التعاون النووي السلمي.. آفاق جديدة بين دول الخليج والصين

ما أشكال التعاون الخليجي الصيني في المجال النووي؟
- تعاون في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.
- دعم استكشاف اليورانيوم والثوريوم.
- تصدير أجهزة كشف إشعاع صينية.
- شراكات في الطب النووي والبحث العلمي.
ما أهداف المنتدى الخليجي الصيني لاستخدام النووي السلمي؟
- تعزيز الحوار السياسي.
- تبادل الخبرات والمعرفة.
- شراكة استراتيجية للتنمية والتقدم.
في سياق التعاون الاستراتيجي المتنامي الذي يجمع دول الخليج والصين في شتى المجالات، يبرز قطاع الطاقة النووية السلمية كأفق جديد واعد لتعزيز التعاون بين بكين والخليج.
ويعمل الجانبان على توطيد الشراكة وتبادل الخبرات، بما يعود بالنفع المشترك على الجانبين في تحقيق أهداف التنمية، حيث تتطلع دول الخليج والصين إلى رسم مستقبل مشرق من خلال الاستخدام الآمن والفعال للتكنولوجيا النووية.
المنتدى الأول
واستضافت مدينة تشنغدو الصينية في 21 أبريل الجاري، فعاليات “المنتدى الخليجي الصيني الأول حول الاستخدامات السلمية للتكنولوجيا النووية”، إيذاناً ببدء مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين في هذا المجال الحيوي.
ويهدف المنتدى، الذي نظمته هيئة الطاقة الذرية الصينية، إلى تعزيز الحوار السياسي وتبادل الخبرات والمعرفة، وتأسيس شراكة استراتيجية طويلة الأمد تخدم تطلعات الجانبين نحو التنمية المستدامة والتقدم التكنولوجي.
وحظي المنتدى بمشاركة وفد رفيع المستوى من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مما يعكس الأهمية العالمية لهذا التعاون، كما حضره متخصصون وخبراء في الطاقة النووية من دول العالم، بالإضافة إلى مسؤولين من الصين ودول مجلس التعاون.
وتبادل المشاركون وجهات النظر حول الفرص والتحديات والحلول المشتركة لتطوير الطاقة والتكنولوجيا النووية، كما ناقشوا الاحتياجات الحالية والآفاق المستقبلية في هذا المجال.
وأكدت وكالة الأنباء الصينية (شينخوا)، بأن الصين ودول الخليج تعهدتا خلال المنتدى بتعزيز التعاون بشأن الاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية.
وقال مدير الهيئة الصينية للطاقة الذرية، شان تشونغ ده، إن “الصين ستعمل بنشاط على تعزيز التعاون الدولي في المجال النووي، عبر تبادل الخبرات التكنولوجية، وتقديم الموارد والمنصات، مع السعي لبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية”.
كما أكد بأن الصين ودول الخليج ستتعاون “لتطوير هذا المنتدى ليصبح آلية مستمرة لتبادل الفرص، ومواجهة التحديات بصورة مشتركة، وتعزيز التعاون في مجالي الطاقة والتكنولوجيا النووية”.
وعلى هامش المنتدى، بحث الأمين العام لمجلس التعاون جاسم محمد البديوي مع تشونغ ده، سُبل التعاون المشترك بين الجانبين في العديد من المجالات، من بينها الاستخدام السلمي للطاقة النووية.
ونوه الجانبان إلى أهمية انعقاد المنتدى وما يتضمنه من ورش عمل ومحاضرات من شأنها الإسهام في تعزيز التعاون بين مجلس التعاون والصين في هذا المجال.
وشدد البديوي على أن هذا اللقاء يأتي ضمن مخرجات البيان الختامي لقمة الرياض الخليجية الصينية للتعاون والتنمية، والمتعلقة بتعزيز الشراكة الاستراتيجية القائمة بين الجانبين، والتأكيد على دفعها نحو آفاق جديدة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.
آفاق مستقبلية
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة “سكاريا” التركية، محمد سليمان الزواوي، أن العالم بدأ بالفعل مرحلة الاستعداد لما بعد النفط، متوجهاً نحو الطاقة النظيفة والمتجددة، مؤكداً على الدور الموثوق للطاقة النووية في استخداماتها السلمية المتنوعة.
ويشير في حديثه مع “الخليج أونلاين” إلى الأهمية القصوى للمنتدى الذي تناول فرص وتحديات وحلول التعاون في هذا المجال، مع استشراف الآفاق المستقبلية والاحتياجات العالمية لتطوير هذه التقنية الحيوية.
وأوضح الزواوي أن توقيع العديد من دول الخليج اتفاقيات تعاون وتدريب يمثل تعزيزاً لدخولها القوي إلى هذا القطاع، وتحقيق الاعتماد الذاتي في عمليات التشغيل والإمداد بالوقود النووي وتأهيل الكوادر الوطنية.
وأكد بأن الاستثمار الخليجي في هذا المجال سيساهم بشكل فعال في تطوير القطاع بأبعاده المختلفة، من استكشاف المواد الخام إلى منع التسرب الإشعاعي وقضايا التشغيل والتدريب المتخصص.
ويضيف الزواوي أن الاتفاقيات تدعم استدامة التعاون وتعزز الاعتماد المتبادل، خاصة مع التزام الصين بالدعم والتدريب والتطوير، في ظل طلب الخليج المتزايد على الطاقة وسعيه للتنمية المستدامة لما بعد النفط.
ويشير إلى أن التحدي الأبرز يكمن في تأهيل أجيال من الطلاب الخليجيين القادرين على العمل في مشاريع الطاقة النووية، وتدريبهم على وسائل الأمان وأجهزة كشف التسرب الإشعاعي والمجالات ذات الصلة كالطب النووي.
ويؤكد الزواوي بأن هذا يمثل نقلة نوعية في مجال الطاقة المستدامة التي ستساهم بلا شك بتطوير المجالات التنموية في دول الخليج.
شراكات واعدة
وكثفت الصين خلال السنوات الأخيرة تعاونها مع دول الخليج العربي في مجالي الطاقة النووية وتطبيقات التكنولوجيا النووية، وفق ما أكدته هيئة الطاقة الذرية الصينية.
وخلال المنتدى الذ أُقيم مؤخراً، استعرضت الهيئة جهودها في هذا المجال، حيث وُقعت اتفاقية حكومية ثنائية بين الصين والإمارات للتعاون في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، مما عزز الشراكة في تشغيل المفاعلات وتوريد الوقود وتأهيل الكوادر.
ووفقاً لوكالة “شينخوا”، تركز جهود الهيئة الصينية مع المملكة العربية السعودية على استكشاف اليورانيوم والثوريوم، إضافة إلى السلامة والأمن النوويين.
وعلى صعيد التكنولوجيا النووية، تم تصدير أجهزة كشف إشعاع صينية على نطاق واسع إلى السعودية والإمارات وقطر، وكان لها دور محوري في فعاليات كبرى مثل كأس العالم (فيفا قطر 2022) ومعرض “إكسبو دبي”.
وأشارت الهيئة الصينية إلى أن شركات وجامعات صينية أقامت في الوقت ذاته شراكات مع الكويت وعُمان والبحرين في مجالات الطب النووي والبحث العلمي الأساسي.
وخلال فعاليات المنتدى، وقعت الهيئة الصينية للطاقة الذرية والهيئة السعودية للرقابة النووية والإشعاعية مذكرة تفاهم للتعاون في مجالي السلامة والأمن النوويين، وذلك من خلال مبادرات مشتركة تتضمن برامج تدريبية وفرق عمل متخصصة.
وتؤكد بكين على أهمية تعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية مع دول مجلس التعاون الخليجي وتنمية التعاون في مجال الطاقة النووية السلمية.
وفي هذا السياق، صرح الأمين العام للهيئة الصينية للطاقة الذرية، هوانغ بينغ، قائلاً: “نحن نتطلع إلى تعزيز التعاون الشامل مع دول مجلس التعاون والتنمية المشتركة لمستقبل أفضل للطرفين من خلال هذا المنتدى، خاصة فيما يتعلق بالاستخدامات السلمية للطاقة النووية”.
وأوضح بينغ، خلال مباحثات مع سفير الكويت في 15 أبريل الجاري، أن انعقاد المنتدى يمثل تتويجاً لما أعلنه الرئيس الصيني شي جين بينغ بشأن أهمية تعزيز التعاون في مجالات التكنولوجيا والطاقة النووية السلمية، وذلك في إطار معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية خلال القمة الصينية – الخليجية الأولى التي استضافتها الرياض في ديسمبر 2022.
ومن خلال تبادل الخبرات وتوحيد الجهود، يتطلع الجانبان إلى تحقيق آفاق جديدة من التنمية المستدامة والتقدم التكنولوجي، بما يخدم مصالحهما المشتركة ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.