الاخبار

كمائن خاطفة وتجنب للمعارك المطولة.. نهج جديد للمقاومة في غزة

تحولت المقاومة من الانخراط في اشتباكات مستمرة إلى اعتماد أسلوب الكمائن السريعة وضرب الأهداف خلف خطوط العدو

منذ استئناف جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة وهجومه البري في 18 مارس 2025، استخدمت المقاومة الفلسطينية تكتيكاً عسكرياً جديداً في المواجهة، تمثل عدم التصدي المباشر لدبابات وآليات فرق وأولوية الجيش بهدف الحفاظ على ما تبقى لديها من مخزون بشري وأسلحة.

واعتمدت المقاومة وفقاً لرصد مراسل “الخليج أونلاين” لمهامها العسكرية، على تكتيك انتظار دخول جيش الاحتلال إلى عمق المدن، وعدم مهاجمته في المناطق العازلة التي يقوم بإنشائها، خاصة في ظل استخدامها لكميات كبيرة من بالذخائر المضادة للدبابات والرشاشات الثقيلة والخفيفة خلال عام ونصف من العدوان.

وبهذا الأسلوب، ينتظر المقاومون حتى تقترب دبابات ومدرعات الجيش الإسرائيلي من نقاط محصنة داخل الأحياء المكتظة بالسكان، ثم يشنون هجوماً مركزاً ومدروساً لخلق أكبر قدر من الضرر بأقل خسائر ممكنة.

كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، أكدت مؤخراً تنفيذها كميناً مركباً ضد قوة إسرائيلية متوغلة شرق حي التفاح شرقي مدينة غزة، مشيرةً إلى إيقاع أفرادها بين قتيل وجريح.

وأضافت القسام، أن مقاتليها استهدفوا دبابة “ميركافا 4” وجرافة عسكرية من نوع “D9” تابعتين للاحتلال بقذيفتي “الياسين 105″، ما أدى إلى اشتعال النيران فيهما في منطقة جبل الصوراني في الحي نفسه.

وبدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي التحكم والسيطرة على نحو 30% من مساحة القطاع عبر إنشاء “مناطق أمنية” عميقة، الأمر الذي عرقل وصول الإمدادات العسكرية والإنسانية على حد سواء للمقاومين.

كما أدت إجراءات الحصار البري والبحري والجوي إلى تدمير شبكة أنفاق التهريب بشكل كبير، ما خفض من القدرة على إدخال الأسلحة والذخائر عبر الأنفاق الحدودية إلى مستويات حرجة

في ظل هذا الواقع، باتت مخزونات المقاومة تعتمد بشكل متزايد على ما يتم استيلاؤه من المخلفات الحربية لجيش الاحتلال الإسرائيلي.

ضبط ميداني

وحول تغيير تكتيك القتال لدى المقاومة الفلسطينية، يؤكد الخبير العسكري، يوسف الشرقاوي، أن الفصائل المسلحة في قطاع غزة يبدو أنها تعلمت خلال عام ونصف من قتال دبابات وآليات وقوات جيش الاحتلال، وبدأت بتغيير خططها الدفاعية.

ويقول الشرقاوي لـ”الخليج أونلاين”: “تمارس فصائل المقاومة ضبط ميداني، بهدف إطالة أمد العمليات العسكرية، وتقليل عدد الذخائر المستخدمة في كل مواجهة وزيادة من فعالية الضربات ضد الأهداف العسكرية الإسرائيلية”.

ويوضح أن المقاومة اعتمدت حالياً تكتيك وتأكيد على مقاتليها أن كل طلقة تخرج أو قذيفة من المقاومين يجب أن تصيب هدفاً ولا تذهب سدى، كون ما يطلق لا يأتي بعده في ظل الحصار المطبق، وطول فترة الحرب.

وبين أن المقاومة تستخدم حالياً بعد استئناف جيش الاحتلال عدوانه على قطاع غزة ما يعرف باسم الكمائن المموهـــــة، وهي تعتمد على تركيز نقاط الاشتباك في أزقة ضيقة بعد تأمين الانسحاب السريع نحو أنفاق أو ملاجئ تحت الأرض.

وأضاف: “المقاومة تعمل على نشر العبوات على محاور تقدم قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، وإحداث أكبر قدر ممكن من الخسائر في صفوف العدو”.

ويوجد لدى المقاومة حتى الآن حسب الشرقاوي، الأنفاق الدفاعية والهياكل تحت الأرضية ويمكن الاستفادة منها للتحرك دون الكشف عن مواقع المقاتلين وحماية مخازن الذخيرة بعيداً عن قصف الاحتلال.

اعتراف إسرائيلي

ولا تزال المقاومة الفلسطينية خاصة حركتي “حماس” والجهاد الإسلامي يوجد لديهما أكثر من 25,000 و5,000 مقاتل على التوالي داخل القطاع، وأن قدراتهم التسليحية في تصاعد، وأنهما على مدار الشهرين الماضيين، وفقاً لرسالة وجهها سبعة من أعضاء لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست الإسرائيلي.

وأظهرت الرسالة أن المقاومة اعادت تنظيم صفوفهما منذ بدء اتفاق وقف إطلاق النار، حيث قاما بجمع القنابل غير المنفجرة في أنحاء غزة وأعادت استخدامها كعبوات ناسفة بدائية.

كذلك، نقلت مواقع عبرية إسرائيلية عن مصادر عسكرية تأكيدها أن كتائب القسام تعمل على إعادة تأهيل أطرها العسكرية والتنفيذية، فضلاً عن قدرتها على إعادة بناء قوتها التنظيمية على الأرض.

وتشير الاعترافات الإسرائيلية إلى أن حماس نجحت في استعادة جزء كبير من قدراتها التشغيلية بالرغم من عمليات الجيش المكثفة، بينما تواصل تجهيز عناصرها ليحلوا محل المقاتلين الذين استشهدوا خلال الحرب، ما يمثل تحدياً كبيراً أمام الاحتلال الذي بات يعاني من استنزاف عسكري واضح على الأرض.

صحيفة “ذا تايمز” الإسرائيلية، أكدت أن “15 شهرًا من القصف لم تسفر فقط عن آلاف المجندين الراغبين في القتال، بل إنها تركت قطاع غزة مليئًا بالذخائر التي تستخدمها حماس في تشكيل عبوات ناسفة جديدة”.

ولفتت إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي استخدم الذخائر بشكل مكثف خاصة في شمال غزة، وقتل الآلاف ودمّر البنية التحتية المدنية، ووصلت المنطقة إلى عتبات المجاعة.

وأضافت الصحيفة أن “القوات الإسرائيلية عادت مراراً وتكراراً إلى المناطق التي كانت تعتقد أنه تم تطهيرها من المقاتلين، غير مدركة ما إذا كان المقاتلون الذين يواجهونهم هم من قدامى المحاربين أم من المجندين الجدد الذين تم استقطابهم بسبب العنف المستمر”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى