أكثر من النصف.. ثلاثية الدفاع والصحة والتعليم تقود ميزانية السعودية
– الدفاع تصدّر الإنفاق بقيمة 72.53 مليار دولار لتعزيز القدرات العسكرية وتوطين الصناعات الدفاعية.
– الصحة والتنمية الاجتماعية: 69.33 مليار دولار لتحسين جودة الحياة، وبناء مستشفيات وتوسيع الرعاية الصحية.
– التعليم: 53.6 مليار دولار لتحديث المناهج، دعم البحث العلمي، والاستثمار في التعليم التقني.
– التوازن المالي: تحقيق عجز منخفض بنسبة 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي مع نمو اقتصادي متوقع بنسبة 4.6%.
أعلنت المملكة العربية السعودية عن ميزانية عام 2025، التي تعكس رؤية مدروسة لتعزيز التنمية المستدامة وتحقيق الاستقرار الاقتصادي في مواجهة التحديات المحلية والدولية.
وتُظهر الميزانية التزاماً واضحاً بالاستثمار في القطاعات الحيوية التي تمثل ركائز رؤية المملكة 2030، مع تخصيص أكبر نسبة من الإنفاق لقطاعات الأمن والدفاع، الصحة والتنمية الاجتماعية، والتعليم.
وتمثل هذه القطاعات الثلاثة حجر الأساس لتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي للمملكة.
ويعكس التركيز على الأمن والدفاع سعي السعودية لتعزيز استقرارها الإقليمي ومواجهة التحديات الجيوسياسية، وفي الوقت ذاته، يبرز الإنفاق على الصحة والتنمية الاجتماعية حرص الحكومة على تحسين جودة الحياة للمواطنين، بينما يهدف الاستثمار في التعليم إلى إعداد جيل مؤهل يساهم في بناء اقتصاد متنوع ومستدام.
واعتمد مجلس الوزراء السعودي، أمس الثلاثاء، ميزانية العام المقبل بعجز قيمته 27 مليار دولار، بانخفاض 14.4% عن العجز المتوقع للعام الجاري.
ووفق بنود الميزانية، يتوقع أن تبلغ إيرادات العام المقبل نحو 1.184 تريليون ريال (315.13 مليار دولار)، والمصروفات نحو 1.285 تريليون ريال (342 مليار دولار).
وتشكل القطاعات الثلاثة مجتمعة نحو 742 مليار ريال (197.87 مليار دولار)، أو ما يعادل 57.7 % من إجمالي الإنفاق.
بينما يتوزع المبلغ المتبقي على قطاعات مثل التجهيزات الأساسية والنقل، والبنود العامة، والموارد الاقتصادية، والخدمات البلدية، والأمن الداخلي والإدارة العامة.
الأمن والدفاع
تصدّر قطاع الأمن والدفاع الميزانية بمخصصات بلغت 272 مليار ريال (72.53 مليار دولار)، وهي الأكبر على الإطلاق.
ويعكس هذا الاستثمار رغبة السعودية في مواجهة التحديات الجيوسياسية المتزايدة في الشرق الأوسط، وتعزيز قدراتها العسكرية والدفاعية.
وارتفع الإنفاق على الدفاع بشكل مستمر خلال السنوات الأخيرة، من 248 مليار ريال (66.13 مليار دولار) في 2023 إلى 269 مليار ريال (71.7 مليار دولار) في 2024، وصولًا إلى الرقم الحالي.
وتسعى المملكة لتوطين الصناعات العسكرية بنسبة 50% بحلول العام 2030، ولتحقيق ذلك، تم تأسيس الهيئة العامة للصناعات العسكرية بهدف جذب الاستثمارات ونقل التكنولوجيا.
ويشمل الإنفاق الدفاعي تطوير نظم التسليح والتدريب، وتحسين البنية التحتية للقوات المسلحة، بما يضمن الاستعداد للتعامل مع التوترات الإقليمية.
الصحة والتنمية الاجتماعية
احتل قطاع الصحة والتنمية الاجتماعية المرتبة الثانية من حيث حجم الإنفاق، بمخصصات بلغت 260 مليار ريال (69.33 مليار دولار).
ويُظهر هذا التركيز التزام الحكومة بتحسين جودة الحياة، وهو أحد المحاور الرئيسية لرؤية 2030.
وتتضمن بنود الانفاق في هذا القطاع بناء مستشفيات جديدة وتوسيع خدمات الرعاية الصحية لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان، إضافة لميزانيات برامج دعم الفئات الأكثر احتياجاً، وتعزيز قدرة النظام الصحي على مواجهة أي تحديات صحية مستقبلية.
وارتفعت المخصصات الصحية من 189 مليار ريال (نحو 50 مليار دولار) في 2023 إلى 214 مليار ريال (56.94 مليار دولار) في 2024، ثم إلى الرقم الحالي، مما يعكس استجابة واضحة للنمو السكاني وزيادة الطلب على الخدمات.
وتشمل المبادرات الحديثة التأمين الصحي الشامل وبرامج الصحة العامة لمكافحة الأمراض المزمنة.
التعليم
يأتي قطاع التعليم في المرتبة الثالثة، مع مخصصات بلغت 201 مليار ريال (53.6 مليار دولار)، مما يعكس إدراك الحكومة لدور التعليم في بناء مستقبل مستدام واقتصاد متنوع.
وتركز الميزانية على تحديث المناهج التعليمية لتواكب متطلبات العصر، خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي والبرمجة، كما تعمل على الاستثمار في الكليات التقنية لتوفير كوادر قادرة على تلبية احتياجات سوق العمل بالسنوات المقبلة.
وتعمل الميزانية كذلك على دعم الجامعات والمراكز البحثية لتشجيع الابتكار والبحث العلمي.
وتضمنت الميزانية خططاً لبناء مدارس جديدة وزيادة عدد المعلمين المؤهلين، والاستثمار في التعليم الإلكتروني والتعلم عن بُعد لتوسيع نطاق الوصول إلى التعليم.
لماذا هذه القطاعات؟
وفي تحليله لتركيز الميزانية على هذه القطاعات الثلاثة، يقول المحلل الاقتصادي، منير سيف الدين، إن “هناك العديد من الأسباب المنطقية لهذا التركيز”.
ويضيف سيف الدين في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “فيما يتعلق بالإنفاق الدفاعي يُعتبر تأمين المصالح الوطنية وتعزيز الاستقرار الداخلي والخارجي من أهم الأولويات، خاصة في ظل التحديات الجيوسياسية، لذلك كان منطقياً هذا الانفاق الكبير خاصة في ظل التوترات التي تمر بها المنطقة والعالم بالفترة الأخيرة”.
كما يشير إلى أن الإنفاق على الصحة والتنمية الاجتماعية يعكس التزام الحكومة بتحسين رفاهية المواطنين وتوفير بيئة صحية وآمنة، وهذا ما كان يردده ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في أكثر من خطاب خلال السنوات الماضية.
ويوضح أن الاستثمار في التعليم يُمكّن المملكة من بناء جيل قادر على قيادة التحول الاقتصادي والاجتماعي ضمن رؤية 2030، ولذلك كان هناك إنفاق مرتفع في هذا البند.
وخلال جلسة مجلس الوزراء التي عقدت، الثلاثاء، لاعتماد الميزانية، قال الأمير محمد بن سلمان، إن “ميزانية 2025 تؤكد التزام الحكومة بكل ما فيه رفعة للوطن ومنفعة للمواطن”.
وأكد ولي العهد السعودي، استمرار مساهمة الإنفاق الحكومي في تنويع الاقتصاد عبر التركيز على تمكين القطاعات الواعدة، وتعزيز جذب الاستثمارات، وتحفيز الصناعات، فضلاً عن رفع نسبة المحتوى المحلي والصادرات غير النفطية.
كما أشار إلى أن المؤشرات الإيجابية للاقتصاد السعودي تأتي امتداداً للإصلاحات المستمرة في المملكة في ظل رؤية السعودية 2030.
ولفت إلى أنه يقدر أن تسجل المملكة ثاني أسرع معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي بين الاقتصادات الكبرى في العام المقبل عند (4.6 %)، مدفوعة باستمرار ارتفاع مساهمة الأنشطة غير النفطية والتي بلغت مستوى قياسياً جديداً لها خلال العام 2024 عند (52%).
وأشار إلى أن معدل بطالة السعوديين انخفض إلى مستوى قياسي بلغ (7.1%) حتى الربع الثاني من العام الجاري وهو الأدنى تاريخياً، مقترباً من مستهدف رؤية السعودية 2030 عند (7%).
وأضاف ولي العهد، أن ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد المملكة، وهو ينمو بوتيرة متسارعة ويوجد فرصاً غير مسبوقة، من خلال المحافظة على مستويات مستدامة من الدّيْن العام واحتياطات حكومية معتبرة، إضافة إلى سياسة إنفاق مرنة تمكّنها من مواجهة التحديات والتقلبات في الاقتصاد العالمي.
وعملت السعودية منذ 2016 على خفض حصة النفط من 73 % من إجمالي الإيرادات المالية المتحققة في ذلك، لتبلغ النسبة المتوقعة هذا العام نحو 61.6 %، بحسب بيانات وزارة المالية.
ويعد خفض الاعتماد على النفط الهدف الأبرز لرؤية المملكة 2030، مقابل تنويع مصادر الدخل الأخرى القادمة من عوائد الاستثمارات والإيرادات الضريبية، وتعزيز السياحة الوافدة إلى البلاد.