الاخبار

تمدد جيش لبنان بالجنوب.. مسار جديد لضبط الأمن والنفوذ

المحلل السياسي عماد الشدياق: 

  • احتفاظ “حزب الله” بالسلاح لم يعد مجدياً وأن تسليمه بات ضرورة لبناء الدولة.
  • سلاح الحزب لم يعد يخدم لبنان ولا حتى إيران، بل أصبح ورقة تفاوض إقليمية سقطت فاعليتها مع تغيّر المعادلات.

تحوّل ملموس يشهده لبنان يتعلق بملف السيادة وحصر السلاح؛ بعد فرض الجيش اللبناني سيطرته على معظم المواقع العسكرية التابعة لـ”حزب الله” جنوب نهر الليطاني، ما يبعث الأمل في تغيير مهم ينتظره اللبنانيون الذين عانوا كثيراً من مواجهات الحزب و”إسرائيل”

بحسب ما نقلته وكالة “فرانس برس” عن مصدر مقرب من “حزب الله” في 12 أبريل الجاري، فإن معظم المواقع العسكرية له في جنوب الليطاني أصبحت تحت سيطرة الجيش اللبناني.

المصدر أشار إلى أن من أصل 265 نقطة تم تحديدها، تم تسليم نحو 190 نقطة للجيش، أي ما يعادل أكثر من 70% من التمركز العسكري السابق للحزب في تلك المنطقة.

وأكد مصدر أمني لبناني لوكالة “رويترز” أن الجيش فكك فعلياً معظم المواقع بالتعاون مع قوات “اليونيفيل”، ويجري حالياً العمل على استكمال السيطرة الكاملة.

هذا الانتشار يعيد إلى الواجهة الالتزامات اللبنانية بموجب القرار الدولي 1701، الصادر بعد حرب يوليو عام 2006، والذي ينص صراحة على حظر أي وجود مسلح لـ”حزب الله” جنوب الليطاني، وانتشار الجيش اللبناني بالتنسيق مع قوات الأمم المتحدة المؤقتة.

ضغوط أمريكية 

لم يكن هذا التطور معزولاً عن السياق الدولي؛ فقد أكدت نائبة المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، قبل أيام أن بلادها “تواصل الضغط على الحكومة اللبنانية لتطبيق وقف الأعمال العدائية، ونزع سلاح حزب الله وكافة المليشيات المسلحة”.

تأتي هذه التصريحات في إطار استراتيجية أمريكية طويلة الأمد تسعى لتمكين الدولة اللبنانية من بسط سلطتها الأمنية والعسكرية على كامل أراضيها، في ظل تصاعد التوتر على الحدود الجنوبية مع “إسرائيل”، ومخاوف من أن يشكّل سلاح “حزب الله” مصدر تهديد لتوازنات داخلية وإقليمية دقيقة.

الإنجاز الذي تحقق من جانب الجيش اللبناني يلوح بالسعي إلى تحقيق “حصر السلاح بيد الدولة” الذي لطالما كان من القضايا الأكثر تعقيداً في لبنان، حيث يحتفظ “حزب الله” بترسانة عسكرية كبيرة خارج سلطة الحكومة.

الرئيس اللبناني، جوزيف عون، أشار إلى ذلك في منتصف مارس 2025، مؤكداً التزامه بـ”احتكار الدولة للسلاح”، مضيفاً أنه “سيبدأ قريباً بصياغة استراتيجية الأمن الوطني”، في إشارة إلى عودة موضوع الاستراتيجية الدفاعية إلى الواجهة السياسية.

ومع استمرار الجيش بفرض المزيد من السيطرة على مواقع خاصة للحزب، يصبح من الممكن الحديث عن إعادة الاعتبار للمؤسسات الرسمية، ورفع مستوى التنسيق بين القوى الأمنية في ظل تراجع الثقة الشعبية بقدرة الدولة على فرض القانون في مناطق النفوذ السياسي والطائفي.

وعلى المستوى الميداني، تبقى إمكانية استئناف مواجهة “حزب الله” مع “إسرائيل”، أو تصاعد التوترات الداخلية، عوامل قد تُربك هذا المسار.

رغم هذا، فإن سيطرة الجيش اللبناني على مواقع “حزب الله” في الجنوب تمثل تطوراً هاماً في مسار بسط سلطة الدولة، لكنها تظل خطوة جزئية ضمن مسار طويل ومعقد.

وإذا ما ترافقت مع رؤية سياسية واضحة، ودعم دولي فعّال، فإنها قد تكون نقطة تحول باتجاه إعادة بناء الدولة اللبنانية على أسس السيادة والمؤسسات.

تغيّر المعادلة السياسية

المحلل السياسي اللبناني عماد الشدياق الذي تحدث لـ”الخليج أونلاين”، يؤكد أن احتفاظ “حزب الله” بالسلاح لم يعد مجدياً وأن تسليمه بات ضرورة لبناء الدولة.

ولفت إلى أن سلاح الحزب لم يعد يخدم لبنان ولا حتى إيران، بل أصبح ورقة تفاوض إقليمية سقطت فاعليتها مع تغيّر المعادلات.

ووضح الشدياق باختصار ما يجري في لبنان قائلاً: 

  • الجيش اللبناني يعمل بهدوء وعلى الأرض، وتمكّن من دخول جميع مناطق جنوب نهر الليطاني.

  • صادر الجيش العديد من مستودعات الأسلحة التابعة لحزب الله، وبدأ بتفجير الذخائر المُصادرة، في إطار اتفاق ينص على التخلص منها دون الاحتفاظ بها.

  • الاتفاق الذي وقعته الحكومة اللبنانية ووافق عليه حزب الله، ينص على بدء تسليم السلاح من الجنوب باتجاه الشمال.

  • ما يحدث حالياً في الجنوب ليس تطبيقاً متأخراً للاتفاق، بل مرحلة جديدة بدأت فعلياً.

  • احتفاظ حزب الله بسلاحه في الشمال يشير إلى نية مؤقتة بانتظار تغيّر الظروف لاستعادة السيطرة مجدداً، وهو أمر مرفوض رسمياً وشعبياً في لبنان، باستثناء بيئة الحزب التي ترى فيه نوعاً من “الانكسار”.

  • قيادة حزب الله تتماشى مع منطق تسليم السلاح، بينما جمهوره يعارض هذه الخطوة بشدة ويعتبرها إهانة.

  • سقوط النظام السوري، وفرض الدولة اللبنانية سيطرتها على مطار ومرفأ بيروت، إلى جانب الرقابة الأمريكية على المنشآت، جعلت تهريب السلاح صعباً.

  • حزب الله أصبح معزولاً داخل الدولة، غير قادر على التحرك أو إيصال الأسلحة إلى الجنوب، ما أفقده فعالية الردع.

  • مع الوقت، سيصبح السلاح الموجود بحوزة الحزب بالياً وغير قابل للاستخدام.

  • الحزب يحاول كسب الوقت عبر الحديث عن “استراتيجية دفاعية”، لكنها لا تتوافق مع رؤية الدولة ولا مع البيان الوزاري للحكومة.

  • لا يوجد مفهوم للاستراتيجية الدفاعية خارج المؤسسة العسكرية.

  • الجيوش هي من تضع الاستراتيجيات الدفاعية، وليس الأحزاب، ويجب أن تُعلن القوى السياسية اللبنانية ذلك بوضوح للضغط على الحزب.

  • التجارب أثبتت أن سلاح الحزب لم يعد يشكل رادعاً فاعلاً أمام “إسرائيل”.

  • بعد اتفاق وقف إطلاق النار، تعرض الحزب لهجمات ولم يستطع الرد.

  • “إسرائيل” قادرة على رصد أي محاولة لنقل السلاح من بيروت قبل وصولها إلى الجنوب.

  • السلاح لم يعد يخدم الحزب ولا إيران، بل أصبح سبباً في تدهور الوضع الداخلي في لبنان.

  • شماعة “المقاومة” سقطت، وتحوّل السلاح إلى ورقة إقليمية تستخدمها طهران في مفاوضاتها، لكنه فقد تأثيره في المنطقة.

  • بناء دولة لبنانية حقيقية يبدأ من تسليم هذا السلاح.

  • لا يمكن القبول باستمرار وجود سلاح غير شرعي بحجة حماية لبنان، فالمعادلة السياسية والعسكرية تغيّرت بالكامل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى