ترقب لسياسة ترامب مع الحوثيين.. نهج صارم أو تحييد لقوتهم
سيناريوهات متوقعة لتعامل إدارة ترامب مع جماعة الحوثي:
تكثيف الضغط العسكري بالتنسيق مع “إسرائيل”، وإشراك بعض دول المنطقة في هذا الأمر.
العمل على قطع تمويل وإمداد الجماعة للضغط عليها عبر العقوبات وإعادة التصنيف.
دعم الفصائل اليمنية للقيام بمهمة إضعاف الحوثيين وربما استعادة الأراضي من تحت سيطرتهم.
في 11 من يناير 2023، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية حملة عسكرية ضد جماعة الحوثي بالاشتراك مع دول أخرى من بينها بريطانيا، وعلى مدار 12 شهراً نفذ الجيش الأمريكي مئات الضربات جواً وبحراً على مواقع مفترضة في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة.
لكن تلك الضربات لم توقف الهجمات الصاروخية، ويبدو أنها لم تحدث تأثيراً رادعاً على قدرات الجماعة، وهذا ما تؤكده الهجمات الأخيرة سواءً على المدمرات والسفن الأمريكية، أو على الأراضي المحتلة؛ ما يعني أن استراتيجية واشنطن تجاه الجماعة لم تؤتي ثمارها.
ومع اقتراب تولي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب للسلطة، تتزايد التكهنات حول النهج الذي ستتبعه إدارته في التعاطي مع هجمات الحوثيين التي لم تتوقف.
التقييم الحالي
يعتقد الجيش الأمريكي أنه نجح في تدمير جزء كبير من قدرات جماعة الحوثي العسكرية، خصوصاً تلك المتعلقة ببرنامج الصواريخ والطائرات المسيرة، والتقنيات المرتبطة بذلك، وكذلك المخزون الصاروخي للجماعة، لكن الهجمات لم تتوقف.
وخلال الفترة من 11 يناير 2024، وحتى 8 يناير 2025، نفذ الجيش الأمريكي مئات الضربات الجوية، بعضها بالشراكة مع حلفاء خارجيين، أبرزهم بريطانيا، لكن ذلك لم يوقف الهجمات، بل استمرت في التصاعد كماً وكيفاً.
وفي الأشهر الأخيرة من العام 2024، ركزت جماعة الحوثي هجماتها على حاملات الطائرات الأمريكية، وكذا المدمرات والقطع الحربية في البحر الأحمر وخليج عدن، واعترف الجيش الأمريكي بتعرض العديد من أصوله البحرية لهجمات، آخرها في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، حيث تعرضت المدمرة “يو إس إس ستوكديل” لإطلاق نار من قبل الجماعة، وفق مسؤول دفاعي تحدث لموقع “بيزنس إنسايدر”، يوم الإثنين 6 يناير.
وأطلقت الولايات المتحدة منتصف ديسمبر 2023، تحالفاً دولياً حمل اسم “حارس الازدهار” لوقف هجمات الحوثي، وفي يناير 2024، أعادت إدارة جو بايدن تصنيف الجماعة ككيان إرهابي دولي، ثم فرضت عقوبات على العديد من قيادات الجماعة، في الوقت الذي شرعت فيه مؤخراً بضرب أهداف مختلفة للجماعة تتمثل في ضرب أماكن قيادة وسيطرة في صنعاء ومناطق أخرى.
ترامب والحوثي
ويعوّل الإسرائيليون كثيراً على إدارة ترامب في القيام بمهمة ردع الحوثيين، بالنظر إلى مواقفه الصارمة (سابقاً)، تجاه إيران والكيانات الموالية لها في المنطقة.
ولم يتحدث ترامب الذي سيتولى السلطة في 20 يناير الجاري، عن هجمات الحوثي، إلا أن التقديرات الإسرائيلية تقول إن الإدارة الأمريكية الجديدة تسعى لزيادة النشاط العسكري، بما في ذلك الضربات الجوية، لمواجهة تهديدات الجماعة المتصاعدة.
وقالت مجلة “فورين بوليستي” الأمريكية، إن على الإدارة الأمريكية القادمة استبدال الحملة العسكرية المتعثرة الحالية بحل دائم يخنق مصادر تمويل الجماعة، ومحاسبة راعيها، في إشارة لإيران.
وأضافت الصحيفة في تحليل كتبته بيث سانر النائبة السابقة لمدير المخابرات الوطنية، أن على إدارة ترامب أن تطالب الحلفاء والشركاء بالقيام بدور أكبر، في هذه الجهود وفي حماية الشحن الإقليمي، وضرورة بناء وجود بحري حقيقي متعدد الجنسيات لاعتراض خطوط إمداد الحوثيين وتقاسم عبء الدفاع عن الملاحة، وضرورة دعم الفصائل المناوئة للحوثيين في اليمن.
وأشارت إلى أنه يجب على الولايات المتحدة و”إسرائيل” أن تنسقا أي ضربات عسكرية أخرى على قدرات الجماعة، ويجب أن يكون العمل العسكري مستهدفاً بشكل دقيق تعطيل عمليات الحوثيين إلى أقصى حد، دون إلحاق الضرر بالمدنيين.
سيناريوهات
وستكون بين يدي إدارة ترامب خيارات معقدة ومتعددة إزاء التعامل مع خطر جماعة الحوثي وهجماتها المستمرة في البحر الأحمر وخليج عدن، ونقلت صحيفة “جونسون بوست” عن مسؤولين أمريكيين أن ترامب قد يتبنى سياسات أكثر صرامة تجاه الحوثيين، تشمل إعادة إدراجهم على قائمة المنظمات الإرهابية، والعمل مع الحلفاء الإقليميين لتحييد تهديداتهم.
وبين يدي إدارة ترامب المقبلة، العديد من السيناريوهات في التعامل مع جماعة الحوثي تتمثل في:
- فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية لضمان عدم وصول المال والسلاح إليها من إيران.
- توجيه ضربات جوية دقيقة لمواقع وأهداف حساسة للجماعة لتحييد قدراتها الصاروخية.
- توجيه ضربات جوية وبحرية واسعة ضد الجماعة وإشراك أطراف إقليمية في هذه الحملة.
- دعم الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً لاستعادة المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثي خصوصاً الحديدة.
نهج صارم
تنبئ تصريحات ترامب الأخيرة حول ما يحدث في الشرق الأوسط، بنهج صارم مع ما تعتبره إدارته تهديداً لمصالح الولايات المتحدة، وفقاً للعقيد عباس دهوك المستشار العسكري السابق للخارجية الأمريكية.
وأضاف العقيد دهوك في تصريحات لموقع “الخليج أونلاين”، أن “ترامب لن يتسامح مع أي تهديدات أخرى ضد سفن البحرية الأمريكية في المنطقة والهجمات شبه اليومية التي يشنها الحوثيون باستخدام الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية”.
وقال: “من المرجح أن يرد بقوة لمنع وقوع هجمات مستقبلية، وقد يتضمن أيضاً تحميل إيران المسؤولية عن أي ضرر يلحق بالعسكريين الأمريكيين، مع احتمال اتخاذ إجراء مباشر ضد إيران إذا فُقدت أرواح أمريكية بسبب الأسلحة التي زودتها بها إيران”.
ورجّح المستشار العسكري السابق للخارجية الأمريكية، أن إدارة ترامب “ستعيد جماعة الحوثي إلى قائمة وزارة الخارجية للمنظمات الإرهابية الأجنبية خلال يومه الأول في منصبه”، لافتاً إلى أن هذا سيعطي الجيش الأمريكي سلطة استهداف كبار قادة الحوثيين وقادتهم الميدانيين.
واستطرد العقيد دهوك قائلاً: “بالإضافة إلى ذلك، قد لا يتدخل ترامب في العمليات الإسرائيلية في اليمن، مما يسمح لها باستهداف البنية التحتية للحوثيين واستكمال العمليات الأمريكية”.
ولفت إلى أنه “يمكن أن يساعد هذا النهج التعاوني بين الجيش الإسرائيلي والقيادة المركزية الأمريكية في إضعاف الحوثيين وتقليل التهديد الذي يشكلونه على الأمن الإقليمي والدولي”.
تعامل براغماتي
وبخلاف ما ذهب إليه المستشار العسكري السابق للخارجية الأمريكية، يرى الخبير العسكري الدكتور علي الذهب، أن موقف ترامب تجاه الحوثيين يتوقف على المردود الذي ستجنيه إدارته من أي موقف صارم قد يتخذه تجاههم.
وأشار الذهب في تصريح لموقع “الخليج أونلاين”، إلى أن الأمر يتعلق أيضاً بالمستفيدين مما حصل لمحور المقاومة، مضيفاً: “لا شك أن مصالح هؤلاء تلتقي مع مصالح الولايات المتحدة التي تضررت بشكل آخر بآخر من دور الحوثيين، وفي نفس الوقت أيضاً مصالح إسرائيل، التي هي مرتبطة بشكل كبير بالولايات المتحدة، والغرب عموماً”.
وقال إنه “لا يجب أن يُفرط المناوئون للحوثي في التفاؤل فيما يمكن أن يقوم به ترامب ضد الجماعة”، لافتاً إلى أن ترامب “يتعامل ببراغماتية كبيرة”.
وأضاف: “أعتقد أن دروس ولايته السابقة، سيستفيد منها أكثر في الولاية الحالية، لن يقاتل ترامب أو يعنف الحوثيين دون مصلحة، ولن يتركهم بأي حال من الأحوال على النحو الذي هم فيه”.
لا استراتيجية واضحة
عبدالحكيم السادة، الخبير والباحث السياسي المقيم في واشنطن قال بدوره، إنه من المبكر الغوص في استراتيجية ترامب، كون معالمها لم تتضح بعد تجاه أي معضلة خارجية تواجه الولايات المتحدة الأمريكية بصورة نهائية، عدا عن بعض التصريحات النارية والخيالية والخالية في كثير منها من المضمون الحقيقي أو الاستراتيجي التي يطلقها الرئيس المنتخب.
وبيّن السادة في تصريح لـ”الخليج أونلاين”، أنه ليس هناك رواية أو استراتيجية واضحة تجاه أي طرف محدد بالشرق الأوسط أكثر من الرغبات والأمنيات التي تصدر من هنا وهناك.
وقال: “فريق مجلس الأمن القومي يتطلب وقتاً ليكتمل وينسجم أعضاءه، وبناء على ذلك ومن وجهة نظري البحتة أن التريث في إصدار التوقعات والتكهنات في هذه المرحلة يجب أن يكون سيد الموقف”.
ويلفت السادة إلى أن ترامب قال منذ بداية حملته الانتخابية الثانية إنه سيعمل من اليوم الأول على إيقاف الحروب “الأمريكية بالأساس” حول العالم، وهذا بالضرورة يعني أنه سيستخدم الضغوطات السياسية والاقتصادية والتهديد باستخدام القوة لإخماد الحروب.
واستطرد قائلاً: “هذا بالطبع ينطبق على المليشيات الحوثية التي لا يراها الرئيس المنتخب تهديداً حقيقياً على مصالح أمريكا والغرب بقدر ما هي ذراع مكمّل لقوة إيران بالمنطقة الممكن السيطرة عليه عن طريق السيطرة على إيران، والدليل على هذا أنه لم يخص المليشيات الحوثية بأي تصريحات مباشرة حتى الآن”.
وتوقع السادة أن يستمر ضرب الحوثيين، وكذا زيادة الضغط على إيران، مشيراً إلى أن المليشيات الحوثية “تم ويتم تجييرها لتهديد وقصقصة أجنحة السعودية ودول الخليج العربية لاستمرار السيطرة الكاملة على مقدراتها، وكذا استمرار بيع الأسلحة وزيادة الاعتماد على إسرائيل، وتفوقها التكنلوجي”.
واختتم حديثه بالقول: “هذا يعني بالضرورة الحفاظ على المليشيات بمستوى لا يهدد أمن إسرائيل، ومصالح أمريكا والغرب ولكنه كافي للتهديدات الداخلية ودول الجوار”.