الاخبار

أول زعيم في دمشق الجديدة.. كيف فتح أمير قطر أبواب الاستقرار لسوريا؟

– أمير قطر: اللقاء الأول مع الشرع اتسم بروح الإيجابية وسنعمل مع المجتمع الدولي لدعم مُراد الشعب السوري.

– زيارة أمير قطر تمثل أهمية كبيرة نظراً لدور قطر الداعم لسوريا فضلاً عن أنها تفتح الباب أمام الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

كانت طائرة أمير قطر أول طائرة رئاسية في العالم تحط رحالها في مطار دمشق الدولي بعد سقوط نظام الأسد، بعد أن حطمت سوريا قيود العزلة التي تسبب بها دمشق، ودخلت في قطيعة مع محيطها.

وصل أمير قطر إلى سوريا، بعد يوم من تنصيب الشرع رئيساً للبلاد، وأجرى مباحثات ثنائية، نالت تغطية واهتماماً واسعاً على مستوى الإعلام العربي والدولي.

ولا شك أن الزيارة تشكل دفعة قوية لمسيرة السلطة الوليدة في دمشق، الساعية لانتزاع المزيد من الاعتراف الدولي بها، وكذلك الدعم لإعادة بناء سوريا مجدداً، بعد أن أحال الأسد مؤسساتها إلى ما يشبه الحطام.

وتأتي الزيارة تتويجاً للدعم القطري للشعب السوري، ذلك الدعم الذي لم يتوقف منذ اندلاع شرارة الثورة ضد الأسد قبل 14 عاماً، وكما كانت الدوحة سبّاقة في إسناد الثوار بعد سقوط الأسد، هي اليوم سباقة في مد جسور السياسة لدمشق ومساعدتها في النهوض مجدداً.

وبدورها تسعى دمشق للاستفادة من مكانة قطر ونفوذها وعلاقاتها، لاستمالة المزيد من المواقف الدولية، وبما يؤدي إلى رفع العقوبات، وتقديم المساعدة للشعب السوري، خصوصاً في ملف إعادة الإعمار.

أرفع زيارة

واستقبل الرئيس السوري أحمد الشرع، أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لدى وصوله إلى مطار دمشق الدولي برفقة وفد رفيع المستوى، لتكون هذه أرفع زيارة تستقبلها دمشق منذ الـ8 من ديسمبر الماضي، كما أنها أول زيارة لزعيم عربي إلى دمشق منذ 14 عاماً.

وخلال جلسة مباحثات ثنائية، هنأ أمير قطر، الرئيس الشرع بمناسبة انتصار الثورة السورية، واختياره رئيساً للمرحلة الانتقالية.

وبحسب الديوان الأميري، فقد جدد أمير قطر موقف بلاده الداعم لوحدة سوريا وسيادتها واستقلالها، كما أشاد بالجهود التي تبذلها الإدارة السورية الجديدة لتحقيق الاستقرار والحفاظ على مقدرات الدولة وتأمين الاحتياجات الضرورية للشعب السوري.

وأكد أمير قطر على أهمية تشكيل حكومة تمثل جميع أطياف الشعب السوري لتوطيد الاستقرار والمضي قدماً في مشاريع إعادة الإعمار والتنمية والازدهار.

في حين رحب الرئيس السوري أحمد الشرع، بزيارة أمير قطر، مؤكداً أن هذه الزيارة تعكس مواقف الدوحة الثابتة والدعمة في كل المراحل للشعب السوري وحرصها على تعزيز العلاقات بين البلدين.

وعلّق أمير قطر على الزيارة، قائلاً إن اللقاء الأول مع الشرع اتسم بروح إيجابية ملؤها التفاؤل بمستقبل مشرق لسوريا وللعلاقات بين البلدين، مؤكداً أن قطر ستعمل مع المجتمع الدولي نحو دعم الشعب السوري في تحقيق كل ما ضحى من أجله”.

ووصف مستشار رئيس مجلس الوزراء، المتحدث باسم الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري في تصريحات لتلفزيون “سوريا”، الزيارة بأنها لحظة تاريخية، وتضع حجر الأساس للمرحلة المقبلة من العلاقات بين البلدين.

وتعليقاً على الزيارة، قال الأكاديمي الإماراتي عبدالخالق عبدالله في تدوينة على منصة “إكس”: “أمير قطر أول زعيم عربي وعالمي يزور سوريا الجديدة ليؤكد الاحتضان الخليجي للشعب السوري التواق لحياة حرة وآمنة وكريمة بعد 60 من سنة من حكم الفساد والاستبداد”.

تعاون استراتيجي

وتفتح زيارة أمير قطر إلى دمشق الباب أمام تعاون استراتيجي في مختلف المجالات، خصوصاً أن قطر كانت ولا تزال دولة حليفة للشعب السوري، ولم تتخل عنه في أصعب المحطات.

ويرى مدير قسم تحليل السياسات في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، الدكتور سمير العبدالله أن زيارة أمير قطر إلى دمشق تعكس اهتمام الدوحة بدعم سوريا الجديدة.

وتوقع العبدالله في تصريحات لـ”الخليج أونلاين”، أن يشمل التعاون بين الدولتين في المرحلة المقبلة مجالات عدة، أبرزها إعادة الإعمار والاستثمار، فضلاً عن الدعم السياسي لرفع العقوبات واستعادة سوريا لدورها الإقليمي والدولي.

وأضاف الباحث السوري، أن “التعاون بين قطر وسوريا سيمتد إلى قطاع الطاقة، إضافةً إلى استمرار الدعم القطري، الذي كان له أثر كبير خلال سنوات الثورة السورية، خصوصًا في مجالات الصحة والتعليم”.

وعلى الصعيد السياسي، ذكر أن “سوريا تحتاج في هذه المرحلة إلى شراكات دولية قوية، ويبرز هنا الدور القطري في التوسط لصالح القيادة الجديدة أمام الغرب وفي المحافل الإقليمية والدولية”.

وأشار إلى أن هذه الزيارة تعد خطوة نوعية في مسار تعزيز العلاقات بين البلدين، ورسالة واضحة تعكس اهتمام قطر العميق بسوريا، مع توقعات بتعاون استراتيجي واسع النطاق في المرحلة المقبلة، قد يسهم في إعادة رسم المشهد السوري على مختلف المستويات.

قطر السبّاقة

ومنذ اليوم الأول لنجاح الثورة السورية، وانهيار نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، كانت قطر في مقدمة المباركين للشعب السوري، وبعد يومين فقط من نجاح الثورة أطلقت الدوحة جسراً جوياً لنقل المساعدات للشعب السوري، وتحديداً في 10 ديسمبر.

وقال ماجد الأنصاري، إن سوريا تحتل مكانة عالية لدى القطريين، وأن بلاده وقفت إلى جانب الشعب السوري منذ اليوم الأول لثورته.

ويرى الكاتب والباحث السوري مصطفى النعيمي في تصريح لـ”الجزيرة نت”، أن زيارة أمير قطر تأتي في سياق استكمال الدعم القطري للقضية السورية، مشيراً إلى أن الدوحة لم ولن تتخلى عن مسؤوليتها تجاه القضية السورية.

وأضاف: “هذه الزيارة ستكون اللبنة الأولى عربيا في إعادة بناء سوريا، وستتبعها خطوات مماثلة من الدول العربية، مع بقاء قطر في طليعة الداعمين للقضية السورية منذ انطلاق الثورة، وحتى تحقيق الاستقرار وبناء الدولة”.

دعم مستمر

ويوم 23 ديسمبر الماضي، وصل وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز الخليفي إلى دمشق على رأس وفد رسمي رفيع المستوى.

وحينها قال الشرع إن سوريا ستبدأ مع قطر تعاوناً استراتيجياً واسعاً خلال الفترة المقبلة، مؤكداً أن العلاقات بين البلدين ستعود أفضل مما كانت.

الوفد القطري آنذاك، أبدى استعداد الدوحة للبدء في استثمارات واسعة في سوريا بمجالات منها الطاقة والموانئ والمطارات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى