الاخبار

بأدنى معدل بطالة.. السعودية تحصد ثمار التوطين ومشاركة المرأة

ومن خلال إجراءات حكومية مدروسة، مثل توطين الوظائف وفتح المجال أمام الشركات الخاصة، نجحت المملكة في تقليص نسب البطالة بشكل تدريجي

في تحول لافت للاقتصاد السعودي، وصل معدل البطالة بين المواطنين السعوديين إلى أدنى مستوى في تاريخه، مسجلاً نسبة 7% بنهاية عام 2024، وهو ما يعكس نجاح المملكة في تحقيق أحد أهدافها الطموحة ضمن رؤية 2030.

هذا التحسن الكبير يعد علامة فارقة في مسار الإصلاحات الاقتصادية التي بدأتها المملكة منذ الإعلان عن رؤية 2030، والتي تركز بشكل أساسي على الحد من البطالة وتعزيز التنوع الاقتصادي عبر تقليص الاعتماد على القطاع النفطي.

ومن خلال إجراءات حكومية مدروسة، مثل توطين الوظائف وفتح المجال أمام الشركات الخاصة، نجحت المملكة في تقليص نسب البطالة بشكل تدريجي بعد أن كانت في مستويات مرتفعة تتجاوز الـ12% في السنوات التي سبقت إعلان الرؤية. كما أن زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل، بدعم من سياسات تمكين المرأة، أسهمت بشكل مباشر في تحقيق نتائج مشجعة في هذا الصدد. 

رقم غير مسبوق

وفقاً لما أعلنته الهيئة العامة للإحصاء السعودية (نهاية مارس 2025)، انخفض معدل البطالة بين السعوديين بنسبة 0.8% مقارنة بالربع السابق، ليصل إلى أدنى مستوى منذ بدء تسجيل البيانات عام 1999، حيث بلغ معدل البطالة قبل إطلاق رؤية 2030 نحو 12.3%.

ويُتوقع أن تستمر هذه الاتجاهات الإيجابية في ظل الإصلاحات المستمرة والبرامج الحكومية التي تواصل العمل على تحفيز الاقتصاد السعودي وتعزيز قدراته الإنتاجية.

عزت الهيئة هذا الانخفاض إلى النمو الذي يشهده الاقتصاد غير النفطي، والذي عزز توفير المزيد من الوظائف في القطاع الخاص.

يأتي ذلك في إطار اعتماد برنامج الإصلاح الاقتصادي السعودي على القطاع غير النفطي كمحرك رئيسي للنمو الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل عبر تعزيز دور القطاع الخاص.

وبحسب البيانات، يعود الانخفاض في البطالة إلى تراجع معدل بطالة الإناث بنسبة 1.7% على أساس فصلي ليصل إلى 11.9%، وهو أدنى مستوى في تاريخ المملكة، إضافة إلى انخفاض بطالة الذكور بنسبة 0.3% لتصل إلى 4.3%.

تمكين المرأة وإشادات  

وساهم تمكين المرأة في سوق العمل بشكل مباشر في تقليص معدلات البطالة وتحقيق مستهدفات الرؤية قبل موعدها، إضافة إلى الإنفاق الحكومي الكبير سواء من خلال الميزانية أو عبر صندوق الاستثمارات العامة، الذي يخصص نحو 150 مليار ريال (40 مليار دولار) سنوياً للإنفاق الرأسمالي، مما يعزز خلق فرص العمل.

وكان معدل البطالة قد بلغ 15.4% خلال الربع الثاني من عام 2020 نتيجة تداعيات جائحة كورونا، وهو ارتفاع كبير مقارنة بمعدل 12.9% المسجل في عام 2018، حيث تأثرت سوق العمل حينها بتراجع أسعار النفط في 2014 والانكماش الاقتصادي في 2017.

مع الخطوات المستمرة للسعودية في هذا الجانب، لاقت الرياض إشادة من صندوق النقد الدولي بالإصلاحات الاقتصادية وتأثيرها الإيجابي على سوق العمل. 

وفي تقرير للصندوق بمشاورات المادة الرابعة لعام 2023، أوضح فيه أن معدل البطالة في المملكة تراجع إلى 4.8% مع نهاية 2022، مقابل 9% خلال جائحة كورونا، مشيراً إلى ارتفاع عدد العاملين السعوديين في القطاع الخاص، وزيادة نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة إلى 36%، متجاوزة النسبة المستهدفة في رؤية 2030 عند 30%.

كيف نجحت؟

ترتكز استراتيجية السعودية لخفض معدلات البطالة على تعزيز الاستثمار في القطاعات غير النفطية، مع التركيز على قطاع الخدمات كأكبر مولد للوظائف، إضافة إلى تطوير القطاع السياحي، وفقاً لما ذكره لموقع “العربية” في وقت سابق الخبير الاقتصادي عبد الله الربدي.

وتشير التقارير إلى أن القوى العاملة السعودية تتركز في قطاع الخدمات بنسبة 28.69%، يليه القطاع الفني والعلمي بنسبة 27.98%، بينما تشكل المهن الإدارية 3.56% فقط.

كما ارتفعت نسبة توطين الوظائف في القطاع الخاص إلى 22.3% في نهاية 2021، مقارنة بـ17.1% في عام 2017، مع استمرار الحكومة في تعزيز برامج دعم التوظيف وتحفيز الشركات على استقطاب الكوادر الوطنية.

وتسعى رؤية 2030 إلى تحقيق تحول جذري في سوق العمل، عبر تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وإطلاق مشروعات كبرى تساهم في خلق فرص وظيفية مستدامة. 

نجاحات كبيرة

يقول المحلل الاقتصادي عبدالله السنباني، إن تحقيق معدل بطالة 7% قبل الموعد المستهدف في 2030 “يعكس نجاح سياسات الإصلاح الاقتصادي في المملكة، لا سيما التركيز على تنويع الاقتصاد وتعزيز دور القطاع الخاص كمحرك رئيسي للتوظيف”.

وأضاف في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن “هذا الانخفاض التاريخي في معدلات البطالة لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة مباشرة للاستثمارات الحكومية الضخمة، وإطلاق مشروعات كبرى، إلى جانب سياسات التوطين التي عززت من فرص المواطنين في سوق العمل، كقطاع الخدمات والقطاعات التقنية شهدت نمواً واضحاً، مما وفر وظائف جديدة ذات قيمة مضافة”.

وأشار إلى أن استمرار هذه الوتيرة “يعني أن الاقتصاد السعودي يسير بثبات نحو تحقيق مستهدفات رؤية 2030، حيث إن توسيع قاعدة الوظائف وزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل يشكلان ركيزتين أساسيتين لضمان استدامة هذا النمو”.

وسبق أن أكد ولي العهد السعودي أن الخطط الحالية تستهدف توفير مليون فرصة عمل بحلول 2030، مع تعزيز الاستثمار في قطاع التعدين وقطاعات أخرى واعدة.

كما أعلنت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية عن تنفيذ مشروع يستهدف رفع كفاءة وإنتاجية سوق العمل، من خلال تقليص الفجوة بين مهارات العمالة المحلية واحتياجات السوق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى