“وقود المستقبل”.. ما أهداف قطر من بناء أكبر مصنع للأمونيا الزرقاء؟
– ما مميزات مشروع قطر لإنتاج الأمونيا الزرقاء؟
هو أكبر مشروع من نوعه بالعالم بقيمة 1.1 مليار دولار.
– ما الطاقة الإنتاجية المتوقعة للمشروع؟
1.2 مليون طن سنوياً من الأمونيا الزرقاء.
– ما أسباب اهتمام قطر بالهيدروجين الأزرق؟
كونه يعتمد على الغاز الطبيعي ويتماشى مع خطط خفض الكربون.
تواصل دولة قطر التي تعد أكبر مصدّر للغاز الطبيعي المسال في العالم، خططها الطموحة لدخول مضمار التنافس العالمي على إنتاج طاقة الهيدروجين بوصفه “وقود المستقبل”، وذلك ضمن استراتيجيتها لخفض الانبعاثات الكربونية.
وانسجاماً مع خططها في مجال تنويع مصادر الطاقة، دشنت قطر أولى خطوات إنشاء أكبر مصنع للأمونيا الزرقاء في العالم، وهو نوع من الوقود يمكن تحويله إلى هيدروجين من قبل الدول التي تسعى إلى تقليل انبعاثات الكربون.
ويُعد الاستثمار في الأمونيا الزرقاء وفي مرافق التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون الموسعة جزءاً من الخطوات التي تتخذها شركة “قطر للطاقة” لتنفيذ استراتيجيتها للاستدامة، التي تؤكد التزامها، كمنتج رئيسي، بالإنتاج المسؤول للطاقة النظيفة وبأسعار معقولة لتسهيل الانتقال إلى طاقة منخفضة الكربون.
تدشين رسمي
بعد نحو عامين من توقيع اتفاقيات بناء المشروع، شهدت دولة قطر الثلاثاء (26 نوفمبر 2024) وضع حجر الأساس لأكبر مصنع أمونيا زرقاء في العالم، وذلك برعاية أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
ووضع نائب أمير قطر الشيخ عبد الله بن حمد آل ثاني، حجر الأساس للمشروع العملاق، والذي وسيمثل علامة فارقة مهمة في استراتيجية الدوحة للتوسع بقطاع الطاقة النظيفة من خلال إنتاج الأمونيا منخفضة الكثافة الكربونية.
ويقول وزير الطاقة القطري، سعد الكعبي، إن المنشأة تتكون من وحدة إنتاج بطاقة تبلغ 1.2 مليون طن سنوياً من الأمونيا، موضحاً أن شركة “قطر للطاقة” ستعمل على توفير أكثر من 35 ميغاواط من الكهرباء لمصنع الأمونيا الزرقاء في مدينة مسيعيد، وذلك من محطة الطاقة الشمسية التي تُنشَأ حالياً في المدينة الصناعية.
وأضاف: “لا شك أن هذه المنشأة ستعزز من قدراتنا على تزويد العالم بمنتجات منخفضة الكربون، بما يتفق مع التوجه العالمي لخفض الانبعاثات الكربونية”.
ويشتمل أكبر مصنع أمونيا زرقاء في قطر على وحدة لحقن وتخزين ثاني أكسيد الكربون بطاقة تبلغ 1.5 مليون طن سنوياً، وفق تصريحات الوزير، وبقيمة تقدر بنحو 1.2 مليار دولار.
وأشار وزير الطاقة القطري، الرئيس التنفيذي لشركة “قطر للطاقة”، إلى أن بناء أكبر مصنع أمونيا زرقاء في البلاد سيتمّ بالاعتماد على قدرات البلاد وخبراتها في إنشاء وتشغيل مصانع الأمونيا المستعملة لإنتاج الأسمدة.
اتفاقيات سابقة
بدأت أولى خطوة في هذا المشروع في الـ31 أغسطس 2022، باتفاقيات وقعتها كل من شركة “قطر للطاقة للحلول المتجددة” وشركة قطر للأسمدة الكيماوية (قافكو)، وهما شركتان تابعتان لـ”قطر للطاقة”، بهدف بناء مشروع (الأمونيا-7)، بقيمة 1.1 مليار دولار، فيما من المتوقع أن يدخل طور الإنتاج في الربع الأول من العام 2026.
ويومها تم إرساء عقد الهندسة والتوريد والإنشاء على تحالف من شركة “تيسن- كروب” وشركة اتحاد المقاولين (CCC).
ومن المتوقع أن يسهم المشروع في تعزيز مكانة الدوحة العالمية بمجال الطاقة النظيفة والمتجددة.
وبموجب بنود الاتفاقيات الموقعة ستعمل “قطر للطاقة للحلول المتجددة” على تطوير وإدارة مرافق التقاط وتخزين الكربون المتكاملة والقادرة على التقاط وتخزين حوالي 1.5 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وتوفير أكثر من 35 ميغاوات للمصنع من الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية من المحطة التي يتم إنشاؤها حالياً في مدينة مسيعيد الصناعية.
أهمية الأمونيا
يتم الإنتاج حين التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون الناتج أثناء الإنتاج التقليدي للأمونيا، ويمكن بعد ذلك استخدام الأمونيا الزرقاء، والتي يمكن نقلها باستخدام السفن التقليدية، في محطات الطاقة لإنتاج كهرباء منخفضة الكربون.
ويعتبر الاستثمار في الأمونيا الزرقاء ومرافق التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون الموسعة جزءاً من الخطوات التي تتخذها “قطر للطاقة” لتنفيذ استراتيجيتها للاستدامة.
وتحدد الاستراتيجية مبادرات متعددة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومن ضمن ذلك مشاريع رائدة للتوسع في استخدام تكنولوجيا التقاط الكربون وتخزينه لالتقاط أكثر من 11 مليون طن سنوياً من ثاني أكسيد الكربون في قطر بحلول عام 2035.
اتفاقيات مختلفة
كانت “قطر للطاقة” قد أعلنت، في أكتوبر 2021، توقيع اتفاقية مع شركة “رويال داتش شل” البريطانية، للاستثمار المشترك في مشاريع الهيدروجين الأزرق والأخضر بالمملكة المتحدة.
وأكدت “قطر للطاقة” في بيان لها، آنذاك، أن الاتفاقية تهدف إلى التعاون في توجيه الجهود نحو قطاعات رئيسة كالهيدروجين، الذي يدعم حلول إزالة الكربون، خاصة في التجمعات الصناعية وفي قطاع النقل.
وستعمل الاتفاقية على استغلال قدرة الطرفين على تقديم مشاريع طاقة كبيرة ومعقدة تقنياً.
وأكد وزير الطاقة سعد الكعبي، وقتها، أن الاتفاقية تخلق مساراً قابلاً لتطبيق للابتكارات والاستثمارات في أنواع وتقنيات الوقود منخفض الكربون، لافتاً إلى أن هذه الاتفاقية “تؤكد التزام قطر للطاقة تسهيل الوصول الموثوق إلى طاقة أنظف حول العالم”.
بدوره، أشار بن فان بيوردن، الرئيس التنفيذي لشركة “رويال داتش شل”، إلى أن الهيدروجين سيكون له دور حاسم في الوصول إلى اقتصاد صفري الانبعاثات.
وتعمل المملكة المتحدة على دفع الاتحاد الأوروبي نحو اقتصاد الهيدروجين، وتقدّر لجنة تغير المناخ البريطانية أنه بحلول عام 2050، سيكون 80% من الهيدروجين المستهلك في البلاد من النوع الأزرق.
اهتمام قطري
يعود اهتمام قطر بتصنيع الهيدروجين الأزرق إلى الغاز الطبيعي باعتباره المادة الخام المستخدمة لإنتاجه، حيث يتم احتجاز ثاني أكسيد الكربون بباطن الأرض في مغاور ملحية أو آبار النفط والغاز القديمة.
ترجع صحيفة “الطاقة” السعودية وجود تركيز على الهيدروجين الأزرق حالياً، لكونه سهل الاستخراج، وتقنية الاحتجاز والتخزين موجودة أيضاً، وهو بذلك “قد يفي بالمتطلبات الاقتصادية والبيئية في الوقت نفسه”.
ويرى خبير الهيدروجين في منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول “أوابك”، وائل عبدالمعطي، أن كلاً من الهيدروجين والغاز الطبيعي سيكونان عنصرين يكمل أحدهما الآخر، مع الإشارة إلى وجود دراسات تؤكد أن استخدام خليط من الهيدروجين والغاز يقلل الانبعاثات.
كما تسعى الدوحة إلى تحقيق الحياد الكربوني، من خلال اعتماد الهيدروجين الذي يدعم حلول إزالة الكربون، خاصة في التجمعات الصناعية وفي قطاع النقل والطاقة.
بديل مناسب
يقول الباحث الاقتصادي عبد الرحيم الهور: إن “خريطة الطاقة العالمية في صدد التغير السريع، وتلقي بظلالها على كافة أنواع الصناعات، سواء المعتمدة على الطاقة في التشغيل مثل السيارات والمصانع، أو حتى السلع المكملة اللوجستية المستفيدة من مصادر الطاقة المتجددة”.
ويتابع “الهور” حديثه لـ”الخليج أونلاين” فيذكر أن خطوة الحكومة القطرية إنشاء مصنع الأمونيا الزرقاء بتكلفة تتجاوز المليار دولار، تأتي لأنها تعد مصدراً متحولاً للوقود الهيدروجيني.
وبالحديث عن الهيدروجين كوقود فيبين الهور أنه لابد من التذكير بأنه وقود صديق للبيئة ولا يحدث استخدامه انبعاثات كربونية، لافتاً إلى أن أسواق استخدام الوقود الهيدروجيني هي أسواق ناشئة، ومن ثم سيزداد الطلب على هذا الوقود بشكل متسارع خلال السنوات القليلة المقبلة.
ويعتقد المتحدث أن الهيدروجين سيكون أحد أهم البدائل للوقود الأحفوري في المستقبل القريب.
ويؤكد الباحث الاقتصادي أن افتتاح مصنع الأمونيا الزرقاء في قطر يأتي ضمن حزمة إجراءات شمولية في التحول إلى الطاقة النظيفة خلال الفترة المقبلة، وسيكون لذلك انعكاسات ليس فقط على الدولة الخليجية وإنما على الإقليم والعالم من ناحية الوفرة والسعر والفاعلية والصناعات المساندة والانبعاثات الكربونية ولحماية البيئة.