بأكبر مدينة متخصصة.. الثروة الحيوانية السعودية تنتظر نقلة نوعية
ما تكلفة انشاء أكبر مدينة للثروة الحيوانية في المملكة؟
نحو 2.4 مليار دولار وبمساحة 11 مليون م2.
ما أبرز إنجازات برنامج “ريف السعودية”؟
- إدخال تقنيات جديدة.
- تحسين السلالات المحلية.
- دعم صغار المربين.
تواصل المملكة العربية السعودية جهودها الرامية إلى تعزيز الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي، حيث أعلنت عن إطلاق أكبر مدينة للثروة الحيوانية في منطقة الشرق الأوسط.
تسعى المملكة من خلال هذا المشروع الكبير إلى توسيع قدراتها الإنتاجية في قطاع الثروة الحيوانية، ما يعكس التوجهات الوطنية لتحقيق تنمية مستدامة وفق رؤية 2030.
ستشكل المدينة الجديدة نقطة تحول في توفير احتياجات المملكة من اللحوم والألبان، فضلاً عن تعزيز دور القطاع الخاص في تطوير الثروة الحيوانية.
أكبر مدينة حيوانية
شهدت فعاليات منتدى حفر الباطن للاستثمار 2025، الذي نظمته غرفة حفر الباطن بدعم من اتحاد الغرف السعودية، الكشف عن تفاصيل إنشاء أكبر مدينة للثروة الحيوانية في الشرق الأوسط، بتكلفة إجمالية تبلغ 9 مليارات ريال سعودي (2.4 مليار دولار).
وأشارت وكالة الأنباء السعودية “واس” إلى أن هذا المشروع يأتي في إطار مساعي المملكة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من منتجات الثروة الحيوانية وتعزيز أمنها الغذائي، تماشياً مع أهداف رؤية المملكة 2030.
تقع المدينة الجديدة في محافظة حفر الباطن وتمتد على مساحة تُقدّر بـ11 مليون متر مربع، ومن المتوقع أن تسهم في تلبية 30% من احتياجات المملكة من اللحوم الحمراء، فضلاً عن توفير أكثر من 13 ألف فرصة عمل لأبناء المنطقة.
كما ستضم المدينة مرافق حديثة تشمل حظائر متطورة لتربية الماشية، ومصانع للأعلاف، ومستشفى بيطري، ومصانع متخصصة في معالجة وإنتاج اللحوم الحمراء باستخدام أحدث التقنيات المتقدمة.
وسيُعتمد في تشغيل المشروع على الطاقة المتجددة، بإنتاج سنوي يصل إلى 15 مليار كيلووات/ساعة من الكهرباء النظيفة.
ومن المخطط أن تُنتج المدينة يومياً 140 ألف لتر من الحليب و100 طن من الأعلاف في الساعة، كما ستشمل مسلخاً آلياً يمتد على مساحة 170 ألف متر مربع، بالإضافة إلى إنتاج 1.5 مليون متر مربع من الجلود سنوياً.
وقال رئيس مجلس إدارة غرفة حفر الباطن، سلمان العقيّل، إن المشروع الجديد سينطلق بشراكة سعودية صينية، بما يلبّي التوجهات الاستراتيجية للاستثمار في المملكة.
يعد هذا المشروع نقلة نوعية في قطاع الثروة الحيوانية، ويعكس التزام المملكة بتعزيز استدامة مواردها الغذائية وتحقيق تطلعاتها الاقتصادية وفق رؤية 2030.
حجم الثروة الحيوانية
يمثل قطاع الثروة الحيوانية أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد السعودي، حيث حقق تنامياً ملحوظاً، وبات يلعب دوراً محورياً في تلبية احتياجات السوق المحلية.
وفي آخر إحصائية أعلنت الهيئة العامة للإحصاء في نوفمبر 2024، نشرة أعداد الثروة الحيوانية لعام 2023 في المملكة، حيث كشفت عن تطور كبير في مختلف القطاعات الحيوانية.
وبيّنت النشرة أن إجمالي إنتاج الحليب الخام في مزارع الأبقار بلغ 2.8 مليار لتر، مع تسجيل 234 ألف بقرة حلوب في المشاريع الزراعية المتخصصة لمزارع الأبقار، وجاءت منطقة الرياض في الصدارة من حيث إنتاج الحليب، حيث وصل إنتاجها إلى 1.6 مليار لتر، تليها المنطقة الشرقية بإنتاج بلغ مليار لتر.
كما أظهرت النتائج أن إجمالي عدد الأغنام في المملكة وصل إلى 29.4 مليون رأس، بينما بلغ عدد الضأن 22 مليون رأس، وكان 80.7% منها إناث.
أما عدد الماعز فقد بلغ 7.4 مليون رأس، في حين بلغ عدد الإبل 2.2 مليون رأس، حيث شكلت الإبل الأقل من أربع سنوات 32% من إجمالي العدد.
وفيما يتعلق بإنتاج الدواجن، بلغ إجمالي إنتاج الدجاج اللاحم أكثر من 1.1 مليون طن على مستوى المناطق الإدارية، مع تصدر منطقة الرياض الإنتاج بكمية بلغت 282 ألف طن، تليها منطقة مكة المكرمة بإنتاج بلغ 185 ألف طن، ثم منطقة حائل في المرتبة الثالثة بإنتاج 171 ألف طن.
وبلغ إجمالي إنتاج بيض المائدة 7.9 مليارات بيضة، حيث تصدرت منطقة الرياض أيضاً بإنتاج 3 مليارات بيضة، تليها مكة المكرمة بإنتاج 1.4 مليار بيضة، والمنطقة الشرقية في المرتبة الثالثة بإنتاج مليار بيضة.
جهود حثيثة
ويقول الكاتب والمحلل الاقتصادي سعيد خليل العبسي، إن مشروع المدينة يحتل مكانة عالية من حيث تعزيز إطار توجهات السعودية نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من منتجات الثروة الحيوانية ولتعزيز أمنها الغذائي.
ويضيف لـ”الخليج أونلاين” أن هذه المدينة التي تعد الأكبر في المنطقة، تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة، وتركز على حماية البيئة وتعزز جودتها من خلال زراعة الأشجار لمختلف المنتوجات، وتلتزم بالتنمية المتكاملة والشاملة.
وأوضح العبسي أن المشروع يأتي في ظل تواصل جهود المملكة للوصول إلى توفير الأمن الغذائي، ولتغطية سوق المأكولات والمشروبات، حيث إن هناك جهوداً كبيرة تبذل للوصول إلى الاكتفاء الذاتي في كافة قطاعات الأغذية والمشروبات.
ويبين أن المملكة تدعم وتشجع قطاع الصناعات الغذائية بشكل كبير، حيث بات القطاع في المرتبة الثانية، بما يزيد على 1400 مصنع، إضافة إلى الاتفاقيات مع شركاء عالميين للمنتجين للعديد من المواد الغذائية.
ويؤكد العبسي بأن كل تلك الاستثمارات في قطاعات الأغذية والمشروبات تهدف لتأمين الغذاء والشراب إلى حد الاكتفاء الذاتي ومن أجل رفع نسبة مشاركة قطاع الأغذية عموماً في الناتج المحلي الإجمالي، بجهود وخطوات حثيثة ومدروسة.
برنامج ريف السعودية
في إطار الجهود المستمرة لتعزيز القطاع الزراعي والارتقاء بإنتاج الثروة الحيوانية في المملكة، يواصل برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة “ريف السعودية” دعم صغار مربي الماشية عبر مجموعة من المبادرات الهادفة إلى تطوير وتوسيع قدراتهم الإنتاجية.
تركز هذه المبادرات على استخدام التقنيات الحديثة، وتحسين السلالات المحلية، وتقديم الدعم المالي والفني لتطوير القطاع الحيواني.
بسياق ذلك، كشف أمين عام برنامج “ريف السعودية”، غسان بكري، أن البرنامج اتخذ العديد من الآليات والأنظمة لدعم وتطوير قدرات صغار مربي الماشية، وذلك من خلال عدد من المبادرات التي تهدف إلى رفع قيمة الإنتاج الحيواني.
ونقلت جريدة “الرياض” في أغسطس 2024 عن بكري، قوله إن من أبرز هذه المبادرات إنشاء بنك الأصول الوراثية لتطوير السلالات المحلية، وتحسين البحث التطبيقي، بالإضافة إلى التحسين الوراثي لتلك السلالات بهدف زيادة إنتاج الحملان والألبان.
وقام البرنامج بنشر التقنيات الحديثة في نظم التربية والإنتاج، وإدخال تقنيات إنتاج جديدة لتحسين الرعاية البيطرية وخدمات الإرشاد، وتبني أحدث الأساليب في التربية والإنتاج، وتم وضع سياسة تمويلية لدعم صغار المربين، مع التركيز على إنشاء أو تقوية جمعيات تعاونية زراعية، وتطبيق أنظمة الحجر البيطري، وإنشاء قاعدة بيانات لحصر وتسجيل الماشية.
أنجز برنامج “ريف السعودية” خلال عام 2023، العديد من الخطوات الهامة لدعم قطاع صغار مربي الماشية، مثل إدخال أربع تقنيات إنتاج جديدة، وتطوير تقنيات إنتاج الأعلاف غير التقليدية باستخدام مخلفات النخيل والأسواق المحلية.
كما تم تصميم برنامج متكامل لتربية وإكثار المجترات الصغيرة، مع التركيز على استخدام الصبّار كأحد الخيارات العلفية.
وأشار بكري إلى أن البرنامج عمل على تحسين ممارسات تربية الثروة الحيوانية من خلال تطبيق التقنيات الحديثة مثل إنشاء حظائر منخفضة التكلفة، واستخدام الموجات فوق الصوتية في تربية الماشية.
وأكد على أهمية تعزيز قدرات صغار مربي الماشية في كافة مناطق المملكة، وذلك لتحسين الإنتاجية ودعم الأمن الغذائي، لافتاً إلى أن البرنامج يسعى لتحسين سُبل عيش المربين من خلال تطوير نظام الإنتاج الحيواني التقليدي، والعمل على تنمية الماشية في المناطق الصحراوية والحفاظ على الموارد الطبيعية.