الاخبار

حديثو الولادة في غزة يصارعون الموت.. معركة يومية لإنقاذهم

على مدار الساعة يواصل الأطباء والممرضون تقديم الرعاية الطبية والغذائية المكثفة للأطفال حديثي الولادة في محاولة يائسة لإنقاذ حياتهم.

داخل مجمع ناصر الطبي جنوب قطاع غزة، وتحديداً في قسم الحضانة، يصارع أطفال لا تتجاوز أعمارهم بضعة أيام من أجل البقاء على قيد الحياة، لكون كثير منهم ولدوا مبتسرين (أي قبل إتمام فترة الحمل الطبيعية)، ويعانون من نقص شديد في الوزن وضعف عام في بنية أجسامهم الهزيلة، وهو ما يزيد من صعوبة استقرار حالتهم الصحية.

على مدار الساعة، يواصل الأطباء والممرضون تقديم الرعاية الطبية والغذائية المكثفة لهؤلاء الأطفال في محاولة يائسة لإنقاذ حياتهم وتجاوز مرحلة الخطر، لكن في ظل نقص حليب الأطفال المتخصص، والانقطاعات المتكررة للكهرباء بسبب شح الوقود، تبقى جهودهم محدودة ولا تؤدي دائماً إلى إنقاذ كل الأرواح الصغيرة.

في أحد أسرّة العناية المركزة بالحضانة، يرقد الطفل محمد إصليح، الذي لا يتجاوز عمره 4 أيام فقط، حيث ولد وهو يعاني من سوء تغذية حاد أثناء فترة الحمل، ما أثر على وزنه بشكل كبير.

تقول والدته حنان إصليح لموقع “الخليج أونلاين”: “ولد محمد بوزن منخفض جداً، بلغ كيلوغراماً ونصفاً فقط، في حين أن الوزن الطبيعي للطفل عند الولادة يتراوح بين 3 و3.5 كيلوغرامات، وقرر الأطباء إدخاله مباشرة إلى الحضانة لإعطائه حليباً خاصاً يساعد على تقوية جسمه الصغير ومقاومته للضعف”.

حنان تأتي يومياً إلى المستشفى لتطمئن على حالة طفلها وتحاول إرضاعه طبيعياً رغم معاناتها الشخصية من ضعف التغذية، على أمل أن تسهم في تحسين حالته الصحية وزيادة وزنه.

وكغيرها من آلاف الأمهات في قطاع غزة، لم تحصل حنان خلال حملها على الحد الأدنى من التغذية اللازمة لها ولجنينها، نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي، وإغلاق المعابر، وتراجع توفر المواد الغذائية الأساسية في الأسواق، ولا سيما اللحوم، والخضراوات، والفواكه.

توضح حنان أنها أجبرت على النزوح من منطقتها الأصلية والعيش في خيمة مؤقتة بمكان آخر، هرباً من القصف الإسرائيلي، والقذائف التي كانت تسقط كالأمطار على مناطق سكنهم.

وتابعت: “كنت أمشي ساعات طويلة وأنا أحمل أغراض أطفالي، وهذا أثر على صحتي بشكل مباشر، وأضعفني خلال شهور الحمل، خاصة في ظل مكان نرتاح به، أو بيئة مناسبة للمرأة الحامل”.

نقص حاد

الدكتور أحمد الفرا، مدير مستشفى التحرير للأطفال داخل مجمع ناصر الطبي، يشير إلى أن هناك عدة أسباب تقف خلف تدهور صحة الأطفال حديثي الولادة في قطاع غزة، أبرزها سوء تغذية الأمهات، وانقطاع خدمات الرعاية الصحية، وإغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات.

وقال الفرا لـ”الخليج أونلاين”: “وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) توقفت عن تقديم خدمات الرعاية الصحية الأساسية للنساء الحوامل، وخاصة تلك المتعلقة بالمكملات الغذائية والفيتامينات، وهذا انعكس مباشرة على صحة الأطفال، فظهرت حالات نقص مناعة شديدة، ونزلات معوية متكررة، وفقدان حاد في الوزن”.

وأضاف أن الحصار أدى إلى فقدان “السلة الغذائية” بالكامل، وذلك بسبب احتلال مساحات واسعة من القطاع، واستهداف مراكز توزيع الطعام (التكيات)؛ ما أدخل غزة في المرحلة الخامسة من المجاعة، وهي المرحلة الأشد والأخطر.

وأوضح الفرا أن مخزون حليب الأطفال في غزة يوشك على النفاد، لا سيما الحليب المخصص لحديثي الولادة.

وحذر من أن عدم توفر هذا الحليب يعني حرفياً إصدار شهادة وفاة مسبقة لأكثر من 500 طفل على مستوى القطاع.

وأشار إلى أن النساء الحوامل يعشن في ظروف غير إنسانية، فلا يجدن غذاءً مناسباً، أو ماءً نظيفاً، أو بيئة صحية لمتابعة الحمل، خاصة في ظل انعدام المواصلات وصعوبة الوصول إلى المستشفيات.

وأكد الفرا أن ما يحدث يمكن وصفه بأنه “قتل بطيء وغير مباشر”، مطالباً العالم بالتحرك العاجل لإدخال المساعدات أو السماح بنقل الحالات الحرجة خارج القطاع لتلقي العلاج.

تحذير أممي

وفق تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، فإن القيود المفروضة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي لا تزال تعيق بشكل كبير دخول الإمدادات الإنسانية الأساسية.

وأكد المكتب في تقرير عبر موقعه الإلكتروني، أن السبيل الوحيد لمنع المجاعة وإنقاذ الأرواح هو السماح بدخول المساعدات عبر الطرق البرية، مشيراً إلى أن العدد المطلوب من الشاحنات لتلبية الاحتياجات الغذائية الأساسية هو 300 شاحنة يومياً على الأقل.

مارغريت هاريس، المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، قالت: “الطاقم الطبي في غزة يرسل لنا نداءات استغاثة، والأطباء يخبروننا أنهم يرون بأعينهم تأثيرات الجوع على الأطفال حديثي الولادة، حيث يولد بعضهم بوزن منخفض جداً، ويموتون لأن أجسادهم ببساطة لا تملك ما يكفي من القوة للبقاء على قيد الحياة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى