هل تسعى “إسرائيل” لتقويض الحكم الجديد في سوريا؟
كم عدد الضربات التي شنها الاحتلال على سوريا؟
480 ضربة.
ما تبرير “إسرائيل” لتوسيع سيطرتها في الجولان؟
“منع تسلل الفصائل المسلحة إلى المنطقة”.
مع سقوط نظام الأسد وتحولات السلطة في سوريا، بدأت “إسرائيل” بتنفيذ استراتيجية تستهدف إضعاف النظام الجديد وتقويض بنيته السياسية والعسكرية، مما يثير تساؤلات حول مستقبل البلاد والجولان المحتل.
وبمجرد سقوط نظام الأسد، شن الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات جوية واسعة النطاق، على مواقع عسكرية استراتيجية في أنحاء سوريا.
كما سيطرت قوات برية إسرائيلية على المنطقة العازلة، التي أُقيمت منذ عام 1974 بين مرتفعات الجولان وبقية الأراضي السورية، وهي خطوة غير مسبوقة.
480 ضربة
وعقب حرب أكتوبر – تشرين 1973 وقعت سوريا “اتفاقية فض الاشتباك” مع “إسرائيل” في 31 مايو 1974، برعاية دولية شملت الولايات المتحدة، الأمم المتحدة، والاتحاد السوفييتي آنذاك.
وتضمنت الاتفاقية إنشاء منطقة عازلة تُشرف عليها قوات حفظ السلام الدولية، إلى جانب منطقتين على جانبيها بترتيبات عسكرية محدودة لكل من الطرفين، لضمان تقليل التوتر وتعزيز الاستقرار الأمني على الحدود.
لكن الاتفاقية الموقعة التي كانت تهدف إلى تجميد النزاع العسكري في مرتفعات الجولان المحتلة أصبحت بلا فعالية في ظل الأوضاع الراهنة، فبعد ساعات من سقوط الأسد في 8 ديسمبر الجاري، أعلنت “إسرائيل” انسحابها منها واحتلال منطقة جبل الشيخ السورية والمنطقة العازلة.
وبررت “إسرائيل” هذه الخطوات بأنها لـ”منع تسلل الفصائل المسلحة إلى المنطقة، وأيضاً لحماية الإسرائيليين في هضبة الجولان”، زاعمة أن هذا التحرك “مؤقت” لحين استقرار الأوضاع الأمنية على طول الحدود.
من جانبها، وصفت الأمم المتحدة الممارسات الإسرائيلية بأنها “انتهاك” لاتفاق “فض الاشتباك” منوهة إلى أن “دمشق تمر بنقطة انعطاف، ولا يجوز لجيرانها استغلالها لانتهاك الحدود السورية”.
كما أعلن الجيش الإسرائيلي، في 10 ديسمبر الجاري، عن تنفيذ نحو 480 ضربة جوية منذ سقوط الأسد في 8 ديسمبر، مستهدفاً مخازن أسلحة استراتيجية ومنشآت عسكرية في دمشق، حمص، طرطوس، واللاذقية، بالإضافة إلى مناطق أخرى.
ومن بين هذه الهجمات، شُنت حوالي 350 غارة باستخدام طائرات مأهولة، بينما دعمت باقي الضربات العمليات البرية الموجهة ضد مواقع إطلاق النار ومنصات الأسلحة.
وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصدر أمني: “دمرنا طائرات وسفنا حربية ومنشآت استراتيجية بسوريا لمنع وصول المعارضة لها”.
كما أضافت أن جيشها دمر مقدرات الجيش السوري بما وصفتها “أكبر عملية جوية في تاريخها”.
بدوره، أكد وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس، أن البحرية الإسرائيلية دمرت الأسطول السوري البحري، واصفاً العملية بأنها “نجاح كبير”.
وكشفت قناة “12” العبرية أن الجيش الإسرائيلي دمر ما يصل إلى 80% من الإمكانات العسكرية السورية، في العملية التي أطلق عليها اسم “سهم فاسان” نسبة إلى الإسم التاريخي للمنطقة في جنوب غرب سوريا.
وفي السياق ذاته، صرح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن انهيار النظام السوري يمثل “فصلاً جديداً” في تاريخ المنطقة، مشيراً إلى أن ذلك “جاء نتيجة مباشرة للسياسة الإسرائيلية الصارمة ضد المحور الإيراني وحلفائه”.
سلوك عدائي
من جانبها دعت الحكومة السورية المؤقتة، السبت 14 ديسمبر، مجلس الأمن الدولي إلى التحرك لإجبار “إسرائيل” على الوقف الفوري لهجماتها على الأراضي السورية، والانسحاب من المناطق التي توغلت فيها في جنوب غربي البلاد.
وذكرت وكالة “أسوشييتد برس” أنها حصلت على رسالتين متطابقتين وجهتهما الحكومة السورية المؤقتة إلى مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
وقال سفير سوريا لدى الأمم المتحدة قصي الضحاك في الرسالتين: “في الوقت الذي تشهد فيه الجمهورية العربية السورية مرحلة جديدة من تاريخها، يتطلع فيها شعبها إلى إقامة دولة حرية ومساواة وسيادة القانون وتحقيق آماله في الرخاء والاستقرار، توغل جيش الاحتلال الإسرائيلي في مناطق إضافية من الأراضي السورية في جبل الشيخ ومحافظة القنيطرة”.
كما أعرب الضحاك عن إدانة سوريا “بأشد العبارات للعدوان الإسرائيلي، الذي يمثل انتهاكاً فظيعاً لاتفاق فض الاشتباك عام 1974”.
ويقول الأمين العام للحركة الوطنية السورية د. زكريا ملاحفجي، إن “أهداف إسرائيل منذ سنوات كانت مع بقاء الأسد في الحكم بسوريا، لكنها اليوم هي في جبهة دولية بحرب مع إيران والميليشيات الموالية لها في المنطقة”.
ويضيف لـ”الخليج أونلاين” أن “إسرائيل تنظر إلى سوريا بأنه ينبغي أن تكون منزوعة من السلاح الاستراتيجي، حيث أنها تدمر أماكن الأسلحة الاستراتيجية، من خلال عشرات الاستهدافات التي شنتها خلال الأيام الأخيرة، فضلاً عن توغلها في المنطقة العازلة، وهذا أمر خطير”.
كما يبيّن ملاحفجي أنه “إذا كانت إسرائيل تتطلع إلى جوار آمن فلا يمكن أن يكون بهذا السلوك، إذ أن الشعب السوري اليوم لا يفكر بقتال إسرائيل، ولا قتال طرف آخر”.
ويلفت إلى أن “ما تفعله إسرائيل يؤكد بأن تل أبيب تريد أن تكون سوريا منزوعة السلاح، ودولة ضعيفة، لتسيطر هي على المنطقة العازلة وما بعدها” لافتاً إلى أن “هناك موافقة دولية لهذا السلوك”.
وعبر ملاحفجي عن أسفه لأن معظم الدول لم تستنكر ما قامت به “إسرائيل” خلال الأيام الأخيرة في سوريا، مشيراً إلى أن “السوريين يأملون بأن يكون هناك مواقف عربية، لاسيما بعد طي صفحة الأسد”.