غزيون يعيشون في منازلهم المهدمة.. حياة على حافة الموت
قُدرت الخسائر المالية الأولية لقطاع الإسكان، بما في ذلك البنية التحتية والطرق الإقليمية (شارع الرشيد وشارع صلاح الدين) بأكثر من 20 مليار دولار.
وجدت عائلة “البردويل” نفسها مضطرة للعيش في غرفة آيلة للسقوط بعد قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي لمنزلها خلال فترة نزوحها من مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة إلى رفح في شهر ديسمبر الماضي.
عادت العائلة إلى منزلها في مايو الماضي، ووجد المنزل قد تم قصفه وبقت لهم غرفة واحدة لا يمكن العيش بها كونها تشكل خطر على من سيعيش تحت سقفها، ولكنها اتخذت القرار وأكملت حياتها بها.
أغلق أبناء العائلة المكونة من 8 أفراد الغرفة بشوادر البلاستيك ووضعوا لها باباً، وأصبحت مكاناً لعيشهم بعد أن كان بيتهم تقدر مساحته بـ185 متراً.
يؤكد رب الأسرة محمد البردويل، أن حجارة سقف الغرفة تسقط عليهم عند حدوث غارات إسرائيلية قريبة منهم في خان يونس، بسبب هشاشة سقفها، إضافة إلى تعرضها لاهتزازات مخيفة.
يقول البردويل لمراسل “الخليج أونلاين” في قطاع غزة: “لم أجد أي خيار إلا إجراء ترميم مؤقت للغرفة التي بقت بعد قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي لمنزلي، والعيش في الخيمة هو كابوس جحيم، وعشت هذه التجربة خلال النزوح في رفح وأعرف ماذا ينتظرني في حالة كررت هذه الحالة في خان يونس”.
يواجه أبناء البردويل صعوبة في الخروج والدخول لغرفتهم شبه المدمرة، لوجود كميات كبيرة من الركام أمامها، وعدم قدرتهم على إزالتها لعدم توفر شاحنات ثقيلة في قطاع غزة يمكن لها التخفيف عنهم في إعادة الإعمار.
أظهرت إحصائيات وزارة الإشغال والإسكان الفلسطينية، تدمير جيش الاحتلال 70% من قطاع الإسكان في غزة، حيث تم تدمير 170 ألف وحدة سكنية بشكل كلي و80 ألف بشكل جزئي بالغ، بينما بلغ عدد الوحدات السكنية المدمرة جزئياً ولكنها صالحة للسكن نحو 200 ألف.
وأكدت الوزارة في بيان لها، أن عدد الوحدات السكنية التي دمّرها الاحتلال الإسرائيلي، خلال عام وشهرين، بلغ أكثر من ربع مليون وحدة سكنية، صُنّفت ما بين هدم كلّي، وجزئي غير صالح للسكن، وآخر جزئي صالح للسكن.
قدرت الوزارة الخسائر المالية الأولية لقطاع الإسكان، بما في ذلك البنية التحتية والطرق الإقليمية (شارع الرشيد وشارع صلاح الدين) بأكثر من 20 مليار دولار.
وبينت الوزارة أن أرقامها تبقى أولية وقابلة للتحديث بسبب عدم قدرة الطواقم الفنية على معاينة بعض الأحياء والمربعات السكنية لصعوبة الوصول إليها، في ظل استمرار حرب الإبادة على معظم المناطق في قطاع غزة، فيما ثمّة مناطق أخرى لم يَعُد ممكناً الوصول إليها بعدما أقام عليها جيش العدو قواعده العسكرية.
عمد الاحتلال إلى نسف مربعات وأحياء سكنية بأكملها لطرد السكان الفلسطينيين من أماكن سكنهم، ولإجبارهم على عدم العودة إليها، فضلاً عن تقطيع أوصال القطاع عبر تدمير أكثر من 80% من الطرق والشوارع الرابطة بين المحافظات والمدن والأحياء المختلفة.
ويوجد لدا الوزارة تصور يشتمل على مرحلة الإنعاش وإغاثة المواطنين بمساكن معيارية مؤقتة، يتم تركيبها في مناطق وأراضي واسعة لاستيعاب أصحاب البيوت المتضررة بشكل كلي والبيوت غير الصالحة للسكن، على أن تلي ذلك مرحلة التعافي والبدء بإعادة الإعمار.
في منازل مدمر بشبه كامل، أزال الخمسيني أحمد أبو موسى كميات كبيرة من ركام منزله الذي قصفه جيش الاحتلال الإسرائيلي وأنشأ غرفة صغيرة من حجارته، وعاش بها برفقة زوجته وأطفاله الثلاثة.
يتحدث أبو موسى لمراسل “الخليج أونلاين” قائلاً: “الخيارات محدودة جداً، والطقس برد، وقررت عدم العيش في خيمة، وجمعت حجارة منزلي المدمر وبنيت غرفة من الطين وأعيش الآن بها أنا وكل العائلة”.
يوقن أبو موسى أن حياته وأفراد عائلته بخطر وفي أي وقت قد تنهار عليهم الغرفة المؤقتة، ولكنهم اتخذوا قرارهم للعيش في غرفة مهددة لعدم قدرتهم تحمل عيش الخيام والنزوح مرة أخرى بعد رحلة النزوح في رفح.
في منزل مجاور للحي الذي يسكن فيه أبو موسى، عاشت أيضاً عائلة الحناوي تحت سقف منزلها المدمر، ووضعه الشوادر البلاستيكية على الجوانب من أجل إغلاق جزء منه من البرد ودخول الكلاب والقطط.
يقول رب المنزل، إبراهيم الحناوي: “في كل يوم انظر إلى سقف المنزل المدمر وأنا أعيش تحته، وأقول سينهار علينا في حالة سقط أي صاروخ قريب منها، أو سيسقط جراء تصدعه لأن الأعمدة الخرسانية منهارة من الأساس”.
يضيف الحناوي لـ”الخليج أونلاين”: “في ذات المرات سقطت حجارة من سقف المنزل على ابنتي واصيبت بجروح في رأسها أدت إلى نومها في المستشفى لمدة أسبوع كامل، ونصحنا الأطباء بالخروج من هذه المنزل المدمر وإيجاد بديل، ولكن لا يوجد خيار آخر إلا البقاء به إلى حين انتهاء الحرب”.
يستذكر الحناوي منزله المكون من طابقين، و”حالة الرفاهية” التي كان يعيش بها برفقة عائلته، وكيف وصل به الحال بفعل الدمار الإسرائيلي، وإجباره على العيش تحت سقف مدمر ومهدد بالموت في أي لحظة.