2025، لم يكن يوماً عادياً في تل أبيب؛ فالرعب كان على أشده، والفزع انتاب الجميع جراء دوي سقوط الصاروخ، الذي خلف دخاناً انتشرت صوره على مستوى العالم.

يحمل الحدث البارز تحذيراً يشير إلى أن حصول مثل هذا الدخان لم يعدّ أمراً صعباً؛ لا سيما في المطار؛ ما سيكون لزاماً على شركات الطيران العالمية التوقف عن الوصول إلى “إسرائيل”، خصوصاً مع تهديد الحوثيين بفرض حصار جوي على دولة الاحتلال.

فشل أنظمة الدفاع المتطورة!

هذه هي المرة الأولى التي ينجح فيها صاروخ حوثي في الوصول إلى هدفه داخل “إسرائيل”، لكنه من جانب آخر يكشف عن فشل أنظمة الدفاع الإسرائيلية المتقدمة في اعتراض الصاروخ.

المختص بالشؤون الإسرائيلية، محمد محسن وتد، الذي تحدث لـ”الخليج أونلاين”، يرى أن نجاح الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون في اختراق دفاعات الاحتلال وتهديد مطار بن غوريون يمثل تحولاً استراتيجياً في الصراع.

وقال إن “إسرائيل” تواجه تصعيداً غير مسبوق في التهديدات القادمة من جماعة الحوثي، وسط مؤشرات على تحوّل استراتيجي قد يدفعها إلى تنفيذ ضربات مباشرة ضد الحوثيين.

الهجوم الحوثي يُظهر ضعفاً في قدرة “إسرائيل” على حماية منشآتها الحيوية، وهو ما يشير إليه وتد، الذي يلفت باستغراب إلى فشل أنظمة الدفاع الجوية المتطورة، مثل منظومة “حيتس 3″ الإسرائيلية و”ثاد” الأمريكية، في اعتراض صواريخ الحوثي الأخيرة، التي استهدفت مطار بن غوريون وأهدافاً أخرى في جنوب ووسط الأراضي المحتلة، وصولاً إلى مناطق قريبة من إيلات والنقب والبحر الأحمر.

آثار وتداعيات

تفيد وسائل الإعلام العبرية نقلاً عن المؤسسات الرسمية أن الصاروخ أسفر عن إصابة ثمانية أشخاص، بينهم اثنان أثناء توجههم إلى الملاجئ.

من جانب آخر، أدى هذا الهجوم إلى توقف حركة الطيران مؤقتاً؛ وهو ما تسبب بتعليق رحلات شركات طيران عالمية عديدة إلى تل أبيب.

من بين أبرز تداعيات هذا الهجوم كشف عنه تحليل بيانات أجرته وكالة “سند” للتحقق الإخباري بشبكة “الجزيرة”، أظهر تسجيل أكثر من 40 حالة تعطل في هبوط رحلات دولية بمطار بن غوريون، بفعل الصواريخ التي تطلقها جماعة الحوثي، وذلك منذ استئناف “إسرائيل” عدوانها البشع على غزة في 18 مارس الماضي.

الناطق باسم الحوثيين يحيى سريع قال في بيان عقب استهداف مطار بن غوريون، إن جماعته ستعمل على فرض الحصار بتكرار استهداف المطارات “خاصة مطار اللد المسمى مطار بن غوريون الدولي”.

ودعا سريع كل شركات الطيران العالمية لإلغاء رحلاتها إلى مطارات “إسرائيل” حفاظاً على سلامة طائراتها.

إعلان جماعة الحوثي بفرض حصار جوي شامل على الاحتلال الإسرائيلي باستهداف المطارات يحمل عدة دلالات، من بينها:

  • المطارات ستكون هدفاً مركزاً في المرحلة المقبلة (ليس فقط بن غوريون).

  • سيكون نتيجة ذلك وقف شركات الطيران العالمية رحلاتها وقد يطول هذه المرة.

يرى محمد محسن وتد، في حديثه لـ”الخليج أونلاين” أن الهجوم الحوثي على مطار بن غوريون، أحدث تداعيات أمنية، وأظهر ضعفاً في قدرة “إسرائيل” على حماية منشآتها الحيوية، مبيناً أنه “لم يكن مجرد حادث معزول، بل يعكس اتساع نطاق التهديدات القادمة من جبهة اليمن”.

من جانب آخر -والحديث لوتد- يضع هذا الهجوم علامات استفهام كبيرة حول كفاءة المنظومات الدفاعية الإسرائيلية والأمريكية في حال توسع التصعيد وتعددت الجبهات.

وتد الذي نقل عن الإعلام العبري بأنه وصف الهجوم بـ”اختبار صادم” لهذه الأنظمة، يؤكد أن ذلك “يفاقم الضغوط الشعبية والسياسية داخل إسرائيل، ويعزز الدعوات لاتخاذ موقف عسكري أكثر حسماً تجاه الحوثيين”.

أهمية مطار بن غوريون

يُعَدّ مطار بن غوريون الدولي البوابة الجوية الرئيسية لـ”إسرائيل”، وتنطلق منه الرحلات لنحو 100 وجهة عالمية، ويمكن تلخيص أهميته من خلال النقاط التالية: 

– إحصائيات عام 2023

  • نقل  21.8 مليون مسافراً.

  • 21 مليون رحلة دولية و794.479 رحلة داخلية.

  • 152 ألف حركة طيران.

– إحصائيات عام 2024

التهديد باستهداف المطارات الإسرائيلية يعيد إلى الواجهة البحر الأحمر الذي نجح الحوثيون بتهديد الملاحة المرتبطة بـ”إسرائيل” من المرور فيه، وهو ما أدى إلى وقف عمل ميناء إيلات، مصدر نقل البضائع من وإلى آسيا وأفريقيا. 

الميناء، ومنذ نوفمبر 2023، تعرض لخسائر فادحة تناهز 4 مليارات دولار شهرياً جراء انخفاض الإيرادات بنسبة 80%، بسبب حصار الحوثيين، ما أدى إلى حالة شُبه إفلاس وطلب الدعم المالي الحكومي.

وفي حال نجاح أي استهداف جديد للمطارات الإسرائيلية، فإن شركات الطيران لن تغامر بركابها.

وهنا يجب التذكير بعدم وجود طرق جوية بديلة مثل ما هو الحال في البحر الأحمر، وتوجه السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح.

إلى جانب ذلك يمثل استهداف مطار بن غوريون ضربة مباشرة لرمز “السيادة” الإسرائيلية، وأيضاً إهانة لصورة “الدولة” أمام شعبها وتشكيك في قدرة الرد والإخفاق.

يشير المختص بالشؤون الإسرائيلية، محمد وتد، إلى المخاطر التي سيتعرض لها الاقتصاد الإسرائيلي وتعرضه “لخسائر مباشرة، وبتآكل ثقة السياح والمستثمرين، إذا تكررت الهجمات وشملت أهدافاً أخرى”.  

ويقول في هذا الصدد إنه “رغم الضربات الأمريكية المتواصلة لمواقع الحوثيين، لكن تل أبيب قد تسعى إلى تنفيذ ضربات مستقلة، سواء جوية أو بحرية، على مواقع استراتيجية في صنعاء أو صعدة؛ لإثبات استقلالية قرارها العسكري وقدرتها على الردع”.

ويختم وتد بالقول: “في ظل هذا التصعيد، تبدو إسرائيل أمام تحد معقد يتطلب موازنة بين الردع العسكري وتفادي الانزلاق إلى مواجهة أوسع في منطقة مشتعلة أصلاً”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى