الاخبار

كيف يبدو الموقف الإقليمي من تطورات الأزمة الحالية في سوريا؟

أبرز المواقف والتحركات الإقليمية بخصوص الأزمة في سوريا:

احتضان بغداد اجتماعاً يضم وزراء خارجية العراق وإيران وسوريا.

احتضان الدوحة يم غدٍ اجتماع ثلاثي يضم روسيا وتركيا وإيران.

الجامعة العربية تؤجل الاجتماع الطارئ بخصوص سوريا.

مرة أخرى، تودع منطقة الشرق الأوسط، عاماً جديداً بقنبلة كبيرة، تخلط الأوراق، وتبعثر حسابات الدول الفاعلة، فكما حصل مع طوفان الأقصى أواخر العام 2023، ها هو طوفان آخر على مقربة من “إسرائيل” أيضاً، ولكن هذه المرة في سوريا.

ففي 27 نوفمبر الماضي، أطلقت فصائل المعارضة السورية عملية مباغتة حملت اسم “ردع العدوان”، ضد النظام السوري في مناطق شمال وغرب سوريا، بالتزامن مع عملية أخرى حملت اسم “فجر الحرية”، ضد قوات سوريا الديمقراطية شرق سوريا.

وخلال أيام معدودة، ابتلعت القوات التي تديرها “إدارة العمليات العسكرية” بقيادة أبو محمد الجولاني، قائد هيئة تحرير الشام، محافظات حلب وريفها، وريف إدلب، وحماة، وتتجه حالياً نحو حمص، في ظل انهيارات كبيرة لقوات النظام.

تحولات ميدانية، أربكت الحسابات الإقليمية والدولية، وفاجأت الكثير، خصوصاً حلفاء النظام السوري وخصومه، وفرضت كما يبدو خارطة جديدة للنفوذ في هذ البلد، بعد 13 عاماً من الثورة.

تطورات ميدانية

سريعاً انهارت دفاعات جيش النظام السوري، سريعاً، وفي غضون 8 أيام كانت فصائل المعارضة قد استولت على ثاني أكبر مدن سوريا، حلب وريفها، وريف إدلب، ثم حماة وريفها، وهم حالياً يتجهون نحو مدينة حمص وسط البلاد.

وقال وزير الدفاع في النظام السوري يوم أمس الخميس، إن وضع جيشه جيد، وأنه قام بعملية إعادة انتشار حفاظاً على الأرواح خارج مدينة حماة، واصفاً ذلك بانه “إجراء تكتيكي”، مؤكداً ضخامة الهجوم التي تشنها فصائل المعارضة السورية.

وصباح اليوم أكدت إدارة العمليات العسكرية دخولها بشكل سلمي بعد اتفاق مع أهالي المدينة على تحييدها مع التعهد بعدم التعرض للسكان وممتلكاتهم، في حين تشير المعلومات إلى أن المعارضة تمكنت من السيطرة على أجزاء من درعا.

وتوجهت فصائل المعارضة المسلحة نحو حمص، حيث تمكنت من السيطرة على بعض القرى والبلدات في ريف المحافظة، وباتت على بعد 5 كيلومتر من المدينة في الوقت الذي رُصدت حركة نزوح من المدينة من قبل أنصار النظام السوري.

وأعلن قائد غرفة العمليات العسكرية، أبو محمد الجولاني، أن هدف العملية العسكرية الحالية، هو إسقاط نظام بشار الأسد، وإقام نظام حكم مؤسساتي.

الموقف العراقي

وحتى اللحظة، لا يزال الموقف العراقي محايداً مما يحدث في سوريا، وقال فادي الشمري المستشار السياسي لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يوم أمس الخميس في تصريح لقناة “الحدث” السعودية، إن الموقف الرسمي العراقي “ينص على عدم التدخل العسكري في سوريا، وتدعو لمنع تدخلات جميع الأطراف في الشأن السوري”.

وسابقاً حذر رئيس وزراء قطر من تداعيات الأحداث في سوريا، في الوقت الذي تداولت وسائل إعلام عراقية، أنباء عن إرسال الحكومة العراقية قوات لتأمين الحدود بين العراق وسوريا.

ويوم أمس نقلت وسائل إعلام عربية وعراقية، أنباء عن طلب الرئيس السوري بشار الأسد من رئيس وزراء العراق، بتقديم دعم لدمشق لمواجهة فصائل المعارضة، إلا أن مصادر عراقية أكدت وجود خلافات حول الاستجابة لهذه المطالب.

الموقف العربي

هذه التطورات تأتي في وقت أعلنت فيه الجامعة العربية تأجيل الاجتماع الطارئ الذي تمت الدعوة إليه، لبحث الوضع في سوريا، إلى وقت لاحق، دون معرفة الأسباب.

وشهدت الأيام الماضية محاولات إقليمية واسعة لفهم ما يحدث في سوريا، بينما سادت البيانات الرسمية للحكومات تأكيدات عامة على دعم وحدة الشعب السوري، ودعوات واسعة للحوار وانتهاج الطرق السلمية للوصول إلى حل سلمي للصراع.

فالحكومة المصرية أكدت دعمها للدولة السورية في مواجهة الإرهاب، خلال اتصال أجراه وزير الخارجية المصري مع نظيره السوري، في حين أكد الرئيس الإماراتي محمد بن زايد في اتصال هاتفي اجراه السبت الماضي مع رئيس النظام السوري دعم أبوظبي لدمشق في محاربة الإرهاب.

كذلك أكدت سلطنة عُمان دعمها للحكومة السورية، مع التأكيد على ضرورة الحل السلمي للصراع، وهو ذات الموقف الذي أبدته الخارجية الأردنية، بينما ذهبت الجزائر لتأييد الحكومة السورية بشكل مطلق.

ولم يتطرق اجتماع قادة دول مجلس التعاون الخليجي في 1 ديسمبر، لمجريات الأحداث في سوريا، في محاولة لانتظار الصورة حتى تتضح بشكل كامل، فيما لا تزال السعودية والكويت والبحرين تلتزمان الصمت إزاء ما يحدث.

الموقف القطري

ودعت قطر يوم الـ4 من ديسمبر إلى خفض التصعيد فوراً وإيجاد حل سياسي شامل للأزمة السورية، من أجل غنهاء معاناة الشعب السوري.

جاء ذلك على لسان المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، والذي أكد أن بلاده تتابع بقلق بالغ الأوضاع الأخيرة في سوريا، لافتاً إلى أن قطر تعمل مع الشركاء لوقف الحرب في الدولة العربية.

ومن المتوقع أن تحتضن العاصمة القطرية الدوحة، يوم غدٍ السبت، اجتماعاً ثلاثياً يضم وزراء خارجية تركيا وإيران وروسيا لمناقشة التطورات في الأراضي السورية، كما سيتم مناقشة ملف سوريا خلال منتدى الدوحة المنعقد حالياً.

وأكد مصدر دبلوماسي تركي لوكالة “رويترز” هذا الاجتماع، بعد إعلان وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي، يوم الإثنين، أن وزراء خارجية الدول الثلاث سيجتمعون في الدوحة، في إطار عملية أستانا يومي 7 و8 ديسمبر، على هامش منتدى الدوحة 2024.

تركيا وإيران

وحين الحديث عن تطورات المشهد في سوريا يحضر الموقفان التركي والإيراني، وهما على النقيض تماماً في التعاطي مع المشهد، فتركيا ترى أن المعارك الحالية، هي نتاج عدم استجابة الأسد لدعوات أنقرة المتكررة للحوار.

وجددت أنقرة دعوتها لإجراء حوار بين النظام السوري والمعارضة للوصول إلى حل يحقق للشعب السوري تطلعاته، في الوقت الذي تحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال مباحثات هاتفية مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن مرحلة جديدة يجري إدارتها بهدوء في سوريا.

وعلى النقيض من الموقف التركي، تدعم إيران موقف النظام السوري، في وجه فصائل المعارضة، لكن لم يتم حتى اللحظة رصد أي دور عسكري فاعل على الأرض لإيران أو فصائلها، بالرغم من استيلاء فصائل المعارضة على ثكنات وغرف عمليات ومواقع تابعة للحرس الثوري الإيراني.

الموقف الإسرائيلي

ولا يمكن إغفال الموقف الإسرائيلي مما يحدث في سوريا، إذ تشير التقديرات الأمنية الإسرائيلية، إلى أن ما حدث من انهيار لقوات النظام السوري لم يكن متوقعاً.

ونقل موقع “أكسيوس” الأمريكي عن مسؤولين إسرائيليين قولهم، إن “مسؤولي الاستخبارات الإسرائيلية فوجئوا بانهيار خطوط دفاع الجيش السوري بشكل أكثر من المتوقع، مشيرين إلى أن احتمال وصول الثوار إلى دمشق بات معقولاً أكثر من أي وقت مضى.

وبحسب الموقع الأمريكي، فإن “إسرائيل” أعربت لواشنطن عن قلقها من سيطرة المعارضة على سوريا، أو دخول “قوات إيرانية إضافية إلى الأراضي السورية، ما يعني نفوذاً أكبر لطهران.

عسكرياً، قام جيش الاحتلال بقصف مواقع قال إنها لنقل الأسلحة إلى لبنان، في منطقة القصير قرب الحدود السورية اللبنانية، كما تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية خلال اليومين الماضيين عن استهداف جيش الاحتلال لمواقع يُعتقد أنها تحوي أسلحة داخل سوريا، خشية أن يسيطر عليها الثوار.

روسيا والولايات المتحدة

ويوم 4 ديسمبر شهدت قاعة مجلس الأمن الدولي سجالاً بين ممثلي روسيا والولايات المتحدة، إثر الاتهامات المتبادلة بسبب الحرب في سوريا.

وحتى اللحظة لا تزال واشنطن تراقب الوضع في سوريا، مع تقديمها بعض الدعم قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، في حين أكدت أن الوضع في سوريا هو نتيجة لعدم استجابة الأسد لدعوات الحوار.

روسيا أعلنت وقوفها إلى جانب الأسد، ويبدو أن مقاتلاتها وجهت ضربات لفصائل المعارضة والمدنيين في إدلب وحلب ومناطق أخرى، لكن الحديث السائد الآن أن موسكو ربما تتجه لرفع يدها عن الأسد، وباتت تدعم مسار أستانا للخروج من الأزمة الراهنة، خصوصاً بعد أن سحبت جزء كبير من مقدراتها العسكرية من القواعد في سوريا، كما يرى مراقبون.

وفي الوقت الذي أكد رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا ميخائيل أونماخت، اليوم الجمعة، أن الاتحاد يراقب عن كثب التطورات الجارية في سوريا، لافتاً إلى أن التطورات تمثل فرصة للدفع باتجاه الحل السياسي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى