الاخبار

“محمد الشارخ”.. قصة الرجل الذي عرّب الحواسيب

– ما أبرز إنجازات الفقيد محمد الشارخ؟

  • إدخال اللغة العربية إلى الكمبيوتر.
  • ترجمة القرآن الكريم وكتب الحديث التسعة.
  • تطوير برامج الترجمة وإتاحتها على شبكة الانترنت.
  • تأسيس شركة صخر للبرمجيات.
  • اختراع برنامج التعرف الضوئي والصوتي للأحرف العربية.
  • إنشاء إرشيف إسلامي ومعجم الشارخ اللغوي الإلكتروني.

يوم الأربعاء 6 مارس 2024، طوى الأجل صفحة واحد من الشخصيات المؤثرة في حياة الناطقين باللغة العربية، رجل الأعمال الكويتي محمد الشارخ، عن عمر ناهز الـ82 عاماً.

وفي اليوم العالمي للغة العربية، الذي يصادف 18 ديسمبر، والذي يأتي وسط سباق تكنولوجي، يستذكر العرب مسيرة الشارخ والكثير من الإنجازات التي قدمها، أبرها تلك المتعلقة بإخضاع التكنولوجيا لخدمة اللغة العربية، فقد كان الأول في هذا المجال، والأكثر تأثيراً وخلوداً أيضاً.

فإلى الشارخ يُنسب الفضل في إدخال اللغة العربية إلى الحواسيب خلال ثمانينيات القرن الماضي، عبر شركة صخر لبرامج الحاسوب الآلي، وهي الشركة التي لها الفضل في إنتاج العديد من البرامج والاختراعات التي جعلت اللغة العربية مقروءة ومسموعة ومكتوبة في عالم الحواسيب.

بدايات الفقيد

ولد محمد الشارخ في الكويت عام 1942، وخلال حياته كان هناك مجداً وتاريخاً حافلاً بالكثير من الإنجازات.

حصل الشارخ على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة عام 1956، والماجستير من كلية وليامز الأمريكية عام 1968، وبعدها تنقل في عدة مناصب، أبرزها “نائب مدير الصندوق الكويتي للتنمية، وعضو مجلس إدارة البنك الدولي في واشنطن”، كما ساهم في تأسيس بنك الكويت الصناعي، وكذلك الشركة العالمية للإلكترونيات في الكويت والسعودية.

قال عنه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت في بيان النعي إن الشارخ “يعد من أبرز رجال الأعمال الوطنيين الذين أسهموا بشكل كبير وملحوظ في دعم الثقافة وحماية اللغة العربية من موجات التغريب، وكان له الفضل في إدخال اللغة العربية إلى الحواسيب للمرة الأولى في التاريخ، في حقبة الثمانينيات”.

لكن تحوله الأهم، كان بتأسيس شركة صخر لبرامج الحاسوب الآلي، عام 1982، والتي أصبحت من أشهر الشركات الإلكترونية في المنطقة، وخلال الغزو العراقي للكويت اضطر الشارخ لنقل مقرها من الكويت إلى القاهرة، وحينها توقفت الشركة عن برامج إنتاج الأجهزة، واكتفت بالذراع البرمجي للمؤسسة.

حاسوب “صخر”

بدأ الشارخ في الاستثمار في برامج ألعاب الأطفال “الأتاري”، ولاحقاً اتجه لإصدار برامج أطفال على الكمبيوتر تحت مسمى “صخر إم إس إكس”، وهو البرنامج الذي لاقى نجاحاً مهماً، ما دفعه لتطوير المشروع تحت مسمى “صخر بي سي”.

تطور الأمر عام 1982، بإطلاق شركة صخر لبرامج الحاسوب، وحينها استعان بالعالم المصري نبيل علي لوضع أسس اللغة العربية وقواعدها لتمكينها في الحواسيب، وفعلاً استطاع من خلال الشركة إدخال اللغة العربية إلى الحواسيب، ليصبح “صخر” أول حاسوب عربي.

توسع الأمر، وأدخلت شركة صخر، برامج الترجمة إلى الحاسوب، وتركزت على القرآن الكريم وكتب الحديث التسعة، والتي جرى إدخالها باللغة الإنجليزية للكمبيوتر بعد ترجمتها عام 1985.

وخلال سنوات التسعينات ومطلع الألفية الجديدة، ساهمت شركة صخر، في تطوير العديد من البرامج الإلكترونية، منها برامج التعرف الضوئي على الحروب العربية، عام 1994، وكذلك برنامج نطق الحروف العربية عام 1998، والترجمة من وإلى اللغة العربية عام 2002، وترجمة التخاطب الآلي عام 2010.

وحصلت الشركة على ثلاث براءات اختراع من مكتب الولايات المتحدة لبراءات الاختراع، على برامج “التعرف الضوئي على الحرب “أو سي آر”، والترجمة الآلية من العربية للإنجليزية والنطق العربي.

إنجازات أخرى

الخدمات التي قدمها الفقيد محمد الشارخ في مجال الثقافة العربية والفكر كثيرة، منها على سبيل المثال تدشين مشروع كتاب في جريدة عام 1997، بالتعاون مع اليونسكو، وكذلك إنشاء المعجم العربي المعاصر عام 2019، والذي تم توفيره على الإنترنت مجاناً.

ويحتوي المعجم على 125 ألف معنى وتركيب، وقاعدة بيانات للمترادفات والمتضادات بلغت 35 ألف مترادف ومتضاد، كما يضم الموقع 3 من أشهر المعاجم التراثية، “القاموس المحيط، وتاج العروس، ولسان العرب”.

إضافة إلى تطوير “برامج تعليمية وتثقيفية عديدة، وتعليم البرمجة، ونشر كتب تعليم الحاسوب وتدريب المدرسين، وتأسيس معاهد تعليم برمجة الحاسب”.

وأنشأ الفقيد الشارخ “أرشيفاً للمجلات الثقافية والأدبية والتي تمثل ذاكرة للثقافة العربية، ويحوي ذلك الأرشيف على 13 ألف عدد من المجلات التي صدرت منذ أواخر القرن التاسع عشر حتى عام 2010”.

كما أنشأ الشارخ، مراكز للتدريب في عدة دول عربية، مختلفة، وساهم في تمويل “مركز دراسات الوحدة العربية والمنظمة العربية للترجمة”، كما يعتبر أحد المساهمين في تأسيس معهد العالم العربي بباريس، وفقاً لبيان المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

والفقيد  أيضاً أديب وكاتب، وفي عام 1968 نشر أول قصة كتبها بعنوان “قيس وليلى”، كما أنتج 3 مجموعات قصصية، عبارة عن 10 قصص تم نشرها خلال الفترة بين 2006، بينما نشرت مجموعة “الساحة” عام 2012، و”أسرار” عام 2017، وفي عام 2018، نُشرت له رواية “العائلة”.

معجم الشارخ

ولعل من أهم الإنجازات أيضاً “معجم الشارخ”، والذي أصبح متاحاً على شبكة الانترنت مجاناً، عنه قال إنه “رأى ضرورة العمل على معجم حديث للغة العربية بعد أن توقف العرب عن استخدام المعاجم القديمة لصعوبة استخدامها”.

ويستخدم المعجم، وفقاً لوكالة الأنباء الكويتية “كونا”، ” تقنية حديثة في الصناعة البرمجية هي تقنية (كوبويلد دكشنري) التي طورتها جامعة برمنغهام منتصف القرن الماضي”.

وقال الفقيد عن المعجم: “بنينا ذخيرة لغوية تشمل 50 مليون كلمة من الكتابة العربية منذ بداية القرن العشرين ومكنزة مرمزة من سبعة ملايين مفردة”.

وخلال مسيرته حصل الراحل على العديد من الجوائز والتكريمات، أبرزها جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام، في عام 2021، وجائزة الدولة التقديرية لعام 2018 من الكويت.

رحيل الشارح مثل خسارة كبيرة للكويت والمنطقة العربية، فالرجل من القلائل الذين ربطوا شغفهم بخدمة اللغة العربية، لغة الإسلام، وساهم بشكل كبير في إيجاد موضع قدم للعربية، وللقرآن والسنة النبوية في عالم الحوسبة والتكنلوجيا والانترنت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى