فشلت بها “إسرائيل”.. ترامب يقود معركة خاسرة لفرض الشروط على غزة
![](https://khaleejnas.com/wp-content/uploads/2025/02/hmas-fy-mwajht-tramb.-hl-ynjh-alryys-alamryky-fy-frd-shrwth-780x470.png)
تصريحات ترامب تأتي في سياق محاولة ممارسة ضغط سياسي على “حماس”
في تصعيد جديد ضمن تبعات العدوان الإسرائيلي على غزة وتأثيره على المنطقة، وجه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تهديداً صارماً لحركة “حماس”، مطالباً إياها بالإفراج الفوري عن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في القطاع خلال مهلة زمنية محددة.
وأكد ترامب أن عدم امتثال “حماس” لهذا الطلب سيؤدي إلى تداعيات خطيرة، من بينها احتمال تقديم دعم عسكري مكثف لدولة الاحتلال؛ ما قد يسفر عن اندلاع جولة جديدة من القتال تستهدف القطاع، فضلاً عن إلغاء أي جهود دبلوماسية قائمة لوقف إطلاق النار، الأمر الذي يزيد من تعقيد الوضع الإنساني في غزة.
على الأرض، يبدو أن حركة “حماس” لم تأبه بتهديدات ترامب، حيث لا تزال متمسكة بقرارها تأجيل تسليم أسرى الاحتلال المقرر الإفراج عنهم السبت المقبل حتى إشعار آخر.
وردت الحركة على هذه التهديدات ووصفتها بأنها “عديمة الجدوى” و”غير ذات قيمة”، مشددة على أن أي عملية تبادل للأسرى يجب أن تتم وفق مفاوضات مباشرة وليس عبر الضغوط أو التهديدات.
وكان أبو عبيدة، الناطق باسم “كتائب القسام”، الجناح العسكري لحركة “حماس”، قد صرح في بيان له الاثنين 10 فبراير، أن الاحتلال لم يلتزم ببنود الاتفاق الموقع بين الطرفين، وعليه سيتم تأجيل تسليم الأسرى الإسرائيليين.
وشدد على أن المقاومة الفلسطينية تحترم التزاماتها طالما احترم الاحتلال التزاماته، مشيراً إلى أن الاحتلال الإسرائيلي سجل العديد من الخروقات التي دفعت الحركة إلى اتخاذ هذا القرار.
وفي بيان رسمي، أوضحت “حماس” أن الانتهاكات الإسرائيلية شملت تأخير عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة، واستهداف المدنيين بالقصف وإطلاق النار، ما أسفر عن سقوط العديد من الضحايا، إضافة إلى عرقلة دخول المستلزمات الإنسانية الضرورية، مثل الخيام والمساكن الجاهزة والوقود، ومنع وصول المعدات اللازمة لرفع الأنقاض وانتشال الجثث.
كما أشار البيان إلى تأخير دخول الأدوية والمعدات الطبية الضرورية لإعادة تأهيل المستشفيات وضمان استمرارية الخدمات الصحية.
ضغط سياسي
يرى الكاتب والمحلل السياسي، أحمد موسى، أن تصريحات ترامب تأتي في سياق محاولة ممارسة ضغط سياسي على “حماس” دون نية فعلية لتنفيذ تهديدات عسكرية مباشرة، “إلا أنه قد يلجأ إلى فرض عقوبات اقتصادية أكثر صرامة على قطاع غزة، الأمر الذي سيزيد من تدهور الأوضاع الإنسانية هناك”.
ويوضح موسى في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أنه إذا قررت “إسرائيل” استغلال تصريحات ترامب للمضي قدماً في عملية عسكرية تهدف إلى استعادة الأسرى بالقوة، فقد تشهد غزة تصعيداً خطيراً في غزة، مما قد يؤثر على المفاوضات الجارية ويعيد الأمور إلى نقطة الصفر.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تاريخياً تبنت سياسات داعمة بشكل مطلق لدولة الاحتلال، لكن ترامب تميز باتخاذ خطوات غير مسبوقة، مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان خلال فترة رئاسته السابقة، مما عزز مكانته لدى الحكومة حكومة الاحتلال والتيارات اليمينية المتطرفة فيها.
ويبين أن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة، خاصة إذا قررت إدارة ترامب تصعيد الضغوط على “حماس” عبر فرض مزيد من العقوبات أو إعطاء الضوء الأخضر لـ”إسرائيل” لشن هجوم عسكري جديد على القطاع.
يتوقع موسى أن ينجح الوسطاء خلال الأيام القادمة وقبل يوم السبت، وهو موعد تسليم الدفعة السادسة من الأسرى الإسرائيليين، في رأب الصدع والضغط على حكومة الاحتلال من أجل الإيفاء بتعهداتها وفق بنود الاتفاق، والسماح بإدخال الخيام والبيوت المتنقلة.
توتر في “إسرائيل”
في “إسرائيل”، اعتبر محللون أن قرار “حماس” بتأجيل تسليم الدفعة السادسة من الأسرى الإسرائيليين يُعد مؤشراً على تراجع نفوذ الحكومة الإسرائيلية، ويشكل ضربة قوية لحلفاء نتنياهو، بما في ذلك إدارة ترامب.
وقال المحلل العسكري في موقع “والا” العبري، أمير بحبوط: “يبدو أن ترامب أدرك أن تهديد حماس كان يستهدفه في المقام الأول وليس (إسرائيل) بالضرورة”.
وأضاف أن “حماس تتجرأ، بعد 490 يوماً من القتال، على تحدي القوة العظمى الأولى في العالم، وهذه حقيقة يجب أن تدفع الحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي إلى مراجعة استراتيجياتهم لمعرفة كيف وصلوا إلى هذا الموقف”.
أما عميحاي شتاين، المراسل الدبلوماسي لصحيفة “جيروزالم بوست” وقناة “آي 24 نيوز” العبريتين، فقد أشار إلى أن إعلان “حماس” تجميد إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لم يكن مفاجئاً، بل كان نتيجة مباشرة للانتهاكات الإسرائيلية المتكررة.
وأوضح شتاين أن انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من “ممر نتساريم”، الذي يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه، سمح بعودة الفلسطينيين النازحين إلى مناطقهم الأصلية في الشمال، وهو ما أضعف قدرة “إسرائيل” على المناورة في هذه المرحلة من الصفقة.
ورأى شتاين أن التطورات الأخيرة تشكل اختباراً حقيقياً لإدارة ترامب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، خاصة بعد إعلان الأخير خطته المثيرة للجدل لإعادة توطين سكان غزة في الدول العربية المجاورة، وهي الخطة التي لاقت إدانات واسعة النطاق من قبل “حماس” والدول العربية، بل ومن داخل الحزب الجمهوري الأمريكي نفسه.
ويبقى السؤال مفتوحاً هل ستنجح الضغوط الأمريكية والإسرائيلية في إجبار “حماس” على تقديم تنازلات، أم أن المقاومة الفلسطينية ستظل ثابتة على مواقفها؛ مما سيؤدي إلى مزيد من التوتر والتصعيد في المنطقة.