السيارات الكلاسيكية بالخليج.. شغف يتجاوز الهواية إلى الاستثمار

– سوق السيارات الكلاسيكية في الخليج يشهد نمواً استثمارياً ويُقدّر بمليارات الدولارات.
– مهرجانات في السعودية والكويت تستعرض نماذج نادرة بقصص إنسانية مؤثرة.
– الإمارات تتجه لأن تصبح مركزاً عالمياً للسيارات الكلاسيكية مع توقعات بنمو السوق إلى 1.8 مليار دولار بحلول 2032.
في مشهدٍ يتقاطع فيه الشغف بالتراث مع حسابات الاستثمار، تشهد سوق السيارات الكلاسيكية في منطقة الخليج نهضة لافتة، تتجلّى في مزادات مزدهرة، ومهرجانات جماهيرية، واقتناء نادر يترجم عشقاً عميقاً للماضي.
هذا الاهتمام لم يعد مجرد هواية نخبوية، بل تحوّل إلى قطاع اقتصادي متنامٍ تحرّكه العاطفة والندرة، وتدعمه بيئة مالية قوية ووعي متزايد بقيمة الأصول البديلة.
ويُرجح أن يصل حجم سوق السيارات الكلاسيكية عالمياً إلى 51.3 مليار دولار بحلول عام 2028، مقارنة بنحو 31 مليار دولار في 2021، ما يؤكد النمو المتصاعد له، وفق تقديرات شركة “كريدنس ريسرش” المختصة بهذا القطاع.
من الإمارات التي تسعى لأن تكون مركزاً عالمياً لهذه السيارات، إلى السعودية التي تحتضن مهرجانات تراثية ضخمة، والكويت التي باتت منارة لهواة الجمع في الخليج، باتت السيارات الكلاسيكية جزء من هوية ثقافية واستثمارية تتجذّر في الذاكرة وتطل على المستقبل بثقة وأناقة.
سوق متنامي بالإمارات
تشير شركة “كريدنس ريسرش” في تقرير حديث لها إلى أن سوق السيارات الكلاسيكية في الإمارات مرشحة للنمو بمعدل سنوي 4.5%، لتصل إلى 1.8 مليار دولار بحلول عام 2032، مدفوعة بتزايد الاهتمام من هواة الجمع والثراء المتزايد في المنطقة.
وحسب تقرير الشركة فإن هناك طلباً متزايداً على السيارات الكلاسيكية في الإمارات، وهذا يأتي بدعم من تنظيم المعارض المختلفة، والمزادات، والأحداث المخصصة لعرض هذا النوع من السيارات.
كما أن البيئة الاقتصادية القوية في ظل تمتع الدولة بأحد أعلى معدلات دخل الفرد على مستوى العالم، والذي يصل إلى 40 ألف دولار سنوياً، تسمح للأفراد من أصحاب الثروات بالاستثمار في السيارات الكلاسيكية، باعتبار ذلك رمزاً للمكانة الرفيعة، فضلاً عن أنه يمثل استثماراً بديلاً، وفق “كريدنس ريسرش”.
وذكرت الشركة، أن السيارات الكلاسيكية تتفوق في كثير من الأحيان على الأدوات الاستثمارية التقليدية، مثل الأسهم والعقارات، إذ إن قيمة بعض النماذج ارتفعت بأكثر من 500%.
وتستضيف الإمارات فعاليات عديدة لهذا النوع من السيارات، مثل سباق “ميل ميليا” أو “الألف ميل” الذي يجمع 100 سيارة كلاسيكية بقيمة 150 مليون دولار، وهو سباق سيارات كلاسيكي إيطالي، ويعد أحد أشهر سباقات السيارات في العالم.
ويقول ميغيل يورينتي، رئيس وكالة “توميني غروب” للسيارات الكلاسيكية، ومقرها دبي، إن هذا السوق في الإمارات يتجاوز حالياً المليار دولار.
ويضيف يورينتي في تصريحات أوردها موقع “إرم بزنس” بتقرير نشره في سبتمبر الماضي، أن “السيارات الكلاسيكية هي عبارة عن مركبات ذات عمر معين، يفضل أصحابها امتلاكها بسبب تاريخها أو منشئها أو ندرتها أو أهميتها”.
قصص فريدة من السعودية
وفي السعودية، تميز مهرجان “كلاسيك القصيم” الرابع عام 2024 بمجموعة من القصص الفريدة لسيارات قديمة يعود تاريخها إلى أوائل القرن الماضي، حيث اجتمع أكثر من 300 طراز نادر شارك في المزاد التراثي الذي يعقد سنوياً.
