الاخبار

بعد تنصيب رئيس.. هل تعود الاستثمارات الخليجية إلى لبنان؟

تحتاج الدول الخليجية إلى ضمان استقرار لبنان السياسي والمؤسسي، قبل ضخ الاستثمارات التي توقفت خلال السنوات الماضية.

مثلت العلاقة الاقتصادية التي ربطت لبنان مع دول مجلس التعاون الخليجي، بمثابة العمود الفقري الذي أعاد التوازن لاقتصاده لاسيما بعد انتهاء الحرب الأهلية وتوقيع اتفاق الطائف عام 1989.

وتنظر دول الخليج بإيجابية لملء الفراغ الرئاسي بانتخاب جوزيف عون وتعيين الدبلوماسي المخضرم نواف سلام رئيساً للحكومة، كما يتوقع أن يكون بداية لاستئناف دعمها الاقتصادي له وعودة الاستثمارات.

لكن تحتاج الدول الخليجية إلى ضمان استقرار لبنان السياسي والمؤسسي قبل ضخ الاستثمارات التي توقفت خلال السنوات الماضية بسبب الأزمات التي شهدها عام 2019، وصولاً إلى الأزمة مع الخليج عام 2021.

بداية العودة

تلوح مؤشرات عديدة تظهر وجود رغبة خليجية لضخ استثمارات في لبنان، وكانت البداية من إعلان الأمير السعودي الوليد بن طلال (14 يناير)، عن إعادة بناء فندق “فور سيزون” في بيروت ليتمّ افتتاحه بداية عام 2026.

من جانبه دعا خلف بن أحمد الحبتور رجل الأعمال الإماراتي ورئيس مجلس إدارة مجموعة “الحبتور”، المستثمرين الخليجيين للعودة والاستثمار في لبنان، لكنه حث الحكومة اللبنانية على تعيين رئيس وزراء يتمتع بالكفاءة والخبرة الاقتصادية، قادر على قيادة مرحلة الإصلاح الاقتصادي، وإعادة الثقة بمؤسسات الدولة.

كما دعا في مقال له بموقع “cnn عربية” (9 يناير)، “المستثمرين العرب والخليجيين واللبنانيين المقتدرين إلى اغتنام هذه الفرصة للمساهمة في إعادة بناء هذا الوطن، وإعادة لبنان إلى مكانته كوجهة للاستثمار والثقافة”.

وقبل الأزمة المالية عام 2019، كان لبنان يستقطب العديد من الاستثمارات الأجنبية والعربية، ثم جاءت أزمة مع الخليج عام 2021 لتسهم في توقفها بشكل كبير.

إذ كانت الاستثمارات الخليجية تمثل حوالي 85% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في لبنان، حيث بلغ الاستثمار في القطاع العقاري وحده أكثر من 6 مليارات دولار.

كما تشير الأرقام إلى أنه في العام 2016، بلغت قيمة موجودات الخليجيين في المصارف اللبنانية بنحو عشرين مليار دولار.

ووفق صحيفة “الراي” الكويتية، فإنه بين العام 2003 و2015 بلغت حصة الدول العربية 77.5% من إجمالي قيمة المشاريع الاستثمارية الأجنبية المباشرة في لبنان البالغة 14.6 مليار دولار، وناهزت الاستثمارات الخليجية التراكمية 98% من مجمل الاستثمارات العربية لتتجاوز 11 مليار دولار.

وحينها احتلت الإمارات المرتبة الأولى عربياً بـ 44 شركة مستثمرة، و53 مشروعاً، و18509 فرص عمل، و7.3 مليار دولار كرأسمال، بينما جاءت الكويت في المرتبة الثانية بـ 12 شركة مستثمرة، و16 مشروعاً، و5015 فرصة عمل، وملياري دولار كرأسمال.

وبحسب تصريحات في ديسمبر الماضي لمجلس إدارة المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمار في لبنان نبيل عيتاني، استقطب لبنان في العام 2014، استثمارات تقدر بنحو 6% من حجم الناتج المحلي آنذاك البالغة 81 مليار دولار، أي ما يقدر بنحو 4.8 مليار دولار، مؤكداً بأن “لبنان وخلال السنوات التي سبقت 2014 كان الأعلى في المنطقة بجذب الاستثمارات”.

عوامل مشجعة

وبحسب تقرير لمجموعة البنك الدولي (مارس 2024) يحتاج لبنان إلى استثمارات في قطاعات الخدمات الرئيسية مثل الطاقة، والمياه، والنقل على المدى القصير، بالإضافة  إلى استثمارات في مجالات السياحة والتجارة، والتي يمكن أن تساعد في تحفيز نموه الاقتصادي.

كما يشدد البنك الدولي على “ضرورة العمل على إصلاح المالية العامة والمؤسسات في لبنان، لأن تكلفة التقاعس عن هذه الإصلاحات باهظة جداً”.

يرى الصحفي اللبناني مصطفى العويك، أن المسار المؤسساتي في لبنان بدأ بالانتظام، بعد سنوات من الفراغ الرئاسي، والتعطيل الحكومي، بانتخاب عون رئيساً وتكليف سلام بتشكيل الحكومة. 

كما يشير في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “هذان الرئيسان (عون وسلام) ليسا من محور الظلام الإيراني التخريبي، الذي كان يضع كلتا يديه على رقبة الدولة اللبنانية والمواطنين معاً، فيصادر قراراتها ويحيل شوارعها إلى فوضى متنقلة مستخدماً السلاح حيناً والتهديد باستعماله أحياناً”، مشيراً إلى أنه سابقاً كان “من الطبيعي أن تفر الاستثمارات من لبنان، وتتراجع نسب النمو وتنهار العملة المحلية” مضيفاً:

  • اليوم ومع دخول لبنان (العصر العربي) متسلحاً بمؤسسات دستورية فاعلة واستقرار أمني تعيد الثقة به للداخل والخارج.

  • العودة العربية لن تطول إطلاقاً وبدأت تباشيرها بتعيين السعودية للأمير يزيد بن فرحان مسؤولاً عن ملف لبنان، وهو الذي اجتهد بعزيمة توجيهات القيادة في المملكة لإنهاء الشغور الرئاسي.

  • واكبت الإمارات ذلك على وجه السرعة بإعلانها إعادة فتح سفارتها في بيروت، وجاء إعلان الأمير الوليد بن طلال إعادة بناء وتأهيل فندق “فور سيزون” في بيروت كبشرى إضافية للبنانيين بأن بلدهم على السكة الصحيحة للعودة إلى الحضن العربي.

  • دولتا قطر والكويت أيضاً ستعيدان ضخ الدم في شرايين الاستثمارات في لبنان، في القريب العاجل.

  • يوجد 22 اتفاقية تعاون بين السعودية ولبنان كان يجب توقيعها عام 2019، لكن بسبب الأزمات لم توقع، والآن سيعاد الاعتبار لها وتدخل حيز التنفيذ.

  • هذا الاتفاقيات متنوعة تجارية وغذائية، وستكون بنداً أساسياً على الطاولة في أول زيارة للرئيس عون إلى المملكة.

  • الاستثمارات الخليجية تعد جزءاً أساسياً من الاقتصاد اللبناني، وستنعكس على الواقع المعيشي والاقتصادي، وعلى النمو الاقتصادي بشكل عام.

  • اليوم لا عقبات ولا موانع، إنما استثمارات جديدة تواكب المرحلة الجديدة التي افتتحها لبنان بمعاونة أشقائه العرب.

مرهون بعوامل مختلفة

أما الكاتبة والصحفية اللبنانية رندة حيدر فترى في حديثها مع “الخليج أونلاين” أن انتخاب عون رئيساً وتكليف سلام بتشكيل الحكومة “سيفتح صفحة جديدة في العمل على إعادة بناء مؤسسات الدولة”.

لكن فيما يتعلق بعودة الاستثمارات بشكل عام والخليجية بشكلٍ خاص مرهونة عودتها بعدد من العوامل من بينها:

  • تشكيل حكومة فاعلة ومختصة مع وجوه جديدة وقادرة، يمكن أن تقوم بمهمات الإصلاحات المطلوبة في مجال المالي والقضائي.

  • تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بكل بنوده وانسحاب “إسرائيل” من قرى الجنوب.

  • مستقبل سلاح “حزب الله” شمال نهر الليطاني وكيف سيتعاون مع الحكم الجديد.

  • تطورات الوضع في سوريا ومعالجة مشكلة التهريب على الحدود معها. 

  • عدم إقدام “إسرائيل” على زعزعة الوضع في الجنوب بحجة مطاردة “حزب الله”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى