الاخبار

هل تنجح السلطة الفلسطينية بالقضاء على المقاومة في مخيم جنين؟

قتلت السلطة خلال حملتها أحد قادة عناصر الكتيبة وطفلين، ما ترك حالة من الغليان بين صفوف الفلسطينيين

لا يزال مخيم جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، يشهد اشتباكات متواصلة بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية ومقاومين تابعين لفصائل مسلحة، وسط اتهامات لقيادة السلطة بأن حملتها تهدف للقضاء على المقاومة في الضفة.

بدأت الاشتباكات بين الطرفين عقب اعتقال أجهزة السلطة الفلسطينية أحد أفراد كتيبة جنين التابعة لحركة “الجهاد الإسلامي، وهي القوة الأبرز في المخيم، ومصادرة مبلغ من المال تابع لإحدى عائلات الشهداء، فيما يستمر حصار المخيم لليوم الـ14 على التوالي.

تطورت الأحداث بعد رفض أجهزة الأمن الفلسطينية إطلاق سراح المعتقل وإعادة الأموال المصادرة، ما دفع مسلحو الكتيبة إلى مهاجمة مقرات السلطة ومصادرة مركبتين حكوميتين، لتقوم السلطة بعدها بشن حملة ضد المخيم.

وقتلت السلطة خلال حملتها أحد قادة عناصر الكتيبة وطفلين، ما ترك حالة من الغليان بين صفوف الفلسطينيين الذين وجهوا اتهامات لها بأن حملتها هدفها القضاء على المقاومة.

الناطق الرسمي لقوى الأمن الفلسطيني العميد أنور رجب، أكد هذا الأسبوع أن الأجهزة الأمنية في جنين “حققت نجاحات كبيرة، خلال جهود حفظ النظام التي بدأتها ضد الخارجين على القانون في المدنية والمخيم”.

وقال رجب في تصريح لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا”: “نجح عناصر الأجهزة الأمنية في إعطاب عشرات العبوات المفخخة التي كان يزرعها خارجون على القانون في شوارع مدينة جنين، إضافة لنجاحهم في اعتقال عدد آخر، والسيطرة على مركبة مفخخة حاول بعض المسلحين الخارجين على القانون إخراجها من المخيم باتجاه المدينة لتفجيرها، في محاولة منهم لإيقاع إصابات في صفوف أفراد الأجهزة الأمنية”.

وأضاف: “لا تزال تستخدم مستشفى جنين الحكومي، لإطلاق النار وإلقاء القنابل اليدوية على أجهزة الأمن، وتفاجأنا بكمية ونوعية الأسلحة التي تستخدمها هذه المجموعات، خاصة أننا كأجهزة أمن فلسطيني لا نمتلك مثل هذه الأسلحة الرشاشة”.

وتابع: “هذه المجموعات لا تمثل الوطن، وهي تعمل بشكل غير وطني وخارج أخلاقنا ونضالنا التاريخي والوطني، وتقف خلفها قوى تهدف لزعزعة الاستقرار الفلسطيني والسلم الأهلي، وفئات تستثمر فيها لضرب سيادة القانون والامن الفلسطيني ككل، ويدركون طبيعة من يشغلهم، ومن هم وكيف يشغلونهم في هذا الاتجاه”.

في المقابل، أكد الناطق باسم “كتيبة جنين” التابعة لـ”سرايا القدس” -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي–، أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية تريد جنين ومخيمها شمالي الضفة الغربية المحتلة من دون سلاح مقاومة.

وقال الناطق باسم الكتيبة في تصريح لقناة “الجزيرة”: “بوصلة المقاتلين واضحة وهي ضد الاحتلال فقط”، وأنهم تبنوا المقاومة عن الضفة كاملة.

وأضاف: “لن يستطيع أحد نزع سلاح المقاومة في جنين سوى رب العالمين”، مشدداً على وقوف المقاتلين مع القانون وفرضه، لكنه تساءل في الوقت نفسه قائلاً: “أين القانون أثناء اقتحامات جيش الاحتلال لمدن الضفة الغربية وقراها؟!”.

حركة “الجهاد الإسلامي” وعلى لسان نائب أمينها العام محمد الهندي، أكدت أنها معنية بـ”وضع حد لما يحدث في جنين والحفاظ على الدم الفلسطيني، وأن ما يجري غير معقول ونرفض استهداف المقاومة”.

وأوضح في تصريح له، الاثنين 16 ديسمبر: “ليس هناك أي مبرر للاعتداء على أبناء مخيم جنين الذين يدافعون عن مخيمهم ضد العدو الصهيوني، وأن المفروض أن ينسحب من جاء من خارج مخيم جنين ثم يبدأ التفاهم، وندعو لتدخل العقلاء لوقف ما يحدث، وأن الحديث عن وجود خارجين عن القانون مسألة لا تقنع أحداً”.

ويبيّن أن “تطورات جنين تأتي في ظل حرب الإبادة (الإسرائيلية) ضد شعبنا، وأن اعتداءات الاحتلال لم تتوقف منذ 7 أكتوبر 2023 والأمر يحتاج لموقف وتكاتف الجميع”.

كما أكدت حركة “حماس” أن استمرار العملية الأمنية لأجهزة السلطة في مخيم جنين “جريمة مكتملة الأركان وتتطلب مواصلة النفير لكسر الحصار وحماية المقاومين”.

وفي وقت لاحق، أكد القائد العام لكتيبة جنين لـ”الجزيرة”: “أرسلنا للأجهزة الأمنية شخصيات للحل، لكنهم ردوا بعنجهية”، مضيفاً أن “أجهزة الأمن طلبت نزع السلاح، وقالت إنها لن تسمح بقتال إسرائيل”.

الكاتب والمحلل السياسي، محمود حلمي، يرى أن حملة السلطة في جنين هدفها هو سلاح المقاومة هناك، وتقديم الرئيس الفلسطيني محمود عباس “أوراق اعتماده” إلى الرئيس الأمريكي القادم دونالد ترامب، وبوادر حسن نية.

يقول حلمي في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “تريد السلطة من حملتها القول إنها ضد أي مقاومة في الضفة الغربية ولن تسمح بتكرار سيناريو قطاع غزة ضد جيش الاحتلال، وستقاتل بنفسها الفصائل نيابة عن (إسرائيل)”.

يوضح حلمي أن الأمور الميدانية في مخيم جنين لم تجري كما خططت لها، حيث قتلت طفلين، وشاب آخر، وهو ما آثار غضب أهالي الضفة بشكل عام، ودفع السلطة للتراجع عن مهاجمة المخيم بشكل كامل.

يشير حلمي إلى أن السلطة تنسق أمنياً مع “إسرائيل” بشكل كبير وربما جاءت عمليتها تجاه جنين ضمن هذه التنسيق، خاصة أن المخيم يشكل إزعاجاً كبيراً لدولة الاحتلال، ولها تاريخ طويلة من مواجهته.

يستبعد المحلل السياسي أن تنجح السلطة في القضاء على المقاومة في مخيم جنين بسبب تكاثف المقاومين هناك، وانضمام عدد من أبناء الأجهزة الأمنية لهم.

فخلال حملة السلطة، أعلن ضابط في جهاز الأمن الوطني الفلسطيني، براءته من سلوكيات الأجهزة الأمنية في مخيم جنين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى