خطوات متسارعة.. الذكاء الاصطناعي يرسم مستقبل التعليم في الخليج

كيف تواكب دول الخليج ثورة الذكاء الاصطناعي في التعليم؟
عبر دمج الذكاء الاصطناعي في المناهج وتطوير خطط تدريبية للمعلمين.
ما أهداف دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم الخليجي؟
تطوير المناهج وتعزيز المهارات التقنية لدى الطلاب وتأهيلهم لسوق العمل.
يشهد قطاع التعليم في دول مجلس التعاون الخليجي تحولات جوهرية في ظل التطور السريع للتكنولوجيا الرقمية، حيث أصبح دمج الذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية ضرورة لمواكبة متطلبات العصر الحديث.
وتتجه دول الخليج نحو تطوير أنظمتها التعليمية بما يتماشى مع رؤى التنمية المستقبلية، من خلال استراتيجيات تهدف إلى تعزيز مهارات الطلاب في مجالات التقنية والابتكار.
الكويت.. مناهج مبتكرة
وفي أحدث المساعي الخليجية المواكبة للتطورات التكنولوجية المتسارعة، أعلنت وزارة التربية في الكويت عن إدراج موضوع الذكاء الاصطناعي ضمن مواضيع الجزء الثاني من الكتاب المطور لمادة الحاسوب للصف العاشر الثانوي.
وكشفت صحيفة “القبس” الكويتية في 11 فبراير الجاري، أن هذا الإعلان جاء خلال اللقاء التعريفي الذي نظمه التوجيه الفني العام للحاسوب عبر منصة “تيمز”، حيث أكدت الموجه الفني العام للحاسوب بالتكليف، منى سالم عوض، أن هذه الخطوة تهدف إلى تزويد الطلاب بالمعرفة والأدوات اللازمة لفهم هذا المجال الحيوي الذي يُشكل مستقبل العالم.
وأوضحت عوض أن أهمية إدراج مفهوم الذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية تنبع من الحاجة إلى مواكبة التطورات التكنولوجية العالمية، وتلبية احتياجات الطلبة لفهم أساسيات هذا المجال وتطبيقاته المتعددة، وتأهيلهم لسوق العمل الذي يعتمد بشكل متزايد على التكنولوجيا.
وأضافت أن وزارة التربية تسعى إلى تطوير بيئة تعليمية تفاعلية تدعم استخدام التكنولوجيا الحديثة في جميع المراحل التعليمية، مشيرة إلى أن إدراج الذكاء الاصطناعي يُعد جزءاً من استراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز المناهج الدراسية وتقوية المهارات التقنية لدى الطلبة.
السعودية.. دليل شامل
في السعودية، أعلنت وزارة التعليم في سبتمبر 2024 عن استعدادها لإصدار دليل شامل ينظم استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في التعليم العام.
يأتي هذا الإعلان عقب إصدار منظمة “اليونسكو” لإطار عمل كفاءات الذكاء الاصطناعي للمعلمين والطلاب، وذلك خلال أسبوع التعلم الرقمي في باريس.
ويهدف الدليل إلى توجيه استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي وفق إرشادات واضحة تمنع سوء الاستخدام وتدعم التكامل الفعّال في البيئة التعليمية، وفق الموقع الرسمي لوزارة التعليم.
وتركز وزارة التعليم السعودية على دمج مفاهيم وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية لمواكبة التطورات التكنولوجية السريعة، بهدف إعداد جيل قادر على تلبية متطلبات المستقبل والاستفادة من هذه الإمكانات بشكل فعّال، مع الحفاظ على دور المعلمين كعناصر محورية في العملية التعليمية.
وتسعى الوزارة من خلال هذه الخطوة إلى تعزيز التعاون وتبادل الخبرات لمواجهة التحديات المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم، واستكشاف أفكار جديدة تعزز جودة العملية التعليمية وتواكب التغيرات العالمية.
قطر.. استراتيجية ذكية
وتتبنى وزارة التربية والتعليم في قطر نهجاً استراتيجياً لتعزيز الذكاء الاصطناعي في منظومة التعليم بما يدعم تطوير التعليم الوطني.
ونقلت وكالة الانباء القطرية “قنا”، عن مدير إدارة نظم المعلومات في الوزارة، منى الفضلي، في 1 ديسمبر 2024، بأن قطر تعمل على تطوير استراتيجية شاملة لإدارة البيانات تركز على ضمان جودة وأمن وتنظيم البيانات التعليمية، مما يوفر قاعدة صلبة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي المستقبلية.
