نتنياهو يسحب صاعق اتفاق أبراهام.. هل تجمّد الإمارات التطبيع؟

أعربت الإمارات عن إدانتها واستنكارها الشديدين للتصريحات الإسرائيلية ضد السعودية التي وصفتها بـ”غير المقبولة والمستفزة”، مؤكدة رفضها القاطع لهذه التصريحات
سلطت التطورات الأخيرة بشأن تصعيد الحديث بتهجير سكان غزة، الضوء على التحديات التي تواجه اتفاق التطبيع الذي أبرمته “إسرائيل” مع الإمارات والبحرين، بعد سقوط آلاف الشهداء في غزة من جراء العدوان الإسرائيلي على القطاع لـ15 شهراً.
وحافظت الإمارات والبحرين على علاقاتها مع الاحتلال أثناء الحرب، لكن هذه العلاقات تتعرض لضغوط مع تزايد الغضب من سلوك “إسرائيل”، خصوصاً مع التصريحات الأخيرة ضد السعودية والتي وصفتها “أبوظبي” بـ”المستفزة”، وهو خطاب تصعيدي غير مسبوق.
وعلى الرغم من أنها ليست الأولى من الأزمات بين الجانبين منذ توقع اتفاقية التطبيع بينهما في العام 2020، لكنها المرة الأولى التي ربما تدق ناقوس التصعيد، خصوصاً وأن الأزمة تشير إلى عدم التزام “إسرائيل” بما نص عليه اتفاق إبراهام، فهل يسحب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو صاعق الاتفاق؟.
هجوم لافت
عقب تصريحات أدلى بها بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بشأن إقامة دولة فلسطينية في أراضي السعودية، أعربت الإمارات عن إدانتها واستنكارها الشديدين للتصريحات التي وصفتها بـ”غير المقبولة والمستفزة”، مؤكدة رفضها القاطع لهذه التصريحات، التي تعتبر تعدياً سافراً على قواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وأعرب خليفة شاهين المرر، وزير دولة، عن تضامن الإمارات الكامل مع السعودية، والوقوف معها في صف واحد ضد كل تهديد يطال أمنها واستقرارها وسيادتها، مشدداً على أن سيادة السعودية “خط أحمر”، وأن الإمارات لا تسمح لأي دولة بتجاوز ذلك أو التعدي عليه.
وأكد المرر، (8 فبراير 2025)، رفض الإمارات “القاطع للمساس بالحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني أو محاولة تهجيره”، داعياً إلى “ضرورة وقف الأنشطة الاستيطانية التي تهدد الاستقرار الإقليمي وتقوض فرص السلام والتعايش”.
وجدد الوزير الإماراتي التأكيد على موقف الإمارات التاريخي الراسخ في صون حقوق الشعب الفلسطيني، وضرورة إيجاد أفق سياسي جاد يفضي إلى حل الصراع، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة. كما شدد على أنه لا استقرار في المنطقة إلا من خلال حل الدولتين.
تطرف نتنياهو
كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال -في مقابلة مع القناة 14 الإسرائيلية (7 فبراير) إن “لدى السعودية ما يكفي من الأراضي لتوفير دولة للفلسطينيين”، وفق ما نقلته صحيفة جيروزاليم بوست.
ولدى سؤاله عن إقامة دولة فلسطينية كشرط للتطبيع مع السعودية، قال نتنياهو “لن أبرم اتفاقاً من شأنه أن يعرض إسرائيل للخطر”.
وهذه التصريحات ليست الأولى المنددة من الإمارات، فقد سبق أن أصدرت تنديدات مماثلة في ملفات مختلفة كما حدث أخيراً بشأن احتلال الجولان، وقبلها فيما يتعلق بمعبر فيلادلفيا، وأيضاً بشأن التطورات المختلفة في فلسطين.
لكن البيان الأخير ربما من شأنه أن يثير خلافاً بين الجانبين، خصوصاً وأن السعودية أكبر حلفاء وجيران الإمارات منذ عقود، وقد يدفع أبو ظبي إلى اتخاذ خطوات للضغط على “إسرائيل”، يصل إلى تجميد التطبيع، إضافة إلى أنه يخل بما نص عليه اتفاق إبراهام بشأن وقف الاستيطان الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
واتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي ويطلق عليه اسم اتفاق، هو اتفاق أُعلن بين “إسرائيل” والإمارات في 13 أغسطس 2020، وبتوقيعه أصبحت الإمارات ثالث دولة عربية، بعد مصر عام 1979 والأردن عام 1994، توقع اتفاقية سلام مع “إسرائيل”، وكذلك الدولة الخليجية الأولى التي تقوم بهذا الأمر إلى جانب البحرين.
لا تصعيد
يرى الباحث في العلاقات الدولية حازم عياد، أن البيان الإماراتي جاء في سياق “التضامن مع المملكة في إطار الرد على نتنياهو بشكل مباشر”.
ويستبعد عياد أن يتم خلال المرحلة الحالية حدوث قطع أو تجميد للعلاقات، موضحاً بالقول: “لا زلنا في مرحلة إصدار البيانات وتنديد المواقف والرد على تصريحات نتنياهو، والتي ممكن أن تترجم بسلوك عبر تخفيض مستوى العلاقات التجارية أو النشاطات المتبادلة بين الطرفين وتنقل الوفود”.
ويضيف في حديثه لـ”الخليج أونلاين” بقوله:
– لا يوجد نية لتجميد تلك العلاقات، إلا إذا اتخذ نتنياهو إجراءات على الأرض وصعد من لهجته ضد السعودية فقد نشهد نهجاً نحو تجميد تلك العلاقات.
– العلاقات مستمرة لكن ربما شابها الفتور في مراحل لكن لم تصل لقطعها أو تجميدها، ومع ذلك لسنا بعيدين عن الذهاب نحو ذلك.
– هذه التصريحات لها ارتدادات سياسية خصوصاً مع وصول ترامب للسلطة لكنها لن تذهب للاتجاه الأكبر لقطع العلاقات وتقتصر حالياً على الرد بالبيانات.
– الإمارات في المرحلة الحالية لا ترغب في توسعة الاشتباك الدبلوماسي والإعلامي وسيبقى الأمر مرهوناً بالمواقف الإسرائيلية.
مثيرة للاشمئزاز
بينما يرى الباحث في العلاقات الدولية الدكتور عايد المناع، أن تصريحات نتنياهو “يثير السخرية والاشمئزاز ويعبر بالفعل عن وقاحة وقلة أدب وخروج على كل القيم السياسة والأدبية في العالم”.
ويؤكد أن الرد الإماراتي “طبيعي جداً لأن الشعب الفلسطيني ليس شعباً محتلاً لأرض الغير، بل هو شعب أرضه محتلة من قبل الغير من قبل الإسرائيليين والحركة الصهيونية على وجه الخصوص”.
ويضيف:
– من المعيب أن يتم التفكير بتهجير هذا الشعب الذي صمد لمدة 75 عام وممكن أن يصمد للأبد والتمسك بأرضها وعدم التخلي عنها، وعملية تهجيره لا تجدي.
– حتى من هجروا سابقاً لا يزالون متمسكون بهويتهم الفلسطينية ومستعدون للعودة إلى أرضهم بأي وقت، وهناك القرار الدولي 1094 على عودة اللاجئين وتعويضهم.
– التصريحات الإسرائيلية ينم على الإحباط واليأس النفسي لدى الإسرائيليين
– رغم الحرب المدمرة في غزة فلا يزال الفلسطينيون متمسكون بأرضهم
– نتنياهو يبحث عن أي مكان لتشجيع الفلسطينيين على الرحيل إليه والاستخفاف بسيادة الدول وحق شعوبها بأرضها
– الإمارات بادرت إلى الإدانة وشددت على ضرورة تمكين الشعب الفلسطيني من الحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، وعدم مغادرة الفلسطينيين.
خلاف سابق
وسبق أن شهد الجانبين خلاف واضح، وتحديداً في مايو الماضي، بعد تصريح مقتضب لرئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو والذي كان كفيلاً بإخراج الخلاف بين الإمارات و”إسرائيل” إلى العلن، ويصبح معه الموقف الإماراتي أكثر تشدداً تجاه سلوك حكومة اليمين المتطرف ورئيسها.
وفي تصريحات أدلى بها نتنياهو، الخميس (9 مايو 2024)، أشار إلى دور إماراتي محتمل في إيجاد حكومة مدنية لإدارة غزة بعد انتهاء الحرب، وهو ما أثار غضب الإمارات ودفعها للرد والتوضيح، حيث استنكر وزير خارجيتها عبدالله بن زايد تصريحات رئيس وزراء “إسرائيل”، مشدداً على أن نتنياهو “لا يتمتع بأي صفة شرعية تخوله باتخاذ هذه الخطوة”، مؤكداً رفض أبوظبي الانجرار خلف أي مخطط يرمي لتوفير الغطاء للوجود الإسرائيلي في غزة.
ويوم 10 مايو، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة، على مشروع قرار تقدمت به الإمارات، يدعم حق فلسطين في العضوية الكاملة بالمنظمة الدولية، وهو ما أثار انزعاجاً لدى “إسرائيل”.
كما يعود الخلاف الإماراتي الإسرائيلي إلى عدة أشهر، ففي يناير الماضي نقل موقع “أكسيوس” الأمريكي عن مسؤول إسرائيلي قوله إن الرئيس الإماراتي، الشيخ محمد بن زايد، “أصيب بالذهول حينما طلب منه نتنياهو المساعدة في دفع أجور العُمال الفلسطينيين، رافضاً ذلك الطلب وساخراً منه”.