وكان من أبرز السيارات التي عرضت في المهرجان:
- – سيارة أوتو كار 1899 المطلية بالنحاس ذات السلندر الواحد، والتي فازت عام 2017 بجائزة الأمير فيصل بن مشعل للسيارات الكلاسيكية، ويمتلكها “حمد ناصر” صاحب متحف السيارات الكلاسيكية في بريدة.
- – سيارة استوتز موديل 1981 الخاصة بالأمير الراحل سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، التي قادها بعد عودته من رحلة الفضاء، ولا يزال يحتفظ بها.
- -ولم تخلُ القصص من اللمسة العاطفية، فغازي السيد استعاد سيارته “شفروليه تمبالا SS موديل 1966” بعد أن باعها بـ3000 دولار أثناء حرب الخليج، ليشتريها لاحقاً من سيدة مسنّة بـ15 ألف دولار.
- – بوغاتي موديل 1927 لالياس الزدجالي، الذي قطع المسافة من سلطنة عُمان إلى القصيم بالسيارة.
بالكويت.. أكثر من مجرد هواية
وتُعد السيارات الكلاسيكية في الكويت أكثر من مجرد هواية؛ فهي تمثل شغفاً يجمع بين التراث والحداثة، وتُبرز اهتمام الكويتيين بالحفاظ على تاريخهم الميكانيكي.
ويُعتبر متحف السيارات التاريخية والقديمة والتقليدية في الكويت من أبرز المعالم التي تُعنى بالسيارات الكلاسيكية.
ويقع المتحف في منطقة الشويخ الصناعية بالعاصمة الكويت، ويضم مجموعة متنوعة من السيارات التي تعود إلى فترات زمنية مختلفة، مما يُتيح للزوار فرصة استكشاف تطور صناعة السيارات عبر العقود.
وتنظم الكويت العديد من الفعاليات والمعارض التي تحتفي بالسيارات الكلاسيكية، مثل معرض “كونكورز دي إليجانس” الذي يُعد من أبرز الأحداث في هذا المجال.
وتُعرض في هذه الفعاليات سيارات نادرة وفريدة، مما يجذب عشاق السيارات من داخل الكويت وخارجها.
وتوجد في الكويت عدة نوادٍ ومجموعات تهتم بالسيارات الكلاسيكية، مثل “نادي مرسيدس بنز الكويت”، الذي يُشارك أعضاؤه في المعارض والفعاليات المحلية والدولية، مما يُعزز من ثقافة اقتناء وصيانة هذه السيارات.
ويقول المستشار الكويتي في قطاع السيارات الكلاسيكية زكريا دشتي، إن “علاقة الكويت بالسيارات الكلاسيكية بدأت منذ عام 1910″، حسب تقرير لصحيفة “الراي” المحلية.
ويضيف دشتي: “أسعار السيارات التاريخية قد تبدأ من مئات الدنانير وتصل لمليون دينار، وتختلف حسب حالتها، ونُدرتها، ومن امتلكها سابقاً”.
وشهد موسم 2022-2023 أكبر تجمع للسيارات القديمة بدول الخليج في مارينا كريسنت بالكويت، بتنظيم من فريق “Q8 Old Cars”، بمشاركة أكثر من 400 عضو.
وكانت هناك سيارات شهيرة تعود لأفلام مثل “باتمان” و”مستر بين”، ومشاركة فعالة من الجمعيات الخيرية الكويتية.
استثمار يضاهي الذهب
ورصد موقع “سي إن بي سي” الاقتصادي الأمريكي، أغلى 10 سيارات كلاسيكية بيعت في مزادات عالمية وهي كالتالي:
- مكلارين إف1 كوبيه (1995): 20.5 مليون دولار
- فيراري 250 جي تي (1959): 10.8 ملايين دولار
- أستون مارتن زاغاتو (1962): 9.5 مليون دولار
- فيراري 268 سبايدر (1962): 7.7 ملايين دولار
- فيراري 275 (1966): 7.7 ملايين دولار
- فيراري 250 جي تي (1958): 6 ملايين دولار
- بوغاتي (1929) 5.6 مليون دولار
- مرسيدس تورر (1928): 5.4 مليون دولار
- فيراري 250 كابريوليه (1958): 4.4 ملايين دولار
- شيلبي كوبرا 289 (1963): 4.1 ملايين دولار
الفرق بين الكلاسيكية والقديمة
هناك الكثير من الالتباس حول ماهية السيارة الكلاسيكية بالضبط، وما الذي يميزها عن السيارات القديمة أو العتيقة.
وعادةً ما ينطبق لقب السيارة الكلاسيكية على المركبات التي يزيد عمرها على 20 عاماً، أما عمر السيارات العتيقة فيكون أكثر من 45 عاماً، في حين يتم وصف السيارات بالقديمة إذا كان تصنيعها بين عامي 1919 و1930، وفق تصنيف نادي السيارات الكلاسيكية الأمريكي.