مع زخم الحديث عن هدنة.. الاحتلال يزداد وحشية ودموية في غزة
على عكس ما يروج له الاحتلال حول قرب التوقيع على اتفاق هدنة، يكثف غاراته في مناطق واسعة من القطاع
في الوقت الذي يتزايد فيه الحديث حول قرب الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وإبرام صفقة تبادل للأسرى بين حركة “حماس”، وحكومة بنيامين نتنياهو الإسرائيلية المتطرفة، يكثف جيش الاحتلال مجازره ضد المدنيين في القطاع خلال الأيام الأخيرة، إضافة إلى استمرار هجومه على مستشفى كمال عدوان شمالاً.
ارتكب جيش الاحتلال خلال الـ24 ساعة الأخيرة وحدها 4 مجازر بحق المدنيين في مناطق مختلفة من قطاع غزة وصل إلى منها للمستشفيات 32 شهيداً و54 إصابة، كان أكثر تلك المجازر دموية القصف الإسرائيلي لخيام النازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس.
فقد قتل جيش الاحتلال في منطقة المواصي التي صنفها “آمنة” 11 مدنياً فلسطينياً كانوا نائمين في خيامهم من خلال قصفهم بصواريخ حرقت أجسادهم، ومزقت الباقين، وجميعهم وصلوا إلى مجمع ناصر الطبي في خان يونس جثثاً متفحمة وأشلاء.
يأتي ذلك تزامناً مع إعلان نتنياهو يوم الاثنين (23 ديسمبر)، عن تقدم بشأن الصفقة بين “إسرائيل” وحركة “حماس” بخصوص وقف إطلاق النار، والإفراج عن الأسرى، مضيفاً: “لست متأكداً من الوقت الذي نحتاجه من أجل إتمام صفقة التبادل”.
يصف النازح، محمد الشاعر، قصف الخيام بأنها “تشبه الجحيم من شدة النيرات التي اشتعلت في النازحين والشهداء بعد قصفهم بأكثر من صاروخ من قبل طائرات الاحتلال”.
بصوت خافت يقول الشاعر في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “وقعت الانفجارات عند الساعة العاشرة من مساء الأحد وسط خيام النازحين في المواصي التي يتواجد بها مئات الآلاف من البشر، ثم اشتعلت النيران، وهرع الناس لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وإطفاء النار التي دبت بالأجساد”.
يضيف الشاعر: “استخدمنا الرمل لإطفاء النار في الخيام والشهداء والجرحى، لعدم وجود المياه الكافية، وغياب جهاز الدفاع المدني لأن المكان بعيد عن قلب مدينة خان يونس، وهناك مخاطر كبيرة عليهم من قبل طائرات الاحتلال في حالة تحركوا في الليل”.
وصلت جثامين الشهداء إلى مجمع ناصر الطبي، ممزقة ومتفحمة، ووضعت في أكياس بلاستيكية مغلقة، ودفن الأهالي أبنائهم في صباح الاثنين (23 ديسمبر)، عند ساعات الصباح الأولى، دون أن يحصلوا على قبلة الوداع لأحبابهم لعدم وجود ملامح لجثثهم.
في رفح، أقصى جنوب قطاع غزة التي تتعرض لهجوم إسرائيلي منذ مايو الماضي، صعّد جيش الاحتلال من نسف المنازل السكنية في حي الجنينة شرق المدينة بالتزامن مع قصف مدفعي مكثف أيضاً.
إلى جانب منطقة المواصي، ارتكب جيش الاحتلال مجزرة مروعة أخرى في النصيرات وسط القطاع، وقتل 13 مدنياً من خلال قصف مدفعي استهدف منازل السكان في تلك المنطقة القريبة من محور “نيتساريم”.
حول ما حدث في النصيرات، يقول الحاج الستيني، أحمد عوض: “دب الأمل في قلوبنا حين سمعنا الأخبار التي تتحدث عن قرب التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء هذا الكابوس، ولكن الاحتلال أمطرنا بقذائف المدفعية وقتل الكثير من الجيران”.
يوضح عوض في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن مظاهر قرب انتهاء الحرب غير موجودة ولا يوجد أي مؤشر يدلل على صحة ذلك، خاصة أن الاحتلال ازداد وحشية ودموية في الأيام الأخيرة، وأصبح يقتل الناس بالعشرات
يبين أن الاحتلال يتعمد قتل أكثر عدد ممكن من المدنيين خلال قصفه العشوائي على منازلهم في النصيرات وسط القطاع، وإيذاء الأشجار، وتدمير البنية التحتية قدر الإمكان.
مع تواصل ارتكاب المجازر في مناطق مختلفة من قطاع غزة، يواصل جيش الاحتلال هجومه على مستشفى كمال عدوان في جباليا شمالاً.
مدير مستشفى كمال عدوان، الطبيب حسام أبو صفية، أكد أن “دبابات جيش الاحتلال والجرافات من البوابة الغربية للمستشفى، وضعتنا تحت نيران كثيفة موجهة نحو المستشفى وأقسامه”.
وقال أبو صفية في تصريح مكتوب وصل “الخليج أونلاين” نسخة منه: “اخترقت الرصاصات وحدة العناية المركزة، وقسم الولادة، وقسم الجراحة المتخصصة، ولحسن الحظ، كنا قد أخلينا المرضى إلى ممرات المستشفى، لكن بعض الرصاصات انفجرت داخل الأقسام، مما خلق حالة من الخوف والذعر بين المرضى”.
وبين أنه تم استهداف أحد مولدات تشغيل الكهرباء داخل المستشفى، مما أدى إلى إخراجه تماماً عن الخدمة بسبب الحريق، كما كانت هناك محاولات لاستهداف خزان الوقود، لكن لحسن الحظ، لم ينفجر.
وأوضح أن المستشفى يتواجد به 91 مريضاً، بما في ذلك الكبار في السن والأطفال والنساء، ولا تزال الطواقم الطبية تقدم الحد الأدنى من الخدمات.
وأشار إلى أن الطواقم الطبية تواجه تهديداً مستمراً يومياً، والقصف مستمر من جميع الاتجاهات، مما يؤثر على المبنى والأقسام والموظفين، وهذه حالة خطيرة للغاية ومرعبة، حيث تتعرض المستشفى للاستهداف بنية القتل والتهجير القسري.
وأردف بالقول: “لم يتوقف القصف طوال الليل، حيث تم تدمير المنازل والمباني المحيطة. منذ صباح اليوم، تم استهداف المستشفى بقنابل في ساحاته وعلى سطحه، ألقتها الطائرات المسيرة، مما يهدد مرة أخرى إمداداتنا من الوقود والأكسجين، والحالة خطيرة للغاية وتحتاج إلى تدخل دولي عاجل قبل فوات الأوان”.