الاخبار

“مدينة الصواريخ”.. تهديد إيراني وسط غضب داخلي وفقدان للحلفاء

المحلل السياسي مسار عبد المحسن راضي حول تهديدات إيران الأخيرة:

– رسالة لرؤية نوايا ترامب على الشاشة الإعلامية قبل استلامه البيضاوي.

– تهديد قابل لأن يكون وعداً نصف صادق، لأن أول صاروخ سيكون موجهاً نحو الحاضر السوري الجديد.

في خضم أزمات داخلية متفاقمة وغضب شعبي يتصاعد ضد سياسات طهران الخارجية، أطلّ الحرس الثوري الإيراني بتصعيد جديد ملوّحاً بامتلاك صواريخ متطورة وبكميات كبيرة، محذراً من مفاجآت ستذهل “الأعداء”.

هذه التهديدات تأتي في وقت تواجه الحكومة الإيرانية انتقادات داخلية حادة بسبب التضخم وتردي الخدمات، والمبالغ الطائلة التي أُنفقت لدعم محور المقاومة حيث تلقى “حزب الله” خسائر موجعة، فيما انهار نظام الأسد، تاركاً إيران دون نفوذ يُذكر في سوريا.

مدينة الصواريخ

حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري الإيراني، وجه رسالة إلى الإدارة الجديدة في واشنطن حذرهم فيها من الوقوع في أخطاء إستراتيجية، منذراً بقدرات صاروخية إيرانية متطورة.  

وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا)، جاء ذلك في تصريح صحفي أدلى به حسين سلامي السبت (11 يناير الجاري)؛ على هامش تفقده “مدينة الصواريخ” التابعة للحرس الثوري.

ووجه سلامي خطابه لمن أسماهم بـ”أعداء إيران” قال فيه:

  • احذروا، لا ترتكبوا أخطاء إستراتيجية أو تقوموا بحسابات خاطئة.

  • يتعين على العدو أن يدرك أن قادتنا ومقاتلينا يتمتعون بإرادة تامة.

  • أعيدوا النظر في حساباتكم ولا تخطئوا، واحذروا فنحن أهل العمل.

  • سنتخذ الخطوات في الوقت المناسب وبقدر الحاجة دون أن نتغاضى عن أي شيء.

  • وجهنا قياداتنا العسكرية بأن يكونوا على استعداد وينتظروا اللحظة التي يأتي فيها الأمر لنظهر عظمة هذه القوة.

  • جاهزون  للمعارك الكبرى وصواريخنا تواكب يومياً التقدم التقني كماً ونوعاً وتصميماً وأداءً.  

اعتراف بهزيمة ثقيلة

تصريحات سلامي تأتي على النقيض من تصريحات أدلى بها الجنرال الإيراني بهروز إثباتي في خطاب مسجل، أقر فيها بـ”هزيمة ثقيلة”، لإيران بعد سقوط نظام  بشار الأسد.

موقع “راديو فردا” الإيراني، تطرق إلى حديث الجنرال بهروز الذي ألقاه في 31 ديسمبر الماضي، داخل مسجد بطهران، بعنوان “الإجابة على أسئلة حول انهيار سوريا”، أكد فيه أنه غادر سوريا على متن آخر طائرة عسكرية إلى طهران في الليلة التي سبقت سقوط نظام الأسد.

وقال في الخطاب المسجل: “لا أعتبر خسارة سوريا شيئاً يدعو للفخر. لقد هُزمنا، وهُزمنا بشدة، وتلقينا ضربة قوية للغاية وكان الأمر صعباً للغاية”.

وأضاف أن علاقات إيران مع بشار الأسد كانت متوترة لعدة أشهر، ما أدى إلى الإطاحة به.

صحيفة “نيويورك تايمز” التي تطرقت إلى حديث الجنرال بهروز، بينت إنه شغل منصباً في القوات المسلحة الإيرانية، مع سجل من الأدوار البارزة، بما في ذلك شغله لمنصب القائد العام لقسم الإنترنت في القوات المسلحة.

وأوضحت أن إثباتي أشرف في سوريا، على العمليات العسكرية الإيرانية ونسق بشكل وثيق مع الوزراء السوريين ومسؤولي الدفاع ومع الجنرالات الروس، متفوقاً على القائد العام لفيلق القدس، الجنرال إسماعيل قاآني، الذي يشرف على شبكة الميليشيات الإقليمية المدعومة من إيران. 

يأتي ذلك في موازاة التحدي غير المسبوق الذي تشهده العلاقة بين طهران و”حزب الله” بعد سنوات من التحالف الوثيق والدعم المتبادل؛ وذلك في أعقاب الخسائر الميدانية والسياسية التي تعرض لها الحزب مؤخراً.

هذه الانتكاسات باتت تلقي بظلالها على المشروع الإقليمي لإيران، الذي طالما اعتمد على “حزب الله” كركيزة أساسية لنفوذها في المنطقة، ما يؤكد أن طهران فقد أبرز حلفائها الإقليميين.  

غضب داخلي

ذلك كله يأتي في حين تشهد إيران موجة غضب شعبي متصاعدة على خلفية الخسائر المالية الضخمة التي تكبدتها طهران لدعم نظام بشار الأسد عسكرياً ومالياً، واستمرار أزمة انقطاع التيار الكهربائي؛ مما أشعل الغضب في مواقع التواصل والمحطات الفضائية الإيرانية.

الإيرانيون وجهوا انتقادات حادة لحكومتهم، معتبرين أن الأموال الطائلة التي أُنفقت لدعم النظام السوري كان يمكن استخدامها لتحسين الخدمات الأساسية في البلاد، التي تعاني من بنية تحتية متدهورة وأزمات اقتصادية متفاقمة. 

وفقاً لما ورد في صحيفة “معاريف” العبرية، يمكن معرفة حجم الخسائر الإيرانية من خلال ما ذكره الباحث في برنامج إيران بمعهد “إيه إن أس أس”، بني سابتي:

  • 50 مليار دولار فقط من عام 2000 حتى الآن أنفقتها إيران في سوريا.

  • الوضع الاقتصادي صعب جداً وهذا يغضب الشعب ويحثه على التحرك.

  • هناك انقطاعات في الكهرباء والمياه والغاز مع ازدياد تلوث الهواء.

  • انقطاع الكهرباء والغاز عطل الصناعة إلى حد كبير، وزادت نسبة البطالة من 23% إلى 35%.

  •  أجرت قوات الأمن مؤخراً تدريب للتعامل مع احتجاجات جماهيرية؛ ما يدل على أن النظام يتوقع احتجاجات وثورات.

زئير إعلامي ورسائل رمزية

حول تهديدات حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري الإيراني، يرى المحلل السياسي مسار عبد المحسن راضي، الذي تحدث لـ”الخليج أونلاين” أنها توضع في ثلاث من أجهزة الطرد التحليلي قبل تخصيب سيناريو معتبر”.

في استعراضه لأول هذه الطرود، يوضح راضي: “كما هو معروف فإن التهديدات هي زئير إعلامي في الظاهر تخفي هديل تفاوضي”.

أما ثاني الطرود، يبين راضي أن “إيران تريد التأكد من أن الرجوع إلى طاولة المفاوضات النووية مع واشنطن مرَّ بضوء أخضر من تل أبيب، خاصة أن اختيار الرئيس اللبناني الجديد جوزيف عون، الحديث عن لا سلاح خارج  الدولة -أي سلاح حزب الله تحديداً- إتمام لكامل ترتيبات شكل التوازنات التي تطمح إليها القوى الإقليمية و الدولية”.

ويضيف: “من المؤكد أن جلوس نواب حزب الله بهدوء والرئيس عون يقوم بتفريغ المشجب المعنوي لحزب الله في خِطابه أمام المجلس النيابي، جاء باستخدام مايك الموافقة الإيرانية”.

أما جهاز الطرد التحليلي الثالث والأخير، بحسب راضي، فيتمثل في أن “سلامي أراد أن يُذكِّر بأن الفرس ليسوا كسوريا مثلاً في ستينيات القرن الماضي التي اعتمدت على الفدائيين الفلسطينيين كرد فعل وحيد -كان عاطفياً لا واقعياً- على ميلان ميزان القوى لصالح إسرائيل”.

ويواصل موضحاً “لهذا فإن الإشارة إلى مدينة الصواريخ التي يمتلكها الحرس هي رسالة رمزية مفادها بأننا نمتلك مثلاً ترسانة صاروخية تعادل نفوس أعداد ميليشياتنا في الدول العربية وهم لا يعدو كونهم سوى تمرة على مائدة إفطارنا العسكري”.

ويختم راضي حديثه بالقول إن “السيناريو الممكن تخصيبه، بأن تصريح سلامي رسالة لرؤية نوايا ترامب على الشاشة الإعلامية قبل استلامه البيضاوي، و تهديد قابل لأن يكون وعداً نصف صادق، لأن أول صاروخ سيكون موجهاً نحو الحاضر السوري الجديد”. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى