الاخبار

مشاهد الدمار تخيّم.. استقبال رمضان مختلف في غزة الجريحة

حمل رمضان هذا العام ثقلاً إضافياً في قلوب الغزيين بسبب غياب أي طقوس له

في الأيام التي كانت تسبق شهر رمضان المبارك، كانت شوارع قطاع غزة تتزين بالزينة الرمضانية، والمحال التجارية تغص بأصناف التمر والمكسرات، حيث تعود أهالي القطاع على الاستعداد لهذا الشهر الكريم، لكن هذا العام لم يكن أي شيء كما كان في السنوات السابقة، وسيطر الدمار واللون الرمادي على الشوارع نتيجة العدوان الإسرائيلي الطويل.

كحال باقي المسلمين في العالم، اعتاد سكان قطاع غزة على انتظار شهر رمضان المبارك بشغف واشتياق كبير، والاستعداد له بطقوسه المعروفة، والروحانيات من خلال تنظيف المساجد، وتركيب الزينة على أسطحها، وهي التي غابت خلال هذا الشهر.

خرج سكان قطاع غزة من حرب إسرائيلية طاحنة قتلت عشرات الآلاف من أحبابهم، ودمرت بيوتهم، وأمطرت القنابل فوق رؤوسهم على مدار عام وثلاثة أشهر، ورغم ذلك، هناك استعدادات خجولة لاستقبال شهر رمضان.

يحمل رمضان هذا العام ثقلاً إضافياً في قلوب الغزيين؛ فلن يجدوا فطوراً يجمعهم في بيوتهم على الموائد الرمضانية، ولا اجتماعات عائلية دافئة، بل يعيشون أجواء محاطة بالحزن والألم، بعد فقدان الأحباب، وتدمير المنازل.

أدت حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة إلى انهيار المنظومة الاقتصادية، وارتفاع غير مسبوق في معدلات البطالة، وفقاً للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

وتشير التقديرات إلى استمرار الانكماش الحاد غير المسبوق في الناتج المحلي الإجمالي في قطاع غزة بنسبة تجاوزت 82%، مترافقاً مع ارتفاع معدل البطالة إلى 80%.

خلال فترة الهدنة (منذ 19 يناير الماضي)، بدأت الحياة تعود ببطء، لكن آثار الحرب كانت جلية في كل مكان؛ المحال التجارية التي اعتاد عليها السكان للتسوق قبل شهر رمضان، الأبنية المدمرة، الشوارع المحطمة، والمرافق الصحية، كلها شاهدة على الدمار، ولكن رغم كل شيء، كانت إرادة الحياة في قلب كل غزي تشتعل أكثر من أي وقت مضى.

وجع الذكريات

وسط مدينة خان يونس المدمرة، بدأت مظاهر استقبال الشهر الفضيل تغيب في سوق كان يكتظ بالآلاف من المشترين، ففي مثل هذه الأوقات اعتادت المحال التجارية على وضع سلع رمضان المختلفة خاصة الغذائية باتت شبه خالية.

محمد عاشور، صاحب محل مواد غذائية في خان يونس، قصف الاحتلال الإسرائيلي محله بشكل كامل، ولم يجد هذا العام أي من آثار محله وذكرياته لاستقبال رمضان من خلال وضع البضائع للمشترين.

يقول عاشور لـ”الخليج أونلاين”: “عام حزين وأيام صعبة نعيشها حالياً. حين تذكرت الأوقات التي كانت تسبق شهر رمضان المبارك، حيث لا نجد وقتاً للجلوس في البيت أو الحديث مع أحد من كثرة العمل والضغط الكبير علينا، ولكن حالياً كل همنا هو توفير طعام الأولاد وإيجاد مكان للمأوى بعد تدمير المنزل والمحل”.

كانت أولى الصور التي تذكرها عاشور وغابت هذا العام هي عدم خلو محله من المشترين، ووجود جميع أصناف الأغذية، خاصة الرمضانية منها، لكن الآن، امتلأت ملامح الرجل ومحله بالحزن.

بمدينة غزة شمال القطاع، غابت أي مظاهر لاستقبال شهر رمضان عن المدينة التي كانت تعيش الحياة والأمل والفرح خلال هذه الأيام؛ بسبب ما خلفته الحرب الإسرائيلية الطويلة، وانتشار الحزن بين الناس.

في حي الرمال، أكثر الأماكن حباً لسكان مدينة غزة ومقصدهم للتسوق خلال هذه الأيام، دمر جيش الاحتلال الكثير من المحلات التجارية المختلفة التي كانت تستقبل شهر الصوم بحب وترحاب كبير.

محمد شقورة، صاحب محل لبيع فوانيس رمضان وألعاب الأطفال، توقف هذا العام عن بيع رموز شهر رمضان التي يحبها الناس واعتادوا عليها؛ بفعل الحياة الجديدة التي انتقلوا إليها بسبب الحرب.

يقول شقورة لـ”الخليج أونلاين”: “لا مشاهد أو طقوس لشهر رمضان خلال هذا العام. الناس ترى في وجوههم الصدمة والذهول والخوف، بفعل ما عاشوه من مجاعة وقتل، وخوف، وبرد، ونوم في الخيام طيلة الشهر”.

شقورة لم يجد مكاناً لوضع بسطة صغيرة قرب محله المدمر بصاروخ إسرائيلي، بسبب كثافة الركام وحاجته إلى معدات ثقيلة من أجل إزالته وإعادة البناء من جديد، واستسلم لهذا الوضع لحين حدوث الانفراجة.

ويضيف: “كانت الحرب عاصفة قوية، وتعبنا خلالها، والناس لا تزال تتخوف من عودة الموت والنزوح والجوع مرة أخرى، لذلك لا أحد يشعر بلذة شهر رمضان الذي اعتاد الجميع على عيش أجمل أيام العام خلاله”.

في هذا التوقيت، كان محل شقورة يمتلئ بالفوانيس والألعاب وزينة رمضان، ولكن هذه الأيام فقط سيطر الركام واللون الرمادي القاتم على المشهد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى