قطاع الزراعة والأسماك العُماني.. دور بارز في تعزيز الأمن الغذائي
كم مساهمة القطاع الزراعي والثروة السمكية بالناتج المحلي؟
2.16 مليار دولار أمريكي في 2023.
ما عدد العُمانيين العاملين في القطاع الزراعي والثروة السمكية؟
أكثر من 60 ألف شخصاً.
يعتبر قطاع الزراعة والثروة السمكية في سلطنة عمان من الركائز الحيوية لدعم الاقتصاد الوطني وتحقيق الأمن الغذائي.
وفي ظل التحديات العالمية المتزايدة المتعلقة بتأمين الغذاء، تتبنى السلطنة رؤية شاملة ترتكز على تعزيز إنتاج المحاصيل الزراعية وتوسيع نطاق الاستزراع السمكي.
وتأتي هذه الجهود ضمن إطار رؤية عمان 2040 التي تهدف إلى تحقيق استدامة الموارد الطبيعية، وتطوير البنية التحتية الزراعية والسمكية، وتحفيز الاستثمار الخاص في هذه القطاعات الحيوية.
نمو وتطور يتوسع
شهدت سلطنة عُمان نمواً ملحوظاً في مساهمة قطاع الزراعة والحراجة وصيد الأسماك في الناتج المحلي الإجمالي، إذ بلغ إجمالي مساهمته 1.17 مليار دولار في النصف الأول من العام الجاري، بزيادة قدرها 6.6% مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي.
وتوزعت المساهمة، بحسب صحيفة “عمان اليوم”، بين 797.7 مليون دولار من أنشطة الزراعة والحراجة (بنمو 4.2%) و374.15 مليون دولار من أنشطة صيد الأسماك (بنمو 12.1%).
وفي عام 2023، وصلت مساهمة هذا القطاع إلى 2.16 مليار دولار، مدعومة بالتوسع في الإنتاج الزراعي الذي ارتفعت قيمته المضافة من 1.02 مليار دولار في 2021 إلى 1.36 مليار دولار في 2023.
ومن المبادرات المبتكرة في هذا القطاع إنشاء المدن الزراعية كمناطق اقتصادية متكاملة، التي تستقطب رواد الأعمال والمستثمرين، وتشجع المواطنين على الانخراط في الأنشطة الزراعية والغذائية، ضمن جهود عُمان المستمرة لتعزيز الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي.
ولمناقشة الواقع الحالي والفرص المتاحة في الأمن الغذائي، نظمت غرفة تجارة وصناعة عُمان، ممثلة بلجنة الأمن الغذائي، ندوة متخصصة في 2 ديسمبر الجاري، لاستعراض واقع قطاع الأمن الغذائي وآفاقه المستقبلية، مع التركيز على أبرز التحديات والفرص التي يتيحها القطاع.
وتهدف الندوة إلى دعم جهود السلطنة في تحقيق الأمن الغذائي المستدام من خلال تطوير استراتيجيات مبتكرة، وتشجيع التعاون بين القطاعين العام والخاص لتعزيز الإنتاج المحلي، ومواجهة التحديات المناخية والاقتصادية التي تؤثر على هذا القطاع الحيوي.
وشهد الإنتاج الزراعي نمواً مطرداً، حيث ارتفع من 3.17 مليون طن في 2021 إلى 3.69 مليون طن في 2023.
كما زادت المزارع الإرشادية بنسبة كبيرة، مع ارتفاع إنتاج الخضروات من 1.075 مليون طن إلى 1.222 مليون طن، وإنتاج القمح من 3,542 طناً إلى 7,892 طناً في نفس الفترة، بدعم مالي مباشر من الحكومة بقيمة 13 مليون دولار.
وتشير التقديرات إلى تجاوز إنتاج القمح 11 ألف طن في موسم 2023/2024، وهو ما يعزز مكانة المحصول ضمن خطط الأمن الغذائي الوطني.
وافتتحت السلطنة أيضاً عدداً من المشاريع المتخصصة في إنتاج اللحوم والدواجن، وبدأت تنفيذ مدن زراعية جديدة في النجد وصحم، مع التركيز على مواجهة التحديات العالمية مثل الأزمات المناخية وجائحة كورونا، وشغّلت صوامع لتخزين الحبوب في ميناء صحار بطاقة تخزينية بلغت 160 ألف طن.
إلى جانب ذلك، أعلنت الحكومة دمج أنشطة شركتين في قطاع الغذاء، وتوسعت الشركات العاملة في هذا القطاع بمشروعات جديدة، مثل مركز الصناعات الغذائية في مدينة خزائن الاقتصادية.
وضمن جهود تطوير القطاع، بدأت السلطنة مشروع التحول الرقمي في خدمات وزارة الثروة الزراعية والسمكية لتحسين الأداء وتعزيز الكفاءة.
وجرى تطوير منظومة التسويق عبر إنشاء منصات رقمية وأسواق جديدة بتكلفة تجاوزت 26 مليون دولار، مثل سوق سلال المركزي في مدينة خزائن.
وأسهمت الجهود المبذولة في تنظيم مختبرات الأمن الغذائي، مثل المختبر الرابع في 2024، بتقديم مبادرات مبتكرة لرفع نسب الاكتفاء الذاتي وتعزيز الصناعات الغذائية.
وشملت هذه الجهود المحاصيل التي تعاني نقص الاكتفاء، مثل البصل والثوم والبطاطس، والاستزراع السمكي ومشاريع المياه، مما يعزز تنافسية المنتج المحلي ويوفر فرصاً وظيفية واسعة للمواطنين.
وتستمر عُمان بخطى ثابتة في تعزيز الأمن الغذائي، ودعم الاقتصاد الوطني، ورفع كفاءة الإنتاج الزراعي والسمكي لتحقيق رؤية شاملة للتنمية المستدامة.
جهود متواصلة
ويؤكد الباحث الدكتور حبيب الهادي، أن هناك اهتماماً كبيراً لدى حكومة سلطنة عُمان لإسهام القطاع الزراعي والثروة الحيوانية في صالح تحقيق الأمن الغذائي، ودعم رؤية السلطنة 2040، بهدف تنوع مصادر الدخل الوطني.
ويبين لـ”الخليج أونلاين” أنه رغم وقوع السلطنة في مناطق جافة، لكنها تملك مقومات مهمة للاستصلاح الزراعي والقيام بنهضة زراعية وحيوانية، في ظل وجود شبكات للري، فضلاً عن موقعها على البحار.
ولفت الهادي إلى أن عُمان تمتد على ساحل بحري طويل ومناسب وغني بالثروات السمكية، فنمو هذا القطاع يساهم في إضافة قيمة للدخل الوطني والأمن الغذائي، فضلاً عن دعم خطط تنويع مصادر الدخل.
ويرى أن السلطنة بإمكانها التوسع في هذا القطاع، ليكون مصدراً بديلاً عن مصادر الطاقة كالنفط والغاز، والتي تعتمد عليها عُمان بشكل كبير لتأمين دخلها القومي.
ويضيف أن تحقيق الأمن الغذائي ينتج عنه استقرار سياسي واجتماعي، إذ أن الأمن الغذائي هو بُعد استراتيجي للدول، وكلما كانت الدولة ضعيفة في هذا الجانب فإنها تعيش في خطر وقلق.
وأشار الهادي إلى أن عُمان -رغم وجود التحديات- تعمل بجهود حثيثة في تطوير قطاع الزراعة والثروة الحيوانية، لتثمر عن نتائج جيدة، من خلال رؤية وطنية واضحة تهدف إلى تنويع مصادر الدخل.
تعزيز الأمن الغذائي
يُعد الأمن الغذائي من الدعائم الأساسية للأمن الوطني لأي دولة، إذ يتساوى في أهميته الاستراتيجية مع المجالات الأخرى مثل الجوانب الجيوسياسية والاجتماعية والسياسية والأمنية.
ووفقاً للدراسات والبحوث، يتحقق الأمن الغذائي حينما يستطيع الأفراد في أي وقت الوصول إلى إمدادات غذائية كافية، آمنة، ومغذية تلبي احتياجاتهم الصحية والغذائية.
وحققت سلطنة عُمان تقدماً ملحوظاً في مؤشر الأمن الغذائي العالمي لعام 2022، الذي أصدرته مجلة “ذي إيكونوميست” البريطانية، حيث احتلت المرتبة 35 عالمياً مقارنةً بالمرتبة 40 في عام 2021، وجاءت في المرتبة الثالثة بين الدول العربية.
كما أطلقت السلطنة فعاليات مختبر الأمن الغذائي لعام 2024 بتنظيم وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، وبالتعاون مع عدد من البرامج الوطنية والشركات الخاصة.
ويهدف المختبر إلى تعزيز الاستثمارات المحلية والأجنبية في قطاعات الأمن الغذائي ضمن رؤية عُمان 2040، إلى جانب تطوير الفرص الاستثمارية وتحقيق التحول الرقمي في هذا المجال.
ويرتكز المختبر على خمسة محاور رئيسية تشمل التحول الرقمي، التخطيط الاستراتيجي، الاستثمار، الممكنات، والمحتوى المحلي، بحسب ما أعلن مستشار وزير الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، حمود بن حمد الرشيدي.
وتركز هذه المحاور على تعزيز الكفاءة المؤسسية، دعم الاستثمارات، وتفعيل دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وأفاد مدير المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، يوسف بن محمد الريامي، بأن إجمالي الإنفاق السنوي للأسر في السلطنة بلغ 7.79 مليارات دولار عام 2023، بمتوسط إنفاق شهري بلغ نحو ألفي دولار، منها 28% تُنفق على الطعام للأسر العُمانية.
وبلغ عدد العُمانيين العاملين في القطاع الزراعي 39,655 شخصاً، بينما يعمل 22,485 شخصاً في أنشطة صيد الأسماك وتربية الأحياء المائية.
هذه الجهود تؤكد التزام سلطنة عُمان برفع كفاءة الأمن الغذائي وتطوير القطاعات المرتبطة به لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية.