مساعدات يوزعها جيش الاحتلال.. مقترح مشبوه ترفضه غزة

يتناقض ما تم عرضه مع حديث وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش بأن تل أبيب تستخدم التجويع سلاحاً ضد الفلسطينيين
في الأيام الأخيرة، تصاعدت المناقشات حول آلية جديدة قد يعتمدها جيش الاحتلال الإسرائيلي لتوزيع المساعدات في قطاع غزة، وهي آلية ستكون تحت إشراف قوات الاحتلال وفي مراكز خاضعة لسيطرته، مع إشراك مرتزقة من شركة أمريكية خاصة.
جاء الكشف عن المخطط العسكري الإسرائيلي الأخير، من قبل صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية التي نشرت تفاصيل هذه الآلية، إلا أن مكتب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفى صحة ما نشرته الصحيفة.
وفي 2 مارس الماضي أغلقت سلطات الاحتلال معابر غزة بوجه جميع الإمدادات الحياتية، ومنعت دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية للقطاع، ما تسبب بتدهور غير مسبوق في الأوضاع الإنسانية.
ويتناقض ما تم عرضه، مع حديث وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، بأن تل أبيب تستخدم التجويع سلاحاً ضد الفلسطينيين، مؤكداً بالقول: “لن يدخل إلى قطاع غزة حتى حبة قمح واحدة”.
ورغم عدم صدور أي تعليق من حركة “حماس” حول هذه الآلية، فقد أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة رفضه لها بشدة، واصفاً إياها بأنها “خطيرة”، و”تكرس السيطرة والابتزاز السياسي، وتشكل تهديداً مباشراً على المدنيين”.
وأكد مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إسماعيل الثوابتة، أنه لن يقبل بتلاعب الاحتلال في المصير الإنساني للقطاع.
وأوضح في تصريح مكتوب وصل “الخليج أونلاين”، أن الآلية المقترحة تقضي بتولي الجنود الإسرائيليين أو شركة خاصة تابعة لهم عملية توزيع المساعدات مباشرة على الأسر الفلسطينية، وهو ما يعد خرقاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني.
وأضاف أنه يكرس السيطرة والابتزاز السياسي، ويشكل تهديداً مباشراً على المدنيين، داعياً المجتمع الدولي والدول المانحة، بما في ذلك الأمم المتحدة، بعدم تمرير مساعداتها عبر هذه الآلية “الخطيرة”.
وجاء التحرك الإسرائيلي، بعد وقت قصير من تأكيد برنامج الأغذية العالمي، الحاجة الماسة إلى وصول مساعدات لقطاع غزة عاجلاً، مع تضاؤل مخزونات الغذاء.
وبيّن البرنامج في منشور على منصة “إكس”، أن لديه حوالي 5 آلاف و700 طن من مخزونات الغذاء المتبقية في غزة، تكفي لدعم عملياته لمدة أقصاها أسبوعين.
تراجع إسرائيلي
في رد على تقرير الصحيفة العبرية، نفى مكتب نتنياهو صحة التقرير بشأن آلية توزيع المساعدات المقترحة في قطاع غزة، واصفاً إياه بـ “غير الصحيح”.
وأكد أن جيش الاحتلال الإسرائيلي سيواصل الضغط على حركة “حماس” لتحقيق أهداف الحرب، بما يتوافق مع القانون الدولي.
وتقدر السلطات الإسرائيلية عدد الأسرى الإسرائيليين في غزة بـ 59 أسيراً، من بينهم 24 على قيد الحياة، بينما يقبع في السجون الإسرائيلية أكثر من 9500 فلسطيني، يتعرض العديد منهم للتعذيب والإهمال الطبي، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
برنامج تجريبي
صحيفة “يديعوت أحرونوت” أفادت في تقرير لها بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي يعد برنامجاً تجريبياً لتوزيع المواد الغذائية على الفلسطينيين في قطاع غزة، من دون أن يكون لحركة “حماس” أي دور في ذلك، ويحتمل أن يبدأ تنفيذ البرنامج في مدينة رفح جنوباً، ولكنه مرهون بموافقة القيادة السياسية الإسرائيلية.
وبحسب الصحيفة، يهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى إشراك منظمات إغاثة دولية في توزيع المواد الغذائية تحت إشرافه، وفي مراكز خاضعة لسيطرته، وذلك بهدف إضعاف سيطرة “حماس” على القطاع وتقويض قيادتها العليا.
كما ذكرت الصحيفة أن “حماس” لا تزال تسيطر على قطاع غزة، حيث توفر الخدمات الأساسية لسكانه، بما في ذلك التعليم، والرعاية الاجتماعية، والشرطة، وإدارة النفايات، على الرغم من تدهور مستوى هذه الخدمات بعد السابع من أكتوبر 2023.
وأشارت إلى أن مساعدات غزة ستنفد في غضون شهر، مما يفرض ضرورة استئناف المساعدات الإنسانية، حتى بدون التوصل إلى صفقة أو وقف إطلاق نار.
ووفقاً لمسؤول عسكري إسرائيلي، فإن استمرار الحظر على المساعدات سيعرض قادة المنطقة الجنوبية للمخاطرة بانتهاك القانون الدولي بشكل متعمد، حيث حذر المسؤولون الإسرائيليون من أن الوقت المتاح لتقديم المساعدات الإنسانية قد أصبح ضيقاً مع العلم أن المساعدات قد تتوقف قريباً بسبب نفاد الإمدادات.
اللجنة الدولية للصليب الأحمر في قطاع غزة، أكدت عبر الناطق باسمها هشام مهنا لـ”الخليج أونلاين” عدم وجود أي دور لها في توزيع المساعدات ضمن الخطط التي يتم الحديث عنها في وسائل الإعلام.
حالة كارثية
من جانب آخر، أكد يوسف أبو الريش، وكيل وزارة الصحة في غزة، أن الوضع الإنساني في القطاع قد وصل إلى حالة كارثية، حيث نفدت 59% من الأدوية الأساسية، و37% من المهام الطبية.
وأوضح أبو الريش في تصريح وصل “الخليج أونلاين” أن 16 مركزاً من مراكز الرعاية الأولية البالغ عددها 52 قد خرجت عن الخدمة بشكل كامل.
وإلى جانب أبو الريش، شددت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) على ضرورة رفع الحصار عن قطاع غزة للسماح بعودة المساعدات الإنسانية.
وأعلنت الوكالة أنها تواصل تقديم المساعدات في القطاع باستخدام ما تبقى من إمداداتها، مشيرة إلى أن المخزون آخذ في النفاد، مما يزيد الوضع سوءاً.