كارثة صحية بغزة.. شلل الأطفال يعود ليضيف وجعاً لشعب غزة
اكتشف فيروس شلل الأطفال لأول مرة بقطاع غزة، في يوليو الماضي، بعد سحب 6 عينات من مياه الصرف الصحي جُمعت من خان يونس ودير البلح.
عاد هاجس انتشار مرض شلل الأطفال بين سكان غزة، بعد تأكيدات صحية عن تسجيل حالتين تعانيان من أعراض المرض الخطير في دير البلح وسط القطاع، وهو ما يعد مؤشراً على انتشار المرض بشكل متسارع في ظل الأجواء الباردة.
يشكل ظهور المرض من جديد في غزة رغم إطلاق منظمة الصحة العالمية حملة تطعيم ضخمة شملت كل مدن القطاع، تمت خلالها تطعيم أكثر من نصف مليون طفل أي 95% من الأطفال، خطراً مضاعفاً على حياة الغزيين.
جاء اكتشاف المرض من جديد بين أطفال غزة في الوقت الذي يواصل فيه الاحتلال الإسرائيلي عدوانه لليوم الـ451، واستمرار القتل والدمار، وانتشار الأمراض والأوبئة، وعدم قدرة المؤسسات الإغاثية على إنهاء أزمة انتشار مياه الصرف الصحي بين النازحين، وإيصال مياه نظيفة لهم.
ويعيش أكثر من مليوني شخص من سكان غزة في منطقة صغيرة، والتي زادت فيها أيضاً معدلات تركز السكان بسبب محدودية إتاحة المياه النظيفة والمأمونة وتدهور ظروف الإصحاح.
واكتشف فيروس شلل الأطفال لأول مرة بقطاع غزة، في يوليو الماضي، بعد سحب 6 عينات من مياه الصرف الصحي جُمعت من خان يونس ودير البلح.
وشلل الأطفال هو مرض شديد العدوى يسببه فيروس يهاجم الجهاز العصبي يدخل جسم الإنسان (الطفل أو البالغ) عن طريق الفم أحياناً، ويتكاثر في الأمعاء.
ويتسبب المرض في الإصابة بالشلل، وقد يؤدي أحياناً إلى الوفاة بسبب إصابة العضلات المسؤولة عن التنفس بالشلل، وقد قتل هذا الفيروس الكثير ممن أصيبوا به قبل ظهور اللقاح الخاص به.
بعد اكتشاف المرض، سارعت منظمة الصحة العالمية إلى إرسال أكثر من مليون جرعة من لقاح شلل الأطفال إلى غزة، وقدمتها للأطفال لوقايتهم، ولكن استمرار العدوان حال دون القضاء على المرض بشكل كامل.
مدير مشفى القدس التابع للهلال الأحمر في غزة، بشار مراد، حذر من الخطر الشديد الذي يهدد حياة الأطفال وكبار السن والحوامل في خيام النزوح في ظل انخفاض درجات الحرارة، إذ تم تسجيل ستة حالات وفاة لأطفال رضع، إضافة إلى طبيب استشهد في خيمة النزوح بسبب البرد الشديد.
وقال مراد في حديث لإذاعة “صوت فلسطين”، الاثنين (30 ديسمبر): إنه “تم تسجيل حالتين تعانيان من أعراض شلل الأطفال وتم أخذ العينات لفحصها”، معتبراً ذلك “مؤشراً خطيراً على انتشار المرض بشكل متسارع في ظل هذه الأجواء الباردة”.
وأشار مراد، إلى أن الاحتلال قام بنقل مولد الكهرباء من مشفى كمال عدوان إلى المشفى الإندونيسي، وحتى الآن لا يوجد أي معلومات واضحة عن كل ما يجري في شمال غزة.
يؤكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن 67% من نظام المياه والصرف الصحي في غزة، الذي كان سيئاً في أحسن الأوقات، قد تم تدميره الآن.
مدير مستشفى التحرير للنساء والولادة داخل مجمع ناصر الطبي في جنوب قطاع غزة، الطبيب أحمد الفرا، يؤكد أن فيروس شلل الأطفال عاد بعد توقف منظومة الصرف الصحي، وعدم وجود إمكانيات لإنهاء تلك الأزمة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي.
يقول الفرا في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “أسباب المرض أبرزها عدم توفر مياه نظيفة، وعدم توفر النظافة الشخصية للأفراد، وبسبب تلوث المياه الجوفية، وغياب مياه صالحة للشرب لدى مئات الآلاف من النازحين”.
ويوضح أنه سبق وتم أخذ عينات من الصرف الصحي بقطاع غزة وثبت وجود فيروس شلل الأطفال، وسجلت حالة بدير البلح بالفيروس.
ويحذر من أن أعراض مرض شلل الأطفال خطيرة جداً، حيث قد تصل إلى الوفاة، وإصابة الأطفال بشلل في أطرافه السفلية.
كذلك، سبق وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية، أن وجود الفيروس في مياه الصرف الصحي التي تتجمع وتجري بين خيام النازحين وفي أماكن وجود السكان نتيجة تدمير البنية التحتية يمثل كارثة صحية جديدة.
وأشارت الوازرة في بيان سابق لها في يوليو الماضي، إلى “الزحام الشديد مع شح المياه المتوفرة وتلوثها بمياه الصرف الصحي، وتراكم أطنان القمامة، ومنع الاحتلال لإدخال مواد النظافة، بما يشكله ذلك من بيئة مناسبة لانتشار الأوبئة المختلفة”.
وأوضحت أن رصد الفيروس “ينذر بكارثة صحية حقيقية، ويعرض آلاف السكان لخطر الإصابة بشلل الأطفال”، داعية إلى “وقف العدوان الإسرائيلي فوراً، وتوفير المياه الصالحة للاستخدام، وإصلاح خطوط الصرف الصحي، وإنهاء تكدس السكان في أماكن النزوح”.
تؤكد منظمة الصحة العالمية، أن الزحام الشديد في الملاجئ وتعطل النظام الصحي وشبكات المياه والصرف الصحي في قطاع غزة، يضيف خطراً آخر وهو الانتشار السريع للأمراض المعدية، حيث بدأت بعض الاتجاهات المقلقة في الظهور فعلاً.
توضح المنظمة في بيانات عبر موقعها الإلكتروني أن نقص الوقود أدى إلى إغلاق محطات تحلية المياه، ما زاد من خطر انتشار العدوى البكتيرية، مثل الإسهال، بسبب زيادة كبيرة مع شرب الناس للمياه الملوثة.
كما أدى نقص الوقود إلى تعطيل جميع أعمال جمع النفايات الصلبة، ما هيأ بيئة مواتية للانتشار السريع واسع النطاق للحشرات والقوارض التي يمكن أن تنقل الأمراض أو تكون وسيطاً لها.
ولا يتوفر في قطاع غزة، حسب المنظمة، استخدام مرافق النظافة الشخصية والمياه المأمونة، ما يزيد من خطر انتقال الأمراض المعدية.