وتشمل جهود الوزارة حوكمة دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم من خلال وضع أطر تنظيمية ومعايير واضحة لتوجيه تطبيقاته، بما يحقق أهداف التطوير المستدام.
وتسعى الوزارة أيضاً إلى تحديث المناهج الدراسية لتشمل أسس الذكاء الاصطناعي، بهدف تزويد الطلبة بالمعرفة والمهارات اللازمة للتفاعل مع هذه التقنية بفعالية.
وفي إطار خطة التعليم 2024 – 2030، تركز الوزارة على تجربة التعلم الشخصية لكل طالب من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما يساعد في تكييف البرامج التعليمية لتناسب قدراتهم واهتماماتهم، كما تشمل الخطة دعم المعلمين عبر توفير الأدوات والتدريب اللازمين لتحسين أساليب التدريس وتلبية احتياجات الطلاب بشكل أكثر تخصيصاً.
وتتضمن الجهود أيضاً تطوير سياسات ومعايير تضمن الاستخدام الآمن والمسؤول للذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى بناء كوادر متخصصة واستقطاب المواهب وتقديم برامج تدريبية لتعزيز الابتكار في البيئة التعليمية.
الإمارات.. تدريس مبكّر
تشهد دولة الإمارات توجهاً متزايداً نحو تضمين مفاهيم الذكاء الاصطناعي والبرمجة والروبوتات في المناهج الدراسية تدريجياً بما يتناسب مع الفئات العمرية المختلفة.
ويهدف هذا التوجه إلى توفير فرص تعليم شاملة وعالية الجودة، مع التركيز على الاستخدام الأخلاقي والشفاف لتقنيات الذكاء الاصطناعي في البيئة التعليمية.
أظهرت دراسة حديثة أجرتها شركة “باورسكول” بالتعاون مع مؤسسة “يوجوف” في ديسمبر الماضي، أن 79% من المعنيين بقطاع التعليم في الإمارات يؤيدون تدريس الذكاء الاصطناعي في سن مبكرة، بينما أشار 66% إلى تأثيره الإيجابي على تطوير قدرات المعلمين.
تسعى الإمارات من خلال هذه الجهود إلى تعزيز تكامل الذكاء الاصطناعي في المناهج التعليمية لدعم تطوير المهارات المستقبلية لدى الطلاب، بالإضافة إلى تمكين المعلمين من استخدام هذه التقنيات بشكل فعّال في تحسين جودة التعليم.
البحرين.. تطوير رقمي
وتعمل وزارة التربية والتعليم في البحرين على تعزيز توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن المناهج الدراسية، وذلك ضمن رؤية شاملة تهدف إلى تحسين جودة التعليم وإعداد جيل قادر على الاستفادة من التقنيات الحديثة.
ونقلت صحيفة “الأيام” البحرينية في 27 ديسمبر الماضي، عن وزير التربية والتعليم، محمد بن مبارك جمعة، تأكيده أن هذه الجهود تندرج ضمن برنامج الحكومة للفترة 2023-2026، والذي يركز على تطوير المناهج التعليمية لدعم قدرات الطلاب وربطها بمتطلبات سوق العمل.
وتشمل جهود الوزارة توظيف مهارات البرمجة ضمن مناهج التعليم الأساسي بدءاً من الصف الأول الابتدائي، ودمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في مواد متنوعة، كما تعمل الوزارة على إدراج تقنيات العالم الافتراضي والتصميم ثلاثي الأبعاد في المناهج الدراسية.
وتتضمن المبادرات أيضاً تدريب الكوادر التربوية على استخدام الذكاء الاصطناعي بفعالية في العملية التعليمية، إلى جانب تشجيع مشاركة الطلاب في مسابقات ومنافسات ترتبط بتوظيف هذه التقنيات، بهدف تطوير مهاراتهم التقنية وتعزيز الابتكار.
عُمان.. برنامج تنفيذي
واستعرضت وزارة التربية والتعليم في سلطنة عمان جهودها في توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في المدارس الحكومية خلال فعالية عُقدت في 8 مايو 2024، إذ تناولت الجلسة، التي حضرها عدد من مسؤولي الوزارة، أبرز المبادرات المتعلقة بهذا المجال.
ونوّهت صحيفة “الرؤية” العمانية إلى أن المناقشات شملت إعداد برنامج تنفيذي للذكاء الاصطناعي يهدف إلى مواكبة التطورات التقنية ودمج هذا الذكاء في المناهج الدراسية والأنظمة والخدمات الإلكترونية، وذلك ضمن مشروع التحول الرقمي الجديد في السلطنة.
تضمنت خطة العمل محاور متعددة مثل حوكمة فرق العمل المختصة بالذكاء الاصطناعي، وتأهيل وتطوير الكوادر، وتعزيز الشراكات المحلية والدولية في هذا المجال، وتقديم برامج تدريبية في البرمجة وتطبيقات هذه التقنيات لدعم تطوير المهارات التقنية لدى المعلمين والطلاب.
وتهدف هذه الجهود إلى تعزيز قدرات المؤسسات التعليمية لمواكبة التحولات الرقمية، وضمان استخدام فعّال وآمن للتقنيات الحديثة في دعم العملية التعليمية وتطويرها.
ونقلت صحيفة عُمان في 30 يناير 2025 عن معلمين في مدارس السلطنة تأكيدهم أن الذكاء الاصطناعي يحسن الأداء الدراسي ويعزز فرص النجاح، حيث قطعت المدارس خطوات كبيرة في تطبيق تقنياته، مما أسهم بشكل كبير في إثراء وتطوير منظومة التعليم بشكل مستمر.
استثمار وريادة
ويؤكد الباحث الرقمي نبيل العبيدي، أن إدراج الذكاء الاصطناعي في المناهج التعليمية بمدارس دول الخليج العربي يمثل استثماراً استراتيجياً في المستقبل، حيث يساهم في تأهيل أجيال قادرة على الابتكار، وتطوير الاقتصاد الرقمي، وتحقيق الريادة في مجال التكنولوجيا.
وأضاف في حديث لـ”الخليج أونلاين” أن هذا الإدراج يتطلب تطوير المناهج المتقدمة، وتدريب المعلمين، وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص لضمان تطبيق فعّال ومستدام لهذه التقنيات في التعليم.
وحول أهمية إدراج الذكاء الاصطناعي في المناهج قال إن في ذلك فوائد عديدة، أبرزها إعداد الطلبة لوظائف المستقبل، ودعم الابتكار، وكذلك تحسين جودة التعليم من خلال الأدوات والتقنيات الذكية، فضلاً عن تعزيز الاقتصاد الرقمي في دول الخليج.
ويعدد الباحث أبرز استراتيجيات إدراج الذكاء الاصطناعي في المناهج، والتي تتمثل في:
- مناهج متكاملة للذكاء الاصطناعي: تدريس المفاهيم الأساسية، البرمجة، الروبوتات، وتحليل البيانات في جميع المراحل التعليمية.
- تأهيل المعلمين: برامج تدريبية متخصصة حول دمج الذكاء الاصطناعي في التدريس، وإنشاء مراكز أبحاث تعليمية لدعم استراتيجيات التعليم الرقمي.
- شراكات فاعلة: تعاون مع شركات التقنية الكبرى (Microsoft، Google) لتقديم برامج تدريبية ومحتوى حديث، ودمج المشاريع الرقمية في الأنشطة المدرسية والمسابقات الطلابية.
- بنية تحتية رقمية ذكية: تطوير مختبرات للذكاء الاصطناعي والروبوتات، وتوفير الأجهزة والبرامج التكنولوجية المتقدمة.
- تطبيقات واقعية: تشجيع الطلاب على استخدام الذكاء الاصطناعي لحل المشكلات المجتمعية من خلال فعاليات ومسابقات ومشاريع عملية (مثل المدن الذكية والاستدامة البيئية).
أما عن تأثير ذلك، فيرى العبيدي أنها تعزز المهارات التقنية والرقمية، وتعطي الفرصة للطلاب لاكتساب مهارات البرمجة، وتحليل البيانات، والتعلم الآلي منذ سن مبكرة، إضافة إلى تطوير مهارات التواصل والتفاعل مع التكنولوجيا.
ويشير إلى أنه رغم التحديات التي تواجه إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم بدول الخليج، إلا أن هناك فرصاً هائلة لتحقيق نقلة نوعية في أساليب التعلم.
ويبين العبيدي أن الحل يكمن في تبني استراتيجيات شاملة تشمل التدريب، الاستثمار في البنية التحتية، وتحديث التشريعات لضمان بيئة تعليمية متطورة ومستدامة.