القمة جمعت نحو 25,747 مشاركاً من 124 دولة، كما شهدت مشاركة قياسية من 1520 شركة ناشئة
كانت العاصمة القطرية الدوحة على موعدٍ مع فعاليات النسخة الثانية من “قمة الويب قطر 2025″، والتي أسفرت عن نجاح استثنائي يعكس التزام دولة قطر المستمر ببناء اقتصاد قائم على المعرفة وتعزيز منظومة الابتكار في مختلف القطاعات.
وركزت “قمة الويب قطر 2025” على قضايا عدة، منها الذكاء الاصطناعي والتطور التكنولوجي، بما يدعم اقتصاد المعرفة، والدفع بالشركات الناشئة على الانطلاقة نحو شراكات عالمية.
وما كان لافتاً ولأول مرة في هذه القمة أنها جمعت نحو 25,747 مشاركاً من 124 دولة، كما شهدت مشاركة قياسية من 1520 شركة ناشئة، من بينها 47.7% شركات أسستها سيدات، ما يعكس دور المرأة المتنامي في قطاع التكنولوجيا والابتكار.
شراكات استراتيجية
على هامش القمة وقعت عدد من الاتفاقيات الاستراتيجية التي تعزز من استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات. حيث وقعت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات القطرية اتفاقية مع شركة مايكروسوفت لإطلاق خدمة Azure OpenAI في الجهات الحكومية في قطر.
وتعد هذه الخدمة من الحلول المتقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث توفر نماذج الذكاء الاصطناعي المتطورة من OpenAI عبر بنية تحتية سحابية محلية مدعومة بأحدث وحدات معالجة الرسومات في قطر.
وتستهدف هذه المبادرة تعزيز الابتكار الرقمي في القطاع الحكومي، وتحسين أداء الخدمات الحكومية عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
كما شهدت القمة توقيع اتفاقية شراكة بين مكتب الاتصال الحكومي في قطر وشركة “آي هارت ميديا” لتأسيس مركز إقليمي لصناعة البودكاست في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتأتي هذه الشراكة في إطار تعزيز السرد القصصي الإبداعي في المنطقة، مما يساهم في نشر المحتوى الصوتي وتحفيز قطاع الإعلام الرقمي في قطر.
توسيع التعاون الدولي
وتعكس هذه الاتفاقيات والفعاليات التطور الكبير في قطر في مجالات التكنولوجيا والابتكار، حيث تسعى الدولة إلى تعزيز بنية تحتية متقدمة تدعم الابتكار الرقمي على كافة الصعد.
وفي سياق هذه المبادرات أعلن أيضاً افتتاح مقر “كينجدي إنترناشيونال سوفتوير” في المناطق الحرة في قطر، وهي شركة رائدة في مجال الحوسبة السحابية.
ولعل هذه الخطوة تمثل بداية لتوسع كبير في أسواق الشرق الأوسط، حيث يسعى جهاز قطر للاستثمار لدعم هذه الشركات العالمية من خلال استثمارات ضخمة مثل تلك التي تم الاتفاق عليها مع “كينجدي”، في أواخر 2023.
التزام قطري
وفي تصريح له في ختام القمة (26 فبراير)، أكد الشيخ جاسم بن منصور بن جبر آل ثاني، مدير مكتب الاتصال الحكومي القطري ورئيس اللجنة الدائمة لاستضافة قمة الويب، أن النجاح الكبير الذي حققته القمة يبرز التزام قطر المتواصل بدعم الجهود الرامية إلى بناء اقتصاد قائم على المعرفة.
وأوضح الشيخ جاسم أن القمة أتاحت منصة مثالية للمبتكرين والمستثمرين والشركات الكبرى للتعاون وتبادل المعرفة، مما يسهم في تسريع وتيرة تبني أحدث التقنيات وتعزيز فرص نمو قطاع التكنولوجيا في قطر والمنطقة.
وأضاف أن هذه الفعالية تُعد محطة هامة في مسيرة قطر نحو بناء اقتصاد متنوع ومستدام تماشياً مع أهداف رؤية قطر الوطنية 2030.
وأضاف أن القمة كانت فرصة ممتازة لعرض إمكانات 228 شركة قطرية ناشئة، مشيراً إلى أن هذه المشاركة تسهم بشكل كبير في تعزيز بيئة الاستثمار في الدولة ودعم رواد الأعمال القطريين على الساحة الدولية.
كما أشار إلى أن استضافة قمة الويب تعد خطوة استراتيجية نحو ترسيخ مكانة قطر كمركز عالمي للابتكار والتكنولوجيا.
زيادة كبيرة
ويؤكد بادي كوسغريف، المؤسس والرئيس التنفيذي لقمة الويب، أن النسخة الثانية من القمة شهدت زيادة هائلة في عدد الحضور والمشاركين، من ذلك 723 مستثمراً من مختلف أنحاء العالم، ما يعكس دور قطر المتنامي كمركز ريادي في مجال التكنولوجيا والابتكار.
بادي أفاد، في تصريحات صحفية، بوجود زيادة بنسبة 140% في عدد الشركات الناشئة القطرية المشاركة، التي بلغت 228 شركة هذا العام، مقارنة بـ 95 شركة في النسخة السابقة، تعد دليلاً على التحول الكبير الذي يشهده القطاع في قطر.
وأشار إلى أن هذه القمة توفر فرصة كبيرة للتواصل بين الشركات الناشئة والمستثمرين، مما يعزز من قدرة الدولة على جذب الاستثمارات الأجنبية وتحفيز بيئة ريادة الأعمال.
وأكد أن القمة ستستمر في تعزيز مكانة قطر على الصعيدين الإقليمي والدولي في السنوات القادمة، خاصة في ظل النمو المستمر في عدد الشركات الناشئة والمستثمرين.
دور متنامٍ
ولعل النجاح الذي تحقق في قمة الويب قطر 2025 يسلط الضوء على الدور المتنامي الذي تؤديه قطر في مجال التكنولوجيا والابتكار على مستوى العالم.
وكان رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أكد في كلمة له بافتتاح القمة أن قطر ستواصل تعزيز التزامها بدعم الشركات الناشئة، قائلاً: “نعمل على تحديث البيئة الاقتصادية بالكامل لجعل قطر الوجهة الإقليمية الأولى للشركات الناشئة، عبر بناء بيئة تمكن الشركات من الابتكار والنمو”.
وأوضح أن جهاز قطر للاستثمار أوفى بالتزاماته التي أعلنها في النسخة الأولى من قمة الويب بتأسيس “صندوق استثمارات رأس المال الجريء” بقيمة مليار دولار لدعم الشركات الناشئة، منوهاً بإبرام شراكات مع ست مؤسسات استثمارية عالمية، للحصول على تمويل من الصندوق لتعزيز الابتكار في قطر، ودعم رواد الأعمال في قطر والعالم.
وبختام النسخة الثانية من قمة الويب 2025، باتت قطر في طريقها لتحقيق رؤية شاملة لجعلها مركزاً إقليمياً وعالمياً في مجال التكنولوجيا والابتكار، حيث تعكس استضافة الدوحة لهذا الحدث التزام قطر بتحقيق رؤية 2030 في تعزيز الاقتصاد الرقمي وتطوير بيئة داعمة للابتكار.
ومن خلال هذه الفعاليات الاستراتيجية والشراكات الدولية، يمكن القول إن قطر قد وضعت نفسها في موقع قوي لدفع الاقتصاد الوطني إلى آفاق جديدة، مستفيدة من التقدم التكنولوجي واحتضان ريادة الأعمال لتصبح مركزاً للابتكار والتكنولوجيا في المستقبل القريب.
