الاخبار

اليمن المشتعل.. استعدادات لمعركة برية وتحركات أممية لوقفها

التحركات الأممية تزامنت مع استمرار الحملة الجوية الأمريكية على مواقع تابعة لجماعة الحوثي

تسارع الأمم المتحدة خطواتها في مسعى لاحتواء تصعيد عسكري متوقع في اليمن، في ظل تحضيرات ميدانية لمعركة برية قد تعيد تشكيل خارطة النزاع المستمر منذ نحو عقد. 

وفي هذا السياق، أجرى مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ زيارة إلى العاصمة العمانية مسقط، في 24 أبريل الجاري، التقى خلالها بممثلين عن مليشيا الحوثيين ومسؤولين عمانيين، في تحرك اعتبرته الحكومة اليمنية تكراراً لمحاولات سابقة حالت دون الحسم العسكري، كما جرى في اتفاق استوكهولم نهاية عام 2018.

التحركات الأممية تزامنت مع استمرار الحملة الجوية الأمريكية على مواقع تابعة لجماعة الحوثي، وهي ضربات بدأت في مارس الماضي عقب تصاعد الهجمات البحرية الحوثية المرتبطة بالحرب الإسرائيلية على غزة.

غروندبرغ في مسقط

في بيانٍ أصدره مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن (24 أبريل 2025)، كشف عن إجراءه مباحثات حول أهمية الحفاظ على استقرار الوضع الإقليمي، ومعالجة المخاوف المشروعة لكافة الأطراف، مع التشديد على ضرورة احترام القانون الدولي، بما في ذلك الإفراج الفوري عن موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني المعتقلين لدى الحوثيين منذ يونيو 2024. 

وفق البيان أكد غروندبرغ التزام الأمم المتحدة بمواصلة الجهود نحو تحقيق سلام مستدام وشامل يضمن لجميع اليمنيين العيش بكرامة ورفاهية.

من جانبهم، أبدى الحوثيون استعداداً للحديث عن الملف الإنساني والسياسي، حيث أعلن الناطق باسم المليشيا محمد عبد السلام أن وفده استعرض مع غروندبرغ الأوضاع في اليمن والمنطقة، وتمت مناقشة سبل تجنب التصعيد العسكري والعودة إلى المسار السياسي. 

وأكد عبد السلام أن الجماعة منفتحة على النقاش بشأن الملفات الإنسانية، لكنها تشدد على ضرورة رفع القيود المفروضة على الموانئ والمطارات التي تقع تحت سيطرتها.

تحذيرات من استوكهولم

غير أن التحركات الأممية أثارت استياءً واسعاً في الأوساط الحكومية والشعبية اليمنية، فقد حذر وزير الإعلام معمر الإرياني من أن ما وصفه بـ”الحراك المحموم” الذي يقوده المبعوث الأممي، لا يخدم السلام ولا الاستقرار، بل يمنح الحوثيين فرصة لامتصاص الضغوط العسكرية والسياسية، وإعادة تموضعهم استعداداً لجولة جديدة من التصعيد. 

وأضاف الإرياني أن هذه التحركات “تكرس سيناريو اتفاق استوكهولم، حين أوقفت الضغوط الدولية عملية تحرير مدينة الحديدة في ديسمبر 2018، مما سمح للحوثيين بالاحتفاظ بأحد أهم موانئ البلاد وتعزيز مواقعهم العسكرية والمالية”.

ويأتي خشية المسؤولين اليمنيين من أن تقود الجهود الأممية الحالية إلى فرملة العمليات العسكرية التي تتهيأ لها القوات الحكومية، وسط مؤشرات على قرب شن هجوم بري واسع لاستعادة السيطرة على مناطق استراتيجية، في مقدمتها محافظة الحديدة والعاصمة صنعاء. 

وتعتبر الحكومة اليمنية أن أي تأخير في الحسم العسكري يصب في مصلحة الحوثيين ويطيل أمد الحرب، كما حدث في عام 2018 حينما تدخلت الحكومة وأوقفت حملة عسكرية كادت أن تسيطر على المدينة الساحلية.

لحظات حرجة

هذا التصعيد الميداني والسياسي يأتي في لحظة حرجة يعيشها الحوثيون داخلياً، مع تفاقم الضغوط الاقتصادية وتراجع قدرتهم على تمويل جبهاتهم القتالية بعد استهداف مصادر دخلهم، سواء عبر ضربات التحالف أو عبر الإجراءات الاقتصادية التي قلصت عوائد ميناء الحديدة. 

كما أن الخسائر البشرية المتزايدة في صفوف مقاتليهم، بالتزامن مع حالة السخط الشعبي في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، تنذر بضعف متزايد في قدرة الجماعة على الصمود طويلاً أمام تصعيد ميداني شامل.

في مقابل ذلك، يحاول المبعوث الأممي وأطراف إقليمية أخرى الترويج لفكرة “حل مرحلي” يقوم على تجميد القتال مقابل حزمة إجراءات اقتصادية وإنسانية، في خطوة يعتبرها الصحفي اليمني محمد الرميمة “التفافاً على المسار العسكري الذي تراهن عليه الحكومة اليمنية والقوى الموالية لها”.

ويرى في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن الموقف الأمريكي من الأزمة اليمنية ما زال يتسم بالغموض، ففي حين تواصل واشنطن ضرباتها العسكرية ضد الحوثيين، إلا أنها تبعث بإشارات متكررة تؤكد التزامها بالحل الدبلوماسي للأزمة، خشية انزلاق الوضع إلى مواجهة إقليمية أوسع مع إيران وحلفائها في المنطقة.

تساؤلات عديدة

الرميمة أضاف في حديثه بالقول: 

– تطرح تساؤلات عديدة حول مدى قدرة غروندبرغ على تحقيق اختراق حقيقي في الملف اليمني، خاصة أن تجربة أسلافه من المبعوثين الأمميين أظهرت أن الجمود العسكري والميداني لطالما كان العقبة الرئيسية أمام تحقيق أي تقدم سياسي. 

– نجاح التحركات الأممية هذه المرة سيعتمد على مدى استعداد الحوثيين لتقديم تنازلات حقيقية، وعلى قدرة الأمم المتحدة على إقناع الأطراف الإقليمية والدولية الداعمة لهم بالضغط باتجاه تسوية شاملة، وهو أمر يبدو بعيد المنال في ظل تزايد حدة الاستقطاب الإقليمي والدولي.

– مع استمرار التحضيرات العسكرية على الأرض، والانقسامات الواضحة حول جدوى الحلول السياسية، يبدو أن المشهد اليمني مقبل على مرحلة مفصلية، قد تحدد نتائجها ملامح الخارطة السياسية والعسكرية لليمن في السنوات القادمة، وسط قلق متزايد من أن يفلت الوضع عن السيطرة، وتعود البلاد إلى مربعات الصراع الأكثر دموية، إلا إن كان هناك اتفاق أمريكي إيراني قادم